تحذيرات من
ارتفاع مستوى الاستهداف لشخصيات فلسطينية تتجاوز نطاق المخيمات

الخميس، 24
نيسان، 2014
بات السؤال
الذي يُطرَح يومياً في مخيّم عين الحلوة: مَنْ هو التالي؟
ومردُّ ذلك إلى
ارتفاع وتيرة التوتير والقتل والقتل المضاد، والذي يبدو أنّ "المايسترو"
ينفّذ مُخطّطه بأيدٍ محلية خدمة لأجندات مشاريع تتجاوز حدود المخيّم، وربما الجوار
والساحة اللبنانية، لتحقيق مآرب لا يستفيد منها إلا العدو الصهيوني...
ضريبة يدفعها بين
يوم وآخر شباب وفتية، القاسم المشترك بينهم جميعاً أنّهم ضحايا، سواء أكانوا
مقتولين غدراً أو مقتولين تصفية حساب، أو مقتولين تصفيةً بعدما أوكلت إليهم مهمة
القيام بتصفية أشخاص مغدورين...
هي دوامة يريد
منها المخطّطون تركيز الأنظار على المخيّمات الفلسطينية بتوتيرات وإشكالات وأحداث
تكاد لا تترك مخيّماً آمناً، حتى المخيّمات التي كانت بمنأى عن أي إشكالات، وكانت
تُحسَد على ذلك، فكيف إذا كان المعني في الأمر، هو أكبر التجمّعات الفلسطينية في
لبنان "عاصمة الشتات الفلسطيني" مخيّم عين الحلوة، وما يعنيه هذا المخيّم
وارتباط واقعه وظروفه بملفاتٍ متعدّدة...
الأسئلة التي
تُطرح لماذا الإصرار على تفجير الوضع في مخيّم عين الحلوة، بعد نجاح الجيش
اللبناني والأجهزة الأمنية بفرض الأمن والاستقرار بين باب التبانة وجبل محسن في
طرابلس، وعرسال في البقاع، ومباشرة بسط الدولة لسلطتها على بلدة الطفيل التي
تُعتبر أرضاً لبنانية؟
هل بات مطلوباً
أنْ تُراق الدماء في المخيّمات حتى يحصل إنقاذٌ على غرار ما حصل في طرابل، فأُريقت
أرواح مئات الضحايا والجرحى، وتكبّد المواطنون خسائر مادية جسيمة، فضلاً عن
الخلافات التي تحتاج إلى مصالحات اجتماعية حقيقية، إضافة إلى صعوبة إزالة الاحتقان
من النفوس؟!
ألم يكن من
الممكن توفير كل ذلك، خاصة أنّ ما أعقب الجولات التي فاقت الـ 20 من الاقتتال،
أثبتت أنّ الحل لا يكون إلا بفرض الأمن الشرعي، ورفع الغطاء السياسي عن المُخلّين
بالأمن؟!
وهكذا ما كان،
فبين ليلة وضحاها تبدّلت الأمور وكأنّه بسحر ساحر انتهت القضية، وانسحب المسلحون،
وأُعطِيَ الضوء الأخضر بطَيْ صفحة، حيث يؤمل أنْ "تنذكر وما تنعاد"، على
غرار ما جرى في "بوسطة عين الرمانة" في الثالث عشر من هذا الشهر في
العام 1975، والتي أسّست لحرب عبثية، وإنْ أُطلِقَ عليها "أهلية"، لكن
كان الهدف منها تدفيع لبنان ضريبة، وخاصة لاحتضانه "منظّمة التحرير
الفلسطينية"، التي اعتُرِفَ بها ممثّلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني...
في السابق جُهِّزَ لشرارة الحرب انطلاقاً من "عاصمة
الجنوب" باغتيال الشهيد معروف سعد (26 شباط 1975)، وهو على رأس تظاهرة
للصياديين تطالب بحقوقهم المشروعة، بما يعنيه استهدافه كرمز وطني وقومي، كانت
القضية الفلسطينية تُشكّل محوراً رئيسياً لنضالاته مع الطبقة الكادحة، وهكذا ومن
على مقربة من "عاصمة الجنوب"، يُسعى اليوم إلى تفجير الأوضاع، لأنّ هذه
المنطقة تتمتّع بـ "موزاييك" خاص فريد لما هو موجود على الساحة
اللبنانية.
