القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

اشتباكات عين الحلوة وتداعياتها السياسية بالخلافات...

اشتباكات عين الحلوة وتداعياتها السياسية بالخلافات...


الثلاثاء، 18 نيسان، 2017

لا يختلف المشهد الفلسطيني المعقد في لبنان كثيرا، عن الصورة الضبابية المتداخلة التي تسود المعادلة السياسية اللبنانية، لجهة اعداد قانون انتخابي جديد والتوافق عليه او الدخول في أزمة مفتوحة بين "التمديد المرفوض" والعودة الى قانون الستين "غير المرغوب"، بعدما تقدمت الاشتباكات الدامية في عين الحلوة بين "القوة المشتركة" وحركة "فتح" من جهة وبين مجموعة الاسلامي المتشدد بلال بدر من جهة اخرى على ما عداها من اهتمام، اذ بدأت تداعياتها السياسية والاجتماعية والانسانية تتوالى فصولا، وفي كافة الاتجاهات.

اولى تداعيات المعركة العسكرية، التي استمرت خمسة أيام وحصدت سبعة قتلى واكثر من 43 جريحا، والتي انتهت على القاعدة الجديدة القديمة "لا غالب ولا مغلوب"، الخلافات السياسية التي ظهرت بينالقوى الفلسطينيةالوطنية والاسلامية الضمنية حينا والعلنية أحيانا، والتي تركزت على اتهامات بدعم بدر ومجموعته وامداده بالسلاح والذخيرة، ما يخرق "الاتفاق الفلسطيني" الموحد وبنوده التي اعلنت من صيدا، والتي تؤكد على تفكيك حالة بدر وإنهائها ودخول "القوة الفلسطينية المشتركة" إلى حي الطيرة والإنتشار والتموضع فيه وفق مقتضيات الحاجة لحماية سكان الحي وممتلكاتهم، واعتباره عنصرا مطاردا ومطلوبا للقوة الفلسطينية المشتركة ومطلوب إعتقاله حيثما تجده، غير ان الوقائع على الارض جاءت مغايرة تماما، بقي في مربعه الامني وان اختفى او انتقل من منزل الى آخر، فيما جاء انتشار "القوة المشتركة" بالتوافق وليس بالقوة، ودون اتفاق واضح يستند اليه، ما يجعل الوضع الامني على حاله من "الهشاشة" قابلا للاشتعال عند أي حدث جديد، مكرسا "معادلة الامن بالتراضي".

قابل ذلك، اتهامات لحركة "فتح" ومسؤوليها بعجزهم عن الحسم العسكري ما دفع الى تقديم الحل السياسي، رغم الاجماع الفلسطيني-ولو شكليا، الغطاء اللبناني الواضح والحاسم، استقدام المقاتلين المدربين من المخيمات، اضافة الى "مغاوير" من "القيادة العامة" التي يرأسها احمد جبريل، و"القوة النارية" الكثيفة والتي استخدمت للمرة الاولى قذائف قوية ومنها "لانشار" الشديدة الانفجار، وان خلافاتها انعكست على ارض الميدان بعدم التنسيق وانشاء غرفة عمليات مشتركة، واعطت بدر ومجموعته "طوق نجاة" وفرصة لدعمه من قبل بعض الناشطين الاسلاميين على خلفية قناعة ومخاوف حقيقية لديهم، بان تفكيك حالة بدر والقضاء عليه هي بداية لانهاء باقي المجموعات الاسلامية المتشددة تدريجيا.

وأكدت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، ان "القوى الاسلامية" نفسها، لم تسلم بدورها من الخلافات الداخلية، بين عتب بين بعض اطرافها، الى حد التهديد بتعليق المشاركة في اجتماعاتها، والازمة مفتوحة على "الحبل على الجرار"، بعدما كشف مسؤول كبير فيها عن تناقض بين الاقوال والافعال، فيما برز دور امير الحركة الاسلامية المجاهدة الشيخ جمال خطاب اللافت في السعي لوقف اطلاق النار وتطبيق الاتفاق بصيغة "افضل الممكن" حتى لا تتجه الامور الى الدمار الكبير، مع المخاوف الجدية من امتداد الاشتباكات الى معركة كبيرة على جميع المحاور من جهة والخشية من استدراج الجوار اللبناني من جهة اخرى، بعدما بقيت محصورة بمحور واحد الطيرة –حي الصحون وجبل الحليب مفرق السوق.

