القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأربعاء 18 حزيران 2025

أن تكون فلسطينياً

أن تكون فلسطينياً


الخميس، 13 حزيران، 2013

يغلب، منذ التسعينيات تقريباً، البعد الإنساني والحقوقي في النظر إلى فلسطينيي لبنان بعد غياب فعاليتهم العسكرية. برز، والحال هذه، عندهم شكل مقفل للعيش. وهو آخر حصارهم بـ«القضية» و«حق العودة» الذي يبدو في حالة فلسطينيي لبنان معكوساً عليهم. كأنه، في اعتباره معنى وحيداً لعيشهم، أداة قهرهم. ليس هذا بعيداً مما يعرضه سامر مناع في كتابه التسجيلي «أن تكون فلسطينياً في لبنان!» (دار نلسن)، والذي يوقّعه اليوم بين الخامسة والسابعة مساءً في قصر الأونيسكو. فهذه «القصص القصيرة والمشاهدات» لا تعرض غير هذا النقص في أبسط الحقوق اليومية.

هكذا، يظهر المخيم مكاناً يفتقر إلى الحد الأدنى من المقومات. لكن الناس المستنطقين والمعروضة شهاداتهم كأنهم استوعبوا عزلتهم بذاكرتهم. لذا، لا تغيب عن قصصهم فلسطين وعيش أهلهم فيها والتماس مع أرضها في المناسبات الوطنية. لكنهم فوق هذا لا يتنازلون عن همومهم اليومية.

والغربة هي الجامع المشترك بين وجوه أبناء المخيم. إذ ان الناس ليسوا فحسب في غير أرضهم، لكنهم أيضاً منذ هجرتهم الأولى لم يثبتوا في استقرار. هكذا، لا يملكون بيوتهم، لاستثنائهم قانونياً من التملك، ولا يحق لهم ترميمها لأن مواد البناء ممنوعة عنهم. ومفوضية شؤون اللاجئين «الأونروا»، التي يجب أن تهتم بهذه المسائل، عاجزة أو متقاعسة. وهي في مسألة التعليم مقصرة، إذ إنها تعتمد على «الترسيب أو الغربلة» لطلاب المرحلة الثانوية من أجل زيادة نسبة النجاح في الامتحانات الرسمية. عدا فشلها في ملاءمة مع التغيرات التي طرأت على المنهاج اللبناني، الذي في أساسه يغرب الطالب الفلسطيني عن «هويته». والتعليم، الذي كان عند الفلسطينيين أداة حراك اجتماعي، تحول في لبنان إلى لزوم ما لا يلزم. إذ ان المجتمع (المخيم) لا يستوعب بذاته غير الحرفيين. والقوانين اللبنانية لا تتيح لغير اللبنانيين، منذ عشر سنوات، العمل في مهن كالطب والهندسة والصيدلة والمحاماة. هكذا، نتعرف إلى محام فلسطيني يعمل في محطة بنزين وطبيبة فضلت أن تستكمل عمل والدها الخضرجي.

ثم ان ارتفاع نسبة البطالة في المخيمات التي تصل إلى 60 في المئة، والحصار الأمني أحياناً وصعوبة الحصول على الأوراق الرسمية وغياب الضمانات الصحية، تدفع كثيراً من الشبان إلى الهجرة. وهو ما يجعل الشتات مضاعفاً. لكنه أيضاً يجبر فتياناً صغاراً على العمل أو السرقة لمساعدة أهلهم ثم انحرافهم، بعد دخولهم المتكرر إلى سجون لا تراعي أعمارهم. لكن لا تخلو يوميات المخيم من محاولات عيش. هكذا، يتداخل الديني بالسياسي بالفني أو الترفيهي، بقليل من السخرية، ليصنع حياة تمرر البؤس.

المصدر: السفير