«حماس» تحذّر من أضرار وقف
مساعدات «الأونروا» على لبنان
أبو مرزوق
لـ«السفير»: عين الحلوة في خطر شديد

السبت، 04 تموز، 2015
يهيمن هاجس اللجوء
الفلسطيني في لبنان على مهمة مسؤول مكتب العلاقات السياسية في حركة «حماس» الدكتور
موسى أبو مرزوق، الذي زار بيروت قبل أيام.
يخشى الفلسطينيون
بشدة على هذا الوجود من الانغماس في مخطط يعد لتوريط الساحة الفلسطينية، انطلاقا من
المخيمات، بما يخرج اللاجئين عن هدفهم الأول في العودة الى ديارهم في بلدهم الام. وفي
ظل العواصف المذهبية الدموية في المنطقة، يبدو بعض الفلسطينيين هدفا هشا، سهل الانقياد
الى تيارات هدفها تصفية حسابات مذهبية أو تخريب الساحة اللبنانية التي لا تزال محيّدة
عن تداعيات المنطقة.
ما يبعث على القلق
مؤخراً يتمثل في التخفيض المستمر لوكالة غوث اللاجئين «الأونروا» لمساعداتها الى اللاجئين،
في ظل مخاوف جدية من نية تلك الوكالة لوقف مساعداتها نهائيا، بينما تبدو الدول العربية
وكأنها هي الأخرى في صدد التخلص من هذا العبء المالي تجاه اللاجئين.
وفي ظل الخشية من
ان يضرب هذا الامر قضية اللاجئين برمتها، يطلب الفلسطينيون من لبنان التحرك على هذا
الصعيد، كونه سيتأثر بشدة من تراجع الحالة الاجتماعية للفلسطينيين على أراضيه، بينما
يشير البعض الى «لا مبالاة أو عجز» لبناني امام هذا الواقع.
ذلك كان الهدف الأساس
من جولة أبو مرزوق على المسؤولين الرسميين اللبنانيين، وهو يلفت النظر في حديث الى
«السفير»، الى مسؤولية لبنانية حيال هذا الموضوع، كون اللاجئين يشكلون ظاهرة متواجدة
على أراضيه، تمتد على مساحات مختلفة عليها، وعلى الحكومة اللبنانية ان تشرع في حوار
ثنائي مع الفلسطينيين، لا يلغي الحوار الفلسطيني الداخلي، لصياغة علاقة صحية مع العامل
الفلسطيني وتوفير حقوقه المدنية، «اذ لا يعقل ان يحصل اللاجئ الأجنبي على حقوق منكرة
على الفلسطيني».
ويشدد على ان على
لبنان اثارة موضوع مساعدات «الأونروا» مع الدول المعنية، خاصة ان توقف المساعدات قد
يؤدي بالبعض الى أحضان جماعات عنفية تهدف الى الاخلال بالنسيج اللبناني الداخلي الذي
يجب على الفلسطيني الاندماج فيه. ويستطيع لبنان المساهمة في إعادة «الأونروا» النظر
في هيكلتها الإدارية في سبيل موازنة مالية اكثر فاعلية، تفيد قضية اللاجئين في لبنان
الذي يبدو معنيا بها كما الشعب الفلسطيني.
إذا، يتمثل الهاجس
الأول بالنسبة الى «حماس» في كيفية الحفاظ على بوصلة الساحة الفلسطينية في لبنان في
ظل السعار المذهبي في المنطقة. ولكن واقع اكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان، عين الحلوة،
يطرح التساؤلات حول المآل الذاهب اليه، خاصة مع بروز حراك سلفي مقلق.
يعول أبو مرزوق على
اللجنة الأمنية المشتركة التي «أنشئت بترحيب من لبنان، في المخيم، وقامت بأعمال جيدة،
وعلى رأسها تأمين الاستقرار». ويؤكد ان «أي خلاف في المخيمات يجب ان يحل على طاولة
التفاوض، وان كان بطريقة عشائرية، وليس عبر السلاح، خاصة ان عين الحلوة في خطر شديد
نتيجة ضيق مساحته واكتظاظه بالسكان، في ظل مخطط مقصود لاشعال النار، قد ينقله الى مخيمات
أخرى، خاصة في الجنوب».
