القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 30 كانون الأول 2025

«بيت صمود الطفل الفلسطيني» يُعاند طمس الهوية الفلسطينية من ذاكرة اللاجئين في الشتات

زيدان: لمد جسور العودة والوصال بين الشتات والوطن
«بيت صمود الطفل الفلسطيني» يُعاند طمس الهوية الفلسطينية من ذاكرة اللاجئين في الشتات


الأربعاء، 30 نيسان، 2014

على رغم من محاولة طمس الهوية الفلسطينية من ذاكرة اللاجئين في الشتات، إلا انهم ما زالوا يحافظون عليها إرثاً يتناقلونه من جيل إلى آخر كي يبقى حياً، كتعبير عن التمسّك بحق العودة ورفض التوطين إذ أن الحفاظ على هذا التراث يعتبر نضالا وطنيا يوازي المقاومة بالسلاح وبالدبلوماسية...

تعتبر المراكز التراثية والفنون الشعبية واحدة من هذه الذاكرة، حيث تنتشر على امتداد ساحات المخيمات في لبنان لتشكّل رافعة حقيقية، لوناً من ألوان الحياة، تتحدّى الصعاب، تزرع في عقول الأجيال ان فلسطين وطن غير قابل للنسيان أو اختيار الوطن البديل...

و«بيت صمود الطفل الفلسطيني» في مخيم الرشيدية جنوبي مدينة صور، يُحاكي النكبة وجيل العودة، حيث يشكّل حلقة وصل للذاكرة الفلسطينية، منها تنطلق النشاطات لتكون همزة وصل من جيل النكبة إلى جيل العودة...

«لـواء صيدا والجنوب» حطّ رحاله في مركز «بيت صمود الطفل الفلسطيني» لينقل مشاهداته وللإطلاع على كيفية الحفاظ على التراث...

بيت فلسطين التراثي

في أحد زوايا «بيت صمود الطفل الفلسطيني»، ترسم أماني إمراة تحتضن طفلها، بقربها يعزف الطفل رامي على وتر الحنين لأرض لم يشاهدها يوماً... ولكنه يرحل إليها في كل حين طيفاً يغرّد في سمائه، ويتمنى أن يحط فيها إلى الأبد، وفي زاوية أخرى، يؤدي فتية، الدبكة الشعبية، ونسوة يحوكن التراث القديم بعشق. يتحوّل «البيت الفلسطيني التراثي» إلى صورة مصغّرة عن عادات وتقاليد فلسطين الشعبية، التي تؤكد على الهوية الوطنية والانتماء، يقدّم الصورة الجميلة لفلسطينيي الشتات، ويخيّط أحلامهم ويلوّنها، ويعيد إحياء الحلم بالعودة يوماً على جناح الفن.

تدخل إلى داخل المركز، يُطالعك فلسطيني بزيّه التراثي، يحرث أرضه، بقربه تجلس إمرأة بزيّها التقليدي تخبز الصاج، فيما فتاة تقوم بقطاف العنب من كروم الجليل، فيما تختار اسيل الرسم بمخيال الثورة تجسّده بوجوه الجد والجدة، بينما يحمل مصطفى عوده ويعزف «القضية وقيمها»، للحظة تخال نفسك داخل فلسطين بحياتها اليومية وسهرات الفلكلور الشعبي.

على وقع النشاط، يجسّد رامي وعلا ومحمود وغيرهم فنهم رقصاً لأجل فلسطين، يخبطون الأرض بأقدامهم ويصرخون «نحن ولادك فلسطين»، فبين الفن والتراث تسكن «فلسطين» حكاية فن وتراث ورحلة إلى عمق فلسطين تتواصل بين الحين والآخر في تفاصيل يوميات المخيم وأبنائه.

مد جسور العودة

وبإعتزار يقول مسؤول «بيت صمود الطفل الفسطيني» محمود زيدان: «إن «بيت الصمود الفلسطيني» داخل مخيم الرشيدية في صور، بيت تتجسّد داخله «فلسطين بكافة مشاربها» الثقافية، التراثية، الحرفية والفنية، فضلاً عن صور تُحاكي قرى فلسطين بالأبيض والأسود، ومن أبرز المفاعل الفلسطينية التي تشرك الأطفال والكبار في مد جسور العودة والوصال بين الشتات وأرض الوطن، والمركز الذي يٌعدّ من أبرز الأماكن التي تحفظ تراث فلسطين، ويضج بخلية عمل كبيرة لنسوة يقمن بتطريزات لخريطة فلسطين والموروثات القديمة».