اليوم يُمارس
المجلس النيابي حقاً من حقوقه، التي أوكله الشعب اللبناني إياها، وهو الاقتراع
لرئيس جديد لولاية السنوات الست المقبلة، قبل حوالى الشهر من انتهاء ولاية الرئيس
العماد ميشال سليمان، وإنْ كان لا يُتوقّع وفق المعطيات المتوافرة، انتخاب رئيس
للجمهورية في جلسة اليوم، إلا أنّ ممارسة النوّاب لحقّهم الذي أوكل إليهم، يُعتبر
أمراً جيداً.
في خضم ذلك،
فإنّ الملف الفلسطيني يعود ليحتل مرتبة متقدّمة، بين القضايا في المنطقة العربية،
خاصة في ظل استمرار التعنُّت الإسرائيلي بوضع الشروط التي تُعتبر تعجيزية بوجه
المفاوض الفلسطيني، الذي يُصرُّ على انتهاء الفترة التفاوضية نهاية شهر نيسان
الجاري، وهو الذي دخل إليها دون أنْ يتوقّع نتائج مرجوة إيجابية كبيرة، نظراً
لتعنّت اليمين الصهيوني بقيادة بنيامين نتنياهو.
ولأنّ قضية
اللاجئين الفلسطينيين تشكّل نقطة محورية ورئيسية هامة في ملف المفاوضات، في ظل
التمسّك الإسرائيلي برفض عودة اللاجئين في الشتات إلى وطنهم، وإصرار الرئيس
الفلسطيني محمود عباس على التمسُّك بحق الفلسطينيين بالعودة تنفيذاً للقرار الدولي
194، الذي ينص على حق عودتهم إلى وطنهم فلسطين، فإنّ التصويب على قضية اللاجئين
مستمر ومتواصل، وما إنْ يتم القضاء على مشروع أو فكرة للتوطين، حتى تبرز فكرة
بأسلوب وعناوين متعدّدة، وبات واضحاً أنّ هناك إصراراً على توزيع الفلسطينيين على
أماكن تواجدهم، بما في ذلك لبنان، وهو ما يرفضه الفلسطينيون، كما اللبنانيون، بل
إنّ الفلسطينيين هم الذين أحرقوا خيامهم في خمسينيات وستينيات القرن الماضي،
رافضين مجرد الحديث في هذا الموضوع.
فتح باب الهجرة
لكن المفارقة
أنّ هناك أصواتاً تُحرَّك بأدوات تعمل لصالح جهاتٍ أجنبية بدأت تعلو وتطالب الدول
الأجنبية بفتح أبواب هجرتها أمام الشباب الفلسطيني العاطل عن العمل، في ظل ارتفاع
نسبة البطالة في المخيّمات، التي تستفيد منها بعض الجهات الساعية إلى تهجير وتشتيت
الفلسطينيين، خاصة الشباب منهم، وهو ما يُعيد إلى الذاكرة ما جرى في أعقاب
الاجتياح الإسرائيلي للبنان في حزيران 1982، وأيضاً بعد اعتداء مجموعة "فتح
الإسلام" الإرهابية على الجيش اللبناني في مخيّم نهر البارد في أيار 2007 -
أي أنّ تحقيق فكرة الهجرة تحتاج إلى مقوّمات، وهي إشعال فتيل التفجير، لطرح حلول
تعتبر إنقادية، بينما هي في حقيقة الأمر خطوات تنفيذية لمشاريع ذات أهداف أبعد من
ذلك تؤدي إلى ضياع حق الفلسطينيين بالعودة، وهو هدف يخدم العدو الصهيوني ويحقّق
حلمه بإقامة "دولة إسرائيل اليهودية"، التي تنتظر توافد المزيد من
اليهود، خاصة في ظل ما يجري في أوكرانيا، بعدما شهد الكيان الصهيوني في السنوات
الماضية هجرة معاكسة بمغادرة اليهود الأراضي الفلسطينية المحتلة باتجاه دول أوروبا
وأميركا وكندا.
خطة مُمنهجة
لتشويه صورة المخيّم
إنّ ما يجري في
مخيّم عين الحلوة لا يُمكن أنْ تكون ملفّاته وأحداثه، وما تسعى إليه بعض وسائل
الإعلام التي تنفّذ خطة مُمنهجة إلا بهدف تشويه صورة واقع المخيّم.
