اللاجئ الفلسطيني حسام الأطرق أصيب بمرض نادر: انفجرت شرايين
قدميه وبات ينزف قيحاً ودماً

الخميس، 24 كانون الثاني، 2013
داخل صيدا القديمة وبين أزقتها، يعيش الفلسطيني حسام الأطرق
معاناته وحيداً، صامتاً، يصارع مرضاً نادراً، ينزف جسده النحيل في كل حين قيحاً ودماءً،
ويُعاني الإهمال والوحدة، كما الألم والوجع.. لا ذنب اقترفه، سوى انه فلسطيني، لاجىء
منذ النكبة، سدت في وجهه أبواب العلاج.. فهو محروم من حقوقه المدنية والاجتماعية والانسانية
من قبل الدولة اللبنانية، وهو ضحية اهمال وكالة «الأونروا» المسؤولة عن رعاية اللاجئين
وقوانينها التي لا تراعي الإنسانية في بعض الأحيان او تأخذ بالاستثناء..
الأطرق، يقطن في حي «أبو نخلة» في البلد القديمة، خسر كل
شيء:
- أولاً: عائلته نتيجة المرض والرائحة
الكريهة التي تفوح منه.
- ثانياً: العمل نتيجة عدم قدرته على
المشي.
الآن يُلازم الفراش، وبعد أن بح صوته، لجأ إلى الإعلام، عل
أحداً ما يمد له يد العون والمساعدة وينقذه قبل فوات الأوان..
«لـواء صيدا والجنوب» زار حسام الأطرق
في منزله داخل صيدا القديمة، واستمع منه إلى معاناته وحكايته الحزينة منذ بداية عمله
في أحد الأفران، إلى نهاية ملازمته المنزل وحيداً..
رائحة كريهة
بدمعة في عينيه، يقول حسام الأطراق (52 عاماً) الذي يعاني
من مرض نادر يتمثل بالضعف في الشرايين مما أدى إلى انتفاخها وورم في قدميه: «لقد أصيبت
بهذا المرض منذ عام تقريباً، بدأت تتنفخ أقدامي، وشعرت بالوجع، وذهبت إلى «مستشفى صيدا
الحكومي» وتلقيت العلاج الضروري وتحسنت، ولكنني عندما غادرتها عاد الوجع وبدأت قدماي
تنزف ماء وتفوح منها الروائح الكريهة، وكلما دخلت إلى المنزل تفوح الرائحة الكريهة،
إلى أن أصبحت أنام في الشوارع والأزقة دون أي مساعدة، فلم يستقبلني أحد لا في المنزل
ولا في المحل ولا في أي مكان، وقد راجعت كثيراً من المؤسسات الانسانية والخيرية وأصحاب
الأيادي البيضاء، ولكن لم يساعدني أحد، فقد ضاقت بي الدنيا ولا أعرف ماذا سأفعل؟».
وبحزن عميق تابع: «لي الله.. لو ساعدني أحد لما وصلت إلى
هذه الحالة المرضية الصعبة، بينما عائلتي وأولادي في المنزل، وكلما ذهبت اليهم نفروا
مني بسبب الرائحة الكريهة، لقد يئست من الحياة والدنيا، ومن تحمل هذا المصاب، إلى أن
غادرت المنزل وأقيم الآن في منزل أهلي وشقيقي.. سامحهم الله، لدي ابنة صغيرة لينا تبلغ
من العمر 7 سنوات والكبرى حنان 17 عاماً وولدي محمد 15 عاماً».
وبعتاب واضح، قال الأطرق: «كنت أعمل في أحد الافران منذ أن
كان عمري (12 عاماً) - أي منذ العام 1972، إلى أن بدأ المرض يغزو جسدي النحيل، عندما
كانت تنفجر الشرايين في قدمي، أنزف دماً، فأذهب إلى المنزل وأرفع قدمي على الكرسي،
فيتوقف نزيف الدم، وهذا ما كنت أفعله كلما تفجر شريان ونزفت دماً.. لكن الأمر تطور
وبدأت تظهر «تقرحات» في قدمي مصحوبة برائحة كريهة، وانكشف اللحم، ما يعني أن المرض
بات خطيراً».