ويضيف زيدان: «إن هدف المركز حماية الفلكلور الشعبي الفلسطيني من الضياع وسط هجمة العولمة لطمس هويتنا وتحديداً الدبكة والأغاني والأهازيج الفلسطينية، التي نحييها مع الأطفال لأنهم جيل العودة، ففي المركز فرقة للدبكة والموسيقى التي نُحاول أن ننقلها من جيل إلى آخر لزرع الانتماء للوطن، خاصة وأن الثوب الفلسطيني ترتديه مضيفات إسرائيليات كنوع من السرقة العلنية لتراثنا».

التراث هو سلاحنا

يعج المركز بالنشاطات الفنية، ففلسطين لم تغب يوماً عن ذاكرة أبناء المخيمات، تبتسم سامية خليل، وهي تمسك قلماً وترسم عباءة من تراث القضية لتقول: «إن الفن الذي يجسّد التراث هو سلاحنا الوحيد، ولن نتخلى عنه أبداً، من خلاله نعبّر عن موقفنا ونصل إلى هدفنا»، نحن أصحاب قضية عادلة، وفي هذا المركز نشحذ العزائم للنضال والكفاح لأجل تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني الذي سبب بتهجيرنا قسراً منذ 6 عقود ونيف من الزمن».

وتضيف: «من هذا المركز نبعث رسالة إلى كل العالم كله، ولا نتراجع عنها إننا باقون على عهد فلسطين، وندافع عنها، نحافظ على تراثها، وهذه العباءة الفلسطينية التي تنتشر في كل مكان، هي ذاكرتنا وإرثنا، ولا يجب التهاون بها».

فلسطين في البال

إلى جانب سامية، تجلس سعاد الخطيب، وهي تستعيد ذكرياتها في وطنها الأم فلسطين حين تهجّرت وهي طفلة صغيرة، فتقول: «لم تغب فلسطين يوماً عن بالنا، هي ذكرى حاضرة دوماً في نفوسنا بانتظار يوم العودة إن شاء لله».

وتضيف: «البعض لا يعرف قيمة هذا التراث الوطني، فهو بمفهومي نرسم مصير وطني، وألوان العباءة ترمز إلى الكفاح، الأرض والتراث، لقد حرمت من أرضي ولكنني سأحمي تراثي وموروث أجدادي، لقد سلبونا الوطن، ونحن نحاول استعادته، وتراثنا جزءا من نضالنا الذي لن يتوقف إلى حين التحرير والعودة».

أمل العودة

في البيت الفلسطيني، يحضر المفتاح والمطرزات والأشغال اليدوية والشالات التي تتغنى بها الصبايا... ويحضر الأمل، إذ تتعرف على فلسطين بصور وحرفة ومقتنيات قديمة فيها «رائحة الوطن»، ويقول الحاج محمد عبد الرازق: «إن الحرب للحفاظ على التراث الموروث لا يقل أهمية عن حرب السلاح، هناك حرب ضروس لطمسه والقضاء عليه وسرقته من قبل العدو الصهيوني، وهذه المراكز التراثية تُساهم في حمايته، ولذلك تتوسّع مشاغل الحرفيات لتكون نبراساً في تكوين الشخصية الوطنية».

ويعتبر الحاج محمد «إن التراث الفلسطيني رسالة حضارية وثقافية تتكامل مع نضالنا الوطني من أجل تحقيق هدفنا بتحرير وطننا والمحافظة عليه، فأينما وُجد الزي التراثي وجدت القضية الفلسطينية، فنحن أمام تحدّي حضاري لمحاولات الدولة العبريّة سرقة التراث الشعبي الفلسطيني، تمهيداً لطمس الهويّة، كأحد أهمّ روابط الانتماء لهذا الشعب، وهدف «بيت الصمود»، هو تنشيط الذاكرة الجماعيّة، كي تبقى ثقافة «السلف» صامدة أمام عيون «الخلف»، وهي مناسبة لتتعرّف الأجيال الشابّة على كنوز التراث والثقافة الشعبيّة، الذي يضيع مع رحيل كلّ عجوز فلسطيني».

المصدر: ثريا زعيتر - اللواء