ويبدو أنّ هناك
إمعاناً بتسليط الضوء من الزاوية الأمنية، وتحديداً وصف المخيّم بـ
"الإرهاب"، وإنّه "بؤرة أمنية" تحمي المطلوبين والفارين من
وجه العدالة، وكأنّه بات مطلوباً أنْ يتم نفي هذه التهمة، وإثبات أدلة دامغة
بالبراءة منها.
لكن مَنْ يساعد
على تغذية ذلك، أليس بعض الأدوات الداخلية المحلية التي تدري أو لا تدري ماذا
تقترف يداها من المساهمة بتنفيذ وتبرير مثل هذه المخطط، ومحاولات البعض للجوء إلى
"ازدواجية" بشأن بعض القضايا والأحداث، وإظهار لكل طرف صورة مغايرة عن
حقيقة ما يظهره للطرف الآخر.
ليس مصادفةً
أنْ تعمد بعض وسائل الإعلام إلى تصوير أنّ المخيّمات هي مصدر العمليات الانتحارية
والسيارات المفخّخة التي انفجرت في لبنان، أو جرى ضبطها قبل تفجيرها، وأنّ
الانتحاريين وإنْ كان بينهم فلسطينيون وقد أدانت مختلف القيادات الفلسطينية هذه
الجرائم، لا يعطي دافعاً للتصويب على أنّهم من مخيّم عين الحلوة بينما أثبتت
التحقيقات أنّ بعضهم فلسطينيون، لكن أيضاً من خارج مخيّم عين الحلوة، كما تبيّن
أنّ مصدر السيارات المُفخّخة هو من يبرود وليس المخيّم.
ولولا ما كان
يقوم به نعيم عباس من عمليات إرهابية بتفجير أو التخطيط لتفجيرات، جرى إبطال
مفعولها بعدما أوقف (بتاريخ 12 شباط 2014) قبل تنفيذ المهمة الموكلة إليه بتفجير
سيارة مفخّخة في الضاحية الجنوبية وقصفها بصواريخ "كاتيوشا"، وإلا لكان
المخيّم أثبت فعلاً أنّه لم يُسجّل منه خروج أي انتحاري أو سيارة ممَّن فجّروا أو
جرى ضبطهم قبل التفجير.
أنفاق عين
الحلوة!!
والجديد ما جرى
الحديث عنه عبر بعض وسائل الإعلام، حول أنّ هناك أنفاقاً داخل المخيّم لهروب
المطلوبين أو دخول مطلوبين آخرين إلى المخيّم عبرها.
وفي حقيقة
الأمر، فإنّ ما جرى كشفه خلال عمليات حفر لتنفيذ مشاريع للبنى التحتية في حي حطين
للجهة الجنوبية للمخيّم، ليس إلا خنادق وحُفَر حفرها الفدائيون الفلسطينيون خلال
مواجهتهم لقوات الاحتلال الإسرائيلي بعد احتلالها المخيّم في حزيران 1982، يوم
سويت منازله بالأرض، وصمد المقاتلون داخله لفترة طويلة، وواجه فتية العدو
الإسرائيلي بعمليات أجبرته على الانكفاء عن المخيّم، وقتلوا العديد من عملائه.
وكذلك خلال
التصدي لـ "القوات اللبنانية" التي كان يقودها سمير جعجع، والتي كانت
تعتدي في مثل هذه الأيام من العام 1985 – أي بعد الاندحار الإسرائيلي عن منطقة
صيدا، كانت تعتدي على مخيّم عين الحلوة، كما مخيّم المية ومية ومدينة صيدا وشرقها،
قبل دحرها عن المنطقة.
إذاً هناك مَنْ
يمعن بالتركيز وبشتى الوسائل والسبل للإيحاء إلى واقع المخيّم تحت أي من العناوين
التي تهدف إلى وصفه بـ "الإرهاب".
اغتيالات بهدف
التوتير
وفي العودة إلى
التطوّرات التي شهدها مخيّم عين الحلوة، فقد كان الحريصون في المخيّم وخارجه على
تضميد جراحات جريمة اغتيال مسؤول "جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية" في
مخيّم عين الحلوة وإمام "مسجد السلطان صلاح الدين الأيوبي" الشيخ عرسان
سليمان (الذي اغتيل بتاريخ 9 من نيسان الجاري وفارق الحياة بتاريخ 15 منه)، وما
يعنيه هذا الاستهداف من محاولة لنقل التوتير إلى منطقة آمنة قياساً إلى واقع
المناطق الأخرى من المخيّم، وهي منطقة حطين – لوبية وجبل الحليب، حيث يتواجد
مسؤولون ومناصرون من «جمعية المشاريع»، فضلاً عن تواجد كثيف لنشطاء إسلاميين، وهو
ما كان يتوقّع أن يؤدي إلى توتير وصدام.
