القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

أهالي "برج الشمالي": دمرنا مجموعة من الدبابات وقتلنا وأسرنا جنوداً للعدو

أهالي "برج الشمالي": دمرنا مجموعة من الدبابات وقتلنا وأسرنا جنوداً للعدو


الجمعة، 17 حزيران، 2016

تحمل ذكريات الإجتياح الصهيوني للبنان العام 1982، الكثير من الفصول المأساوية، لكنها أيضاً تنطوي على صفحات من البطولة كادت أن تنسى نتيجة الظروف والمعاناة التي تلت ذلك.

مخيم برج الشمالي في جنوب لبنان، عاش أياماً صعبة في تلك المرحلة، مازال الأحياء يستعيدون صورها بأدق التفاصيل، وتحديداً في 6-6-1982، حيث طوق العدو المخيم بعد قصف عنيف، وعندما توهم أن كل شيء بات هادئاً، انطلقت قذائف الفدائيين وصواريخهم لتحصد مجموعة من الدبابات وتقتل وتأسر عدداً من الجنود، وفي المقابل دفع المخيم ضريبة باهظة سقط بموجبها عشرات الشهداء جلهم من الأطفال والنساء والشيوخ.

"وكالة القدس للأنباء"، حاورت بعض قادة المقاومة والمواطنين الذين شهدوا وقائع تلك الأحداث، فرووا قصصاً وحكايات مثيرة، أجمعت على أن المخيم رغم حصاره وقصفه وعنف وإرهاب العدو، صمد وقاوم وأثخن جيش العدو بالجراح.

تفاصيل حول المواجهة

يروي لنا أحد الضباط الفدائيين مجريات الإجتياح فيقول:" في ذلك الوقت لم نكن جاهزين للحرب بالرغم من تسلحنا، كان الوقت ظهراً حسب ما أذكر، وإذ بنا نسمع صوت هدير مرتفع، وظن الناس أنه صادر عن الجيش اللبناني. أخذ الصوت بالارتفاع ولم نستطع تحديد الإتجاه لأنه من أماكن مختلفة، حينها ذهبت لأتأكد أنا ومجموعة من الشباب، فاتجهنا نحو الملعب البلدي " الخزان" أي الطرف القريب من مدرسة فلسطين، وإذ بأرتال من الدبابات ترفرف فوقها الأعلام الاسرائيلية. انقسمت هذه الأرتال إلى فرق، وكل فرقة مؤلفة من 40 دبابة، كنا نراقبهم بصمت مع أننا نحمل السلاح، لكن المواجهة تحتاج إلى قرار من القيادة. ذهبنا وتواصلنا مع القيادة فأجابوا " نفس المعلومات التي لديكم لدينا" وعلمنا وقتها بأن دبابات العدو حاصرت المنطقة بأكثر من تجاه، وهي متواجدة بالقرب من مدخل المخيم، حينها عممنا على الأهالي أن القوات الإسرائيلية تجتاح المنطقة لأنهم لم يكونوا على علم بعد، ثم قطعت خطوط الإرسال، وللحصول على معلومات أصبح يستلزم إرسال شخص، لذا أصبح كل مسؤول موقع هو صاحب القرار. وكنت أنا مسؤول الموقع، ذهبنا إلى أماكننا أنا ومن معي وكان مجهز مسبقاً بخندق حيث تمركزنا، وصلت حوالي 6 دبابات بجانب عامود الكهرباء في حي الذوق وكان معنا 10 أر.بي. جي، طلبت من كل واحد أن يأخد دبابة وله حرية إختيار توقيت ضربها، وتم تدمير الدبابات المتواجدة ( 6 دبابات). وبعدها أرادوا سحبها ما استدعى توافد دبابات جديدة وقمنا بفعل ما فعلناه أول مرة وعممت عليهم بعد ضرب القدائف الهروب مباشرة واستطعنا تدمير 5 أو 6 دبابات، وثم حل المساء فتوقف توافد الدبابات لأنهم كانوا يحسبون حساباً لقذائفنا. في اليوم التالي بدأت قوات العدو تنادي بالمكرفونات من البرج "عليكم تسليم أنفسكم لجيش الدفاع الإسرائيلي قبل الساعة 3 عصراً"، وكانت الساعة حينها حوالي 2:15، وفي تمام الساعة 3 قصف المخيم من حي الذوق إلى حي المغاربة وكأن زلزالاً ضربها والناس متواجدة في الملاجئ أو مهجرة".