في اللقاء مع أبو
مرزوق، المستقر في الأراضي المصرية برغم الخلاف العميق مع القاهرة، لا يمكن الا مقاربة
المشهد المصري القلق جراء تفشي الجماعات التكفيرية المختلفة، اذ كان آخر فصول ذلك المشهد
المعركة الدموية في سيناء.
والواقع ان تنظيم
«داعش» بات على عراك حتى مع «حماس» في غزة، وهو ارسل اليها تهديدا أخيرا بالانقلاب
عليها في القطاع! ويلفت أبو مرزوق النظر الى ان المشهد في سيناء يتصل بوجود قطاع غزة
الذي تشكل سيناء المنفذ الوحيد له الى العالم الخارجي. وهو يشدد على وقوف الحركة وراء
الامن القومي المصري لأهميته لفلسطين والعرب. ويؤكد ان معالجة المشاكل لا تتم عبر العنف
المسلح المستنكر بشكل كلي. ويقول، في إشارة الى المشكلات القائمة في البلدان العربية،
ان على الجميع في الأقطار العربية التحلي بالمسؤولية والتوصل الى حل سياسي.
وفي تناوله لظاهرة
«داعش»، يقول ان التطرف عموما هو نتاج طبيعي للظلم القائم او لتطرف معين، من دون ان
يعني ذلك القبول بتلك الظاهرة المرفوضة، ولكن التعامل معها يجب ان يتم بأسلوب شامل
وقبل تفشيها، بل من بداية انتشارها. ويجب ان تجري الأنظمة العربية مراجعة للواقع الاجتماعي
فيها، وان تبدي تسامحا اكبر وقبولا بالآخر، وان تقوم بترسيخ الديموقراطية، لكن ذلك
لا يعني ان العنف من قبل أي كان لا يجب ان يقابل بعنف مثله للقضاء عليه، كما حدث في
غزة عندما تمرد «داعش» على القانون، لكنه يطمئن الى ان الأمور «منضبطة» في القطاع.
ويشير أبو مرزوق
الى ان واقع العلاقة مع مصر شهد تحسنا في الفترة الأخيرة، بسبب الوعي المتبادل لأهمية
تلك العلاقة للطرفين. «حماس» موجودة ولا يمكن حذف القطاع من الجغرافيا، كما ان مصر
هي اكثر من ضرورة وتشكل الطريق الوحيد الى العالم»، ويضيف أبو مرزوق: «احتفظنا منذ
البداية بموقف إيجابي من مصر، وقد افتقدت الاتهامات ضدنا الأسس الصحيحة»، مشددا على
ان القاهرة لم تعد تنظر الى «حماس» من منظار حركة «الإخوان المسلمين» أو من منظار الإرهاب
أو الاضطرابات الأمنية، بل من باب الشراكة. ويلفت النظر الى إشارات مصرية عدة على هذا
التقارب، مثل تخفيف الهجوم الإعلامي على الحركة وإدخال مواد البناء الى غزة أو فتح
معبر رفح طويلا.. ويؤكد ان كل الاشارات الإيجابية ستقابل بمثلها.
لتحسن واقع العلاقة
مع مصر مدلول إيجابي لـ«حماس»، وهو يأتي بعد تحسن طرأ أيضا على العلاقة مع السعودية،
وان كان ذلك لا يعني ان «حماس» دخلت في محور موحد مع هاتين الدولتين، اذ ان الطريق
لا يزال طويلا ومرحلة بناء الثقة تتطلب عملا شاقا. لكن الحركة تريد الانطلاق في تحسين
علاقاتها العربية من واقع فلسطيني موحد، غير مؤكد اليوم بعد الخلاف بين الحركة والسلطة
الفلسطينية حول تعديل وزاري تريده السلطة، وترفضه «حماس».
ويشير أبو مرزوق
الى ان أي تغيير وزاري يجب ان يتم بالتوافق مع الحركة ومع المجموع الوطني الفلسطيني،
وهو اذا حصل، لن يتم التعامل معه. ويؤكد ان الحكومة فشلت ويجب تغييرها بالكامل في سبيل
حكومة وحدة وطنية تنفذ اتفاقية المصالحة التي لم تنفذ حتى الآن. ويقول انه لا بد ان
تقوم أي حكومة جديدة بتوحيد المؤسسات وحل مشكلة الموظفين والتصدي لموضوع إعادة الاعمار
وإجراء الانتخابات ورعاية المصالحة المجتمعية.. «وهي مسائل فشلت الحكومة الفلسطينية
فيها».
المصدر: السفير