وإذا كانت
"جمعية المشاريع" وآل سليمان وأهالي بلدة صفورية، قد نجحوا في نزع فتيل
محاولات الاستدراج والتفجير بعد اغتيال الشيخ عرسان فإنّ ذلك لا يعني انتهاء هذه
الجريمة، التي وإنْ تمَّ تفويت الفرصة على المصطادين بالمياه العكرة عبرها، إلا
أنّه هناك إصرارٌ على تحديد الجناة وتسليمهم إلى العدالة.
رسائل اغتيال
علي خليل
في غضون ذلك،
كان مسلحان ملثمان يغتالان فجر الاثنين 21 نيسان الجاري الناشط الإسلامي علي نضال
خليل (وهو إبن شقيقة الناشط الإسلامي الشيخ أسامة الشهابي والساعد الأيمن للناشط
الإسلامي بلال بدر، وهو أحد الأسماء الستة الذين صدر قرارٌ يطلب حكم الإعدام لهم
بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي).
جريمة الاغتيال
وفق ما ذُكِرَ أنّها أتت بعدما كان علي خليل وبلال بدر في زيارة الشيخ أسامة
الشهابي، وبعدما قام علي بإيصال بلال إلى
منزله، عاد ليحدّث خاله، فيما كان مسلحان ملثمان ينتظرانه في أحد الزواريب، ولدى
انتهائه من الحديث إلى خاله الشيخ أسامة، وفي طريق العودة أمطراه برشقات من أسلحة
رشاشة من نوع "أم 16" و"كلاشينكوف"، قبل أنْ يقتربا منه
ويُفرغا ما في جعبتهما من الرصاص باتجاهه، ما أدى أيضاً ليس إلى تمزيق جسده
بالرصاص، بل أيضاً إصابة مسدسه الخاص بعدة طلقات نارية، حيث جرى نقله إلى
"مستشفى القدس" داخل المخيّم قبل أنْ يُصار إلى نقله إلى «مركز لبيب
الطبي» في صيدا لخطورة إصابته، لكنه كان قد فارق الحياة.
هذه الجريمة
أعقبها انتشار مسلح وإطلاق نار، ما أدّى إلى تضرّر عدد من السيارات التي كانت
متوقّفة في الشارع الفوقاني للمخيّم، وإلى حالة استنفار شهدتها مختلف أحياء
المخيّم، حيث نشطت الاتصالات على أكثر من صعيد للجم الأمور وعدم تطوّرها، وقد نجحت
هذه الاتصالات بتشييع جثمان علي من «مسجد الشهداء» في حي الصفصاف (حيث لم يُسجّل
إطلاق رصاص خلال التشييع) باتجاه مقبرة صيدا الجديدة في سيروب، حيث ووري جثمانه
الثرى.
جريمة الاغتيال
هذه حملت عدّة دلالات، في مقدّمها أنّها رسالة واضحة إلى الشيخ أسامة الشهابي بما
يُمثل، وبلال بدر بما يُمثل، وهما من الناشطين الإسلاميين الذين يأتمر بأمرتهم عدد
من الإسلاميين المسلحين، وبالتالي فهي رسالة ضمن في الدائرة الضيقة جداً، وهو ما
يشير إلى أنّ هناك مَنْ يسعى إلى رفع مستوى الاستهداف، الذي ارتفعت وتيرته ومستواه
منذ حوالى ستة أشهر.
ولعل العديد من
جرائم الاغتيال التي شهدها المخيّم هناك مشتبه بهم فيها، وإنْ كان في بعض الأحداث
قد تم تغيير الأقوال بعدم وجود تسجيلات جرّاء تعطّل أجهزة الـ DVD،
على الرغم من أنّ هناك بعض شهود العيان، أو التي حدّدت مواصفات أو تلك التي تم
تجميعها من خلال الكاميرات التي سجلت ما جرى.
لكن في جريمة
اغتيال علي خليل، فإنّ التسجيلات بحوزة خاله الشيخ أسامة، وقد تم تحديد مشتبه بهم،
وعلى الرغم من أنّهم ملثمين إلا أنّه تم تحديد مواصفات تنطبق على شخصين يتواجدان
في المخيّم، ولهما أسبقية في هذا الإطار.
