البقاع: عيادة واحدة
لـ 15 ألفاً من فلسطينيي سوريا

الجمعة، 19
نيسان، 2013
قادت رحلة النزوح،
أم رأفت، المرأة الفلسطينية، من مخيم اليرموك في سوريا إلى بلدة المنارة في البقاع
الغربي، لتنزل في كنف مجموعة من العائلات المرتبطة بصلات قربى مع زوجها. حملت، أم رأفت،
طفلتها التي لم تبلغ الثالثة من عمرها بعد، وراحت تجوب بها من مستشفى إلى آخر، بدءاً
من برالياس وتعنايل وشتورة، مروراً بالبقاع الغربي، وصــولاً إلى راشــيا، علّها تحظى
بســرير فارغ لمعالجــتها من الارتفاع الحاد في الحرارة.
إلا أنها فقدت الأمل
مع حلول الظلام، ورجعت خائبة، حاملة في ذاكرتها عبارات ترددت أكثر من مرة على مسامعها:
«لا يوجد أسرّة فارغة» أو «الاستشفاء للفلسطيني هو من مسؤولية الأونروا». لكنّ أم رأفت
التي شعرت بخطورة حالة طفلتها، أصرّت على إدخالها إلى أحد المستشفيات على نفقتها، مستعينة
بأحد أقاربها لتأمين الوديعة المالية، التي دنت من الخمسمئة ألف ليرة لبنانية، إنما
هذا المبلغ لم يكف لتغطية بدلات الاستشفاء، لا سيّما أن ارتفاع حرارة الطفلة إلى حدودها
القصوى أدّى إلى تفاعلات خطيرة، أهمها ارتفاع معدل السكر في الدم.
تتحدث أم رأفت بحسرة
عن الألم الذي يعتصر قلبها، إذ أن معاناة النازحين تكبر يوماً بعد يوم، وتتعاظم نتيجة
تخلي «الأونروا» عن الدور الإغاثي المنوط بها تجاه النازحين، فلا مساعدات مادية ولا
عينية تذكر، ولا تقديمات طبية أو استشفائية.
تقول أم رأفت: «كل
ما في الأمر أننا حصلنا، مرتين، على مساعدات غذائية، إضافة إلى بعض الفرش والأغطية،
فضلاً عن صفيحتين أو ثلاث من المازوت. ومن بعدها نسينا، فلا قدرة لزوجي على العمل،
لأنه يعاني من آلام مبرحة في الظهر، وهو بحاجة إلى عملية جراحية، لكن من أين نأتي بالمال؟
ومن يقوم بالتغطية؟ ربّما الموت أهون علينا من هذا الاحتضار اليومي».
ويشير عضو اللجنة
المركزية في «الجبهة الديموقراطية» أبو وائل عبد الله كامل، المتابع لقضية النزوح الفلسطيني
منذ بداياته، إلى أن حجم المأساة يتعاظم بشكل يومي، مع إزدياد تدفق النازحين، لا سيّما
أن الأيام العشرة الأخيرة شهدت نزوح أكثر من 165 عائلة غالبيتها من اليرموك»، لافتاً
إلى أن «عدد العائلات النازحة المقيمة في البقاعين الغربي والأوسط بلغ نحو 1220 عائلة».
وشكا كامل «تقصير
المؤسسات الإغاثية في القيام بواجباتها، وكذلك التمييز القائم بين النازح السوري والنازح
الفلسطيني»، مشيراً إلى أن «المجلس الدانمركي للإغاثة وزّع بوني مازوت على كل عائلة
فلسطينية، مقابل خمسة لكل عائلة سورية، في وقت قدّم الهلال الأحمر الإماراتي 450 حصة
تموينية».
ولفت كامل إلى أنّ
«سلسلة التحركات تجاه الأونروا حقّقت بعض النتائج، إذ قدّمت 160 ألف ليرة لكل عائلة
يقل عدد أفرادها عن الثلاثة، بينما حصلت العائلة، التي يزيد عدد أفرادها عن الثلاثة،
على 220 ألف ليرة»، مؤكداً أن «هذا المبلغ قليل ولا يلبي الحاجات المطلوبة».
ودعا «الأونروا»
إلى «وضع خطة إستراتيجية لتوفير بدل إيواء شهري للعائلات النازحة لا يقل عن 300 دولار
شهرياً، وتأمين الطبابة والاستشفاء بشكل كامل، إذ لا يعقل أن تتكفل عيادة واحدة، وطبيب
واحد، وبدوام لا يتجاوز الثلاثة أيام في الأسبوع، بتوفير الجانب الصحي لأكثر من 15
ألف فلسطيني في البقاع».
وناشد «الأونروا»
تأمين سلّة غذائية شهرية لكل عائلة وفقاً لعدد أفرادها»، مشيراً إلى أنّ «هناك عشرات
النازحين مصابون بأمراض مزمنة منها السرطان والربو، وأخيراً بدأت ظاهرة الجرب تتفشى
بين العديد من العائلات النازحة، وكذلك ظاهرة القمل، وقد توفي إثنان من مرضى السرطان
نتيجة عدم حصولهما على الرعاية الصحية المطلوبة».
وقدّر كامل أن يكون
عدد الفلسطينيين الذين نزحوا إلى لبنان تجاوز الـ55 ألف نسمة، أي نحو 12 ألف عائلة،
بينها ثلاثة آلاف عائلة في البقاع.
المصدر: السفير