تحدث بألم وحسرة وكأن الذكريات فتحت له نوافذ ومشاهد قاسية من تلك الحقبة، بخاصة أنه فقد شقيقه، تارة يقولون أنه مفقود وتارة أخرى يعتبرونه شهيداً، كذلك خسر ولده الصغير على يد الصهاينة قبل انسحابهم بـ 3 شهور.

إستشاد مئة مدني في الملاجئ

أما من غرفة العمليات فتقص علينا إحدى المناضلات ما جرى : " لم أكن من سكان المخيم في ذلك الوقت، وكنت في كتيبة الجرمق، حيث طلب بلال قائد المعارك في المخيم من كتيبتي عامل لاسلكي، وبعد قدومي ب 3 أيام تم اجتياح المخيم. قبل اجتياحه أسر الفدائيون جندياً صهيونياً، وأسمه فرادي حين تواجدي، وبعدها بدأ العدو يتجه إلى التصعيد ويلقي المناشير "سلم تسلم" . لم يسلم أحد من الأهالي نفسه، لذا رمى العدو قنابل فوسفورية، حينها أرسل بلال إلى الشيخ حمود بأن يخرج ووراءه الناس لتسليم أنفسهم ، ليخرج الفدائيين ومعهم الأسير متجهين إلى صيدا وعدت إلى منزلي".

ويحكي الأستاذ عبد السلام بعض الأحداث التي يتذكرها فيشير إلى أن "الحرب بدأت نهار الأحد حيث تركز القصف على المخيم، والملاجئ قصفت حيث تواجد المدنيون. وخلال قصف ملجأ الحولة استشهد ما يقارب 100 شخص وكلها من العائلات، وفي ملجأ الديمقراطية استشهد 22 شخصاً وفي المغارة 52 شهيداً وبحي المغاربة 6 أو 5 أشخاص. "

الفدائيون يأسرون جنوداً صهاينة

وأضاف:"أول اشتباك مع العدو حدث بالقرب من المشروع" قريب من مدخل المخيم"، حيث تواجدت مجموعة من شباب الديمقراطية وقد استشهدوا جميعاً. وبعد وصول الدبابات الإسرائيلية إلى مدخل المخيم بالقرب من الهلال الأحمر الفلسطيني، تم قصف الدبابة بعد أن قفز منها الجنود حيث أسر الفدائيون 3 من الجنود، كان أحدهم قد تلقى إصابة في بطنه، وكان برتبة عقيد ركن وهو الذي قاد الإجتياح من الناقورة إلى خلدة، أخذه الفدائيون معهم إلى صيدا ومات على الطريق بسبب غياب العناية الطبية، فرمي ببئر، أما الإثنان الآخران ففرا أثناء اشتباكات قرب الزهراني ، حتى الجندي الذي القي بالبئر بذل العدو ما بوسعه ووجده في نهاية المطاف. وشارون جاء إلى برج الشمالي، لكنه لم يدخل المخيم، وبقي بالقرب من مدرسة جباليا."

وتحدث الأهالي الذين عاشوا مرارة القصف والاجتياح لـ"وكالة القدس للأنباء"، فأكدوا أن العدو ارتكب أبشع المجازر بحق الأبرياء، ظناً منه أنه سيكسر إرادة ومعنويات الناس، غير أن الجميع واجه الصهاينة بالصدور العارية، تحملوا وصمدوا ورفضوا الاحتلال، والفدائيون أبلوا بلاء حسناً وقاموا بواجبهم رغم عدم توازن القوى.

المصدر: القدس للأنباء