اغتيالات
وتصفيات
وكان قد سبق
جريمة اغتيال الشيخ عرسان، اغتيال العميد في حركة "فتح" جميل جمال زيدان
وهو مدير مكتب قائد "قوات الأمن الوطني الفلسطيني" في لبنان اللواء صبحي
أبو عرب (بتاريخ 10 آذار 2014) عبر إطلاق النار عليه من قِبل مسلّح ملثّم، وفي ذات
المنطقة تقريباً - أي في الشارع الفوقاني.
وأتت هذه الجريمة
أيضاً بعد اغتيال عبدالله وحيد سرية، على يد مسلّحين مقنعين أثناء تواجده في محلّه
المعد لبيع الخضار في الشارع الفوقاني للمخيّم (بتاريخ 22 شباط 2014).
وكان قد سبقه
اغتيال وسام كمال أبو الكل من حركة "فتح"، وهو سائق سيارة أجرة عندما
أطلق مسلّحان ملثمان النار عليه في سوق الخضار وأردياه (بتاريخ 2 شباط 2014).
وسبق ذلك
اغتيال العنصر في حركة "فتح" محمد عبد الحميد السعدي، بإطلاق النار عليه
وهو داخل أحد المحال في الشارع الفوقاني للمخيّم، من قِبل شخص مسلح كان ترجّل من
على دراجة نارية (بتاريخ 1 كانون الأول 2013)، ما أدى إلى مقتله، وخلال موكب
تشييعه (بتاريخ 3 منه) انفجرت عبوة ناسفة مستهدفة موكب التشييع، ما أدى إلى إصابة
الفتى ابراهيم بيومي سرحان بجراحٍ، قبل أنْ يفارق الحياة (بتاريخ 10 كانون الأول
2013).
وقبلها استهدف
مسلّح ملثّم الضابط في القوة الأمنية مسعد حجير، الذي كان يقوم بتنظيم السير في
سوق الخضار في المخيّم ما أدى إلى استشهاده (بتاريخ 25 تشرين الأول 2013)، وتلا
ذلك اغتيال رامي خالد النابو (سوري كردي)، يعمل في شركة لفرز النفايات في صيدا،
حيث وُجِدَ جثة في أحد أزقة المخيّم مُصاباً بطلقات من كاتم للصوت (بتاريخ 22 تشرين
الثاني 2013).
وسبقه إطلاق
النار على حسين الطويل (بتاريخ 19 تشرين الأول 2013) حيث فارق الحياة (بتاريخ 11
تشرين الثاني 2013).
التوتير قاسم
الاغتيالات المشترك
في ضوء ذلك،
وفي قراءة سريعة لمسلسل هذه الأحداث الدموية، يُمكن التوصّل إلى أنّ كلاً من هذه
الاغتيالات له وضعية خاصة، وإنْ كان القاسم المشترك هو التوتير، ومحاولة تفجير
الأوضاع داخل المخيّم، حيث يتم استهداف أشخاصٍ يُتوقّع من تنظيماتهم أو عائلاتهم
القيام بردات فعل، لكن حتى الآن تم إفشال هذا المخطّط.
ولعل جرائم
الاغتيال منذ حسين الطويل مروراً بمسعد حجير ومحمد السعدي ووسام أبو الكل وعبدالله
سرية وجميل زيدان والشيخ عرسان سليمان وعلي خليل، كلها تهدف إلى تحقيق غاية
المخطّطين، وإنْ كانت بأيدٍ داخلية من أبناء المخيّم أو المقيمين فيه!.
وكذلك في جريمة
اغتيال الشيخ عرسان، وأيضاً جميل زيدان ومحمد السعدي ومسعد حجير.
وتبيّن أنّ بعض
الأشخاص الذين وُجِدَتْ جثثهم في زواريب المخيّم تمّت تصفيتهم بعدما نفّذوا عمليات
تصفية أوكِلت إليهم قبل تلك التواريخ.
ارتفاع مستوى
الاستهداف للاستدراج
انطلاقاً من
ذلك، فإنّ مصادر أمنية تُبدي خشيتها من ارتفاع الاستهداف لشخصيات لها وزنها وواقعها
التنظيمي والسياسي والإصلاحي، واحتمال أنْ يتم تنفيذ بعض الاغتيالات لقيادات
فلسطينية خارج المخيّمات، بهدف تأزيم الأوضاع أكثر، في ظل الانسجام اللبناني بضبط
الأمن والاستقرار الذي بدأت نتائجه الإيجابية تبرز في أكثر من منطقة لبنانية.