مناشدة انسانية
وأردف: «كان يُمكن علاج المرض لو توفرت الأموال اللازمة،
الآن العلاج مكلف، لا طاقة لي على تأمينه، والأدوية غالية، وأكاد لا أستطيع تأمين قوت
يومي، إضافة إلى إنني بحاجة إلى فترة أطول للعلاج، وكل ذلك مكلف، دون أن يُساعدني أحد،
بينما أهملت علاج نفسي، وندمت اليوم على ذلك، حتى أصبحت على هذه الحالة، فأنا لا أستطيع
التقاط أنفاسي ويضيق صدري عليّ تدريجياً كأنني اختنق».
وطالب «وزير الصحة اللبناني علي حسن خليل ووكالة «الأونروا»
والمسؤولين الفلسطينيين، النظر إلى هذه المعاناة من منظار إنساني، بعيداً عن القوانين
والروتين، وكل الموجبات التي تمنع مريضاً من العلاج، لأنه فلسطيني فقط، ولا قدرة له
على العلاج، وأناشد الجمعيات والمؤسسات الأهلية والخيرية والإنسانية، تقديم يد العون
والمساعدة حتى أتمكن من العلاج من هذا المرضى، الذي يحتاج إلى أموال من أجل الشفاء،
وأناشد من يستطيع المساعدة من أجل دخولي إلى مستشفى للعلاج، وتخفيف الألم الدائم، الذي
يُلازمني في كل حين، فأنا لم أعد قادراً على تحمل الوجع، قدمي تتورم شيئاً فشيئاً،
ولم أعد قادراً على المشي، وصدري يضيق بأنفاسي، ولم أستطع الصعود إلى السلم (الدرج)،
وحالتي من سيء إلى أسوأ، كلما يمر يوم تزداد سوءاً».
وبألم وحسرة، قال: «إن وضعي الصحي صعب، ويميل نحو التدهور
إذا لم يساعدني أحد، ولا أستطيع فعل شيء، بينما الجمعيات والمؤسسات منشغلة بإيواء النازحين
وتوفير العلاج والأدوية لهم، أريد أن يعتبروني مثل أي نازح، وأناشد المساعدة، ولو كان
لي القدرة على العمل لفعلت، ولن أطلب من أحد شيئاً، بت عاجزاً، والآن لم أعد أعمل منذ
3 أشهر، وليس في جيبي أي قرش، ولقمة «أكلي» أصبحت «أشحذها» من الناس، لا حول ولا قوة
إلا بالله العلي العظيم، وحسبي الله ونعم الوكيل».
وأوضح «لقد بت أنام في المقهى، وأجلس طوال الوقت لأنني لا
أستطيع الحراك والمشي مثل باقي الناس، بينما أحتاج إلى راحة وعناية بالنفس وعلاج للمرض،
أنام على كرسي، ولا أستطيع النوم على سرير، لأنه يصبح مبلولاً بالمياه، وأحياناً بالدم،
وله رائحة كريهة، وتنزف المياه والدماء، إلى أن رفعت قدميّ وتوقف الأمر،. هذا منظر
«مقرف» رائحة.. ورم.. نزيف مياه ودم، ماذا أفعل.. كل يوم يزيد الوجع ويأكل جسدي!»..
عزلة.. ونزيف
ويختم الأطرق: «اعتقدت أن المرض يُعالج يوم بعد آخر، ولكنه
ازداد، وانعزلت عن الناس منذ ثلاثة أشهر.. لا أستطيع تحمل مصاريف العلاج، وإذا توفر
لي بعض المال كنت أشتري لقمة «أكلي» كي أبقى حياً، أهملت علاج نفسي إلى هذا الحد الخطير،
كان يُمكن علاج بعض «التقرحات» بالأدوية والنظافة، تركت قدمي الأولى، والأخرى تنزف
قليلاً أحاول العناية بها أكثر، القدم اليسرى هي أساس المشكلة وتحتاج إلى علاج قبل
أن تنتقل إلى اليمنى.. كانت الشرايين تنفجر.. والآن أستخدم المحارم لوقف نزيف المياه،
ولا أستطيع شراء (شاش) لحفظها من «الميكروبات»، هذا الحال صعب، والله يشهد على ما أقول،
وعندما أضعها لا يدوم الأمر أكثر من 12 ساعة، بعدها تتحول إلى «ميكروبات» وتنزل المياه
إلى الأرض، هي تنزف دوماً إذا وضعت (الشاش) أحتاج إلى معمل كامل كل يوم، الأمر يحتاج
إلى «مرهم» وأدوية التهابات قوية.. على أمل الشفاء وليس لي إلا الله».
المصدر: اللواء - ثريا حسن زعيتر