معاناة ومبادرات

وثاني تداعيات المعركة العسكرية، المعاناة الانسانية التي نتجت عنها جراء حجم الاضرار الكبير في احياء "الطيرة تحديدا، ثم الصحون، رأس الاحمر والصفصاف"، حيث اظهر الكشف الاولي بان المنطقة منكوبة وقد تضرر او احترق بالكامل نحو 120 منزلا، اضافة الى اصابة نحو 80 باضرار كليا او جزئية، ناهيك عن تدمير شبكتي الكهرباء والمياه والهاتف الداخلي، والتي تقدر بنحو 5 ملايين دولار.

وابلغت مصادر فلسطينية "النشرة"، ان عدم اعلان حالة "الطوارىء الاغاثية" من قبل "الاونروا" سيطيل أمد الازمة بعد إضطرار مئات العائلات الى البقاء نازحة، فيما المطلوب اعلان خطة طوارىء تبلسم جراح الناس سريعا وسط غضب عارم على طرفي الاشتباكات، لعدم مبادرتهما لتقديم اي وعود جدية للتعويض عن الاضرار.

مقابل ذلك، ارخت بعض المبادرات الفردية والجماعية والانسانية والاخلاقية والتي انطلقت من بعض المخيمات بظلال من الارتياح، رغم ضنك العيش وقساوة الاوضاع المعيشية والفقر والعوز، حرص الكثير من ابناء المخيمات من بيروت الى الشمال والجنوب، على التبرّع وتقديم ما يستطيعون لتضميد الجراح، وخاصة في المرحلة الاولى لجهة الايواء وتأمين الاحتياجات الحياتية، تأكيدا على ان الشعب موحد والمصاب واحد في اي مخيم كان.

وشكلت مبادرات الجمعيات الاهلية الفلسطينية واللبنانية وتجمع المؤسسات الاهلية في منطقة صيدا وخاصة جمعية نبع"، التي كانت اولى المبادرين الى بلسمة جراح الناس وتأمين احتياجاتهم، فضلا عن فرق الاسعاف والاغاثة على اختلاف طواقمها، علامة فارقة في التدخل الايجابي، اضافة الى وكالة "الاونروا" وجهود مسؤوليها ومهندسيها في مسح الاضرار سريعا، وعبرت المبادرات الفردية عن اصالة الشعب، فكثير من اصحاب المحال والمؤسسات عرضوا خدماتهم اما مجانا او البيع برأس المال اي سعر التكلفة دون ارباح، والبعض زاد عليها التقسيط، فيما الاجمل كان في تقديم منازل للسكن المؤقت لمدة شهرين او ثلاثة او اربعة للنازحين ريثما يكونوا قد تمكنوا من اعادة اصلاح منازلهم وشراء اثاثهم واحتياجاتهم.

وخرقت زيارة رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي الى المخيم، لتفقد الاضرار وهي الاولى لمسؤول لبناني، كل محاولة للتحريض وايقاع الفتنة، وحملت رسالة تتجاوز البعد الانساني والاغاثي الى السياسي، بان صيدا تتألم حين يصاب المخيم بجراح الاقتتال، وبان صيدا ببلديتها وقواها السياسية ستبقى حاضنة للمخيم وابنائه، وللقضية الفلسطينية، وبانها ستبقى العين الحلوة التي تبلسم الجراح، ستبقى صيدا العين الحلوة على فلسطين... وقد صدق رئيسها السعودي القول بالعمل طالما ردد ان عين الحلوة جزء من صيدا وواحد من احيائها.

حلم العودة

​​​​​​​خلاصة القول، انتهت جولة من الاشتباكات في عين الحلوة، دون اي حسم، تضررت المنازل وقطعت الارزاق، ونزح الناس بانتظار العودة مجددا، كان حلم الفلسطيني ان يعود الى دياره في فلسطين، وبات اليوم مجرد العودة الى منازلهم في المخيم، وشتان بين الامرين.

المصدر: النشرة