وهنا يُخشى
أيضاً دخول المصطادين بالمياه العكرة على خط التوتير بهدف اشعال الفتنة التي أصبح
وقودها جاهزاً بكل المعايير، وصاعقها مجهز...
كما بات يُخشى
أنْ يطغى على الفترة المقبلة، فعل وردات فعل، بهدف التصعيد وليس بهدف لجم الأمور.
المهم أنَّ
هناك مَنْ يسعى إلى الاستدراج وبشتى الوسائل، وهنا تبرز مسؤولية الفصائل والقوى
واللجان الفلسطينية سواءً في المتابعة او التحقيق لوضع النقاط فوق الحروف وتسمية
الأسماء بمسمياتها، وأيضاً أنْ يتم توثيق ما يُدلي به البعض في بعض الاجتماعات ولا
يتجرّأون على البوح به خلال جلسات التحقيق أو في الجلسات الموسّعة لحسابات خاصة
ومتعدّدة، لأن هناك هدفاً للمنفّذين أنْ يقوم أصحاب الدم بالثأر والانتقام لمقتل
عزيزٍ عليهم، وبالتالي فإنّ ذلك يحقّق القتل والقتل المضاد، حيث يصبح لكل من يشاء
أنْ ينفّذ ذلك وأنْ يُبيح لنفسه تنفيذ ذلك انطلاقاً من حسابات خاصة، ولا يمكن لأحد
أنْ يحاسبه في ظل التلكؤ عن القيام بالواجبات والمهام المطلوبة وتفويت الفرصة.
استهداف
المبادرة الفلسطينية
وإذا كانت
السهام والرصاصات قد وُجِّهَتْ إلى المبادرة الفلسطينية التي وقّعت عليها فصائل
"منظّمة التحرير الفلسطينية" و"تحالف القوى الفلسطينية"
و"القوى الإسلامية" و"أنصار الله" لم تجف بعد، فإنّ المهمة
الأساس هي رفع الغطاء عن المخلّين بالأمن والمشتبه بهم، ويجب أنْ يوضع موضع
التنفيذ، وبخطوات عملانية، ويصار إلى إخضاع المشتبه بهم للجنة تحقيق فلسطينية، قبل
أن تنجز تحقيقاتها وفي مهل سريعة، وفي ضوء ذلك يتم اتخاذ القرار بشأن المخلّين
بالأمن والمجرمين لجهة تسليمهم إلى الدولة اللبنانية.
فلم يعد
مسموحاً التسابق على المراكز والتخلّي عن المسؤوليات، حيث يبرز نشاط للعديد من
المسميات التي في ظاهر بعضها تهدف إلى جمع الكلمة وتوحيد التحرّك، لكن في أبعادها
تتناقض في ما بينها بدلاً من التكامل، وهنا مسؤولية القوى بتحمُّل المسؤولية قبل
"فلتان الملق"، حيث تصبح اللغة العشائرية هي المسيطرة، خاصة إذا ما
استمر تنفيذ الاستهداف لشخصيات وازنة ومعتدلة، بعدما تجاوز القتلة الخطوط الحمر،
فلم تعد من محظورات سواء لرجال دين معمّمين أو مصلحين اجتماعيين، ومَنْ يصفهم
الجميع بأنّهم رجال اعتدال، فإذا استهدف أمثال هؤلاء فما هي الضوابط التي تحول دون
استهداف آخرين لاستدراج عائلات يتوزّع أبناؤها على أكثر من فصيل يتوحّدون في
مصابهم من جلل على الرغم من التباين السياسي لفصائلهم؟!.
صرخة يجب أنْ
تُحدِثَ صداها قبل فوات الأوان لأنّ مَنْ يخطّط يعرف ماذا يريد، ويسعى إلى تنفيذ
مؤامرات بشتى الوسائل والسبل والكثير من الأحداث الذي شهدها المخيّم كانت بأدوات
محلية، لكن تخدم أجندات أجهزة متعدّدة ومنها أجهزة خارجية، وفي الطليعة العدو
الصهيوني الذي تبيّن لاحقاً أنّ العديد من الأحداث التي شهدها المخيّم كما لبنان،
كانت من تخطيطه وتنفيذ عملاء له في الداخل.
المصدر: هيثم
زعيتر – اللواء