الذكرى الثلاثون لصبرا وشاتيلا

السبت، 15 أيلول، 2012
نقف حائرين في ثلاثينية مجزرة صبرا وشاتيلا: كيف
نحيي المناسبة بدون إعادة ما واظبنا على تكراره لسنوات وسنوات؟ كيف يكون التذكر فعلاً
خلّاقاً ومفيداً بدلا من ان يكون مناسبة لمجرد تقبل العزاء بميت قديم؟ طغت أدبيات المجزرة
مؤخراً على وقائعها، خصوصا مع تعطل المسار القضائي الدولي لمحاكمة القتلة، لدرجة يتساءل
المرء معها ان كان الناس يتذكرون فعلاً تفاصيلها؟
لسنوات نبشت الصحافة كل المواضيع المتعلقة بالمجزرة،
لم يبق الا رواية القتلة التي تطرقت اليها بعض المحاولات المشكوك في صدقيتها، كونها
حصلت بعد دفع أموال لمشاركين في المجزرة ليتكلموا، وهو ما طلبه بعضهم مرة اخرى حين
حاولنا اقناعهم بقصّ مشاركتهم، كنوع من التطهر، في هذه الجريمة التي تفوق الوصف. لذا،
قررنا نشر مقتطفات من كتاب «تحقيق حول مجزرة» للكاتب والصحافي الاسرائيلي الراحل امنون
كابليوك، الذي صدر بعد عام تقريبا من حصولها. اربعون ساعة من الذبح وتقطيع الاثداء
وبقر بطون الحوامل وفسخ الرضّع واغتصاب الطفلات وامهاتهن.. جنون لا يمكن لحيوان ان
يقوم به حتى في اقسى درجات ضراوة الجوع، قام به لبنانيون بحق مدنيين لبنانيين وفلسطينيين،
فإذ بهم جثث مكومة يأكلها الذباب وقد ارتسمت تلك النظرة الفارغة في عيونهم القتيلة
التي بقيت مشرعة كنافذة على صورة وجوه القتلة. واذا كان التاريخ سيواصل بصقه في وجوه
مرتكبي المجزرة وهم يحاولون اليوم، كحزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب، إعادة تأهيل
انفسهم في المخيلة العامة، فإن مناقشة المسؤولية الاسرائيلية اليوم تبدو سخيفة بعد
سيل الجرائم التي أكدت «هوية» اسرائيل «الاخلاقية»، جرائم لا تنفك تجود بها المخيلة
الشريرة لهذا الكيان المسخ.
المصدر: جريدة الأخبار