تصفية حسابات في المية ومية: 8 قتلى و10 جرحى

الثلاثاء، 08 نيسان، 2014
شهدت منطقة صيدا تطوراً أمنيا لافتاً أمس، لم يكن محسوباً أو مسجلاً على
لائحة الأجندة الأمنية. وشكل مفاجأة للمعنيين خاصة للساحة الفلسطينية، وتحديداً
لـ«حركة فتح» بكل تشعباتها. وشكل رسالة دموية مباشرة بمضمون سياسي إلى «كل من
يحاول المشاغبة» على «الستاتيكو الفلسطيني»، المتعارف عليه في المخيمات، ولمن
«يحاول فرض أجندة سياسية من خارج الواقع السياسي» للمنطقة وما تمثلة لبنانياً
وفلسطينياً. مخيم المية ومية الصغير بحجمه، وبعدد سكانه، كما بمساحته، كان الحدث
الأمني الفلسطيني الأبرز، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بين تنظيم «أنصار الله»
الفلسطيني، برئاسة جمال سليمان، الذي يتخذ من المخيم مقراً رئيساً لتنظيمه المحسوب
على التشكيلة الفصائلية، والذي كان مدعوماً من «حزب الله»، وبين ومجموعة أحمد
رشيد، الذي أعلن مؤخراً عن تأسيس «كتائب العودة»، وانتمائه للقيادي الفتحاوي محمد
دحلان، المطرود من الحركة.
وقد انتهى الاشتباك بمقتل ثمانية أشخاص بينهم رشيد نفسه، ومرافقه واثنين
من أشقائه، وجرح عشرة آخرين معظمهم من أنصار رشيد ومن بينهم أحد أشقائه، وبسيطرة
كاملة لـ«أنصار الله» على مكاتب ومقتنيات رشيد.
مصادر فلسطينية أكدت أن مسألة حسم الوضع الأمني لحالة أحمد رشيد في المية
ومية، ومصرعه مع كل من يمت إليه بصلة، وبهذا الشكل، لا يمكن النظر إليها فقط من
زاوية اعتبارها حدثاً أمنياً عادياً مع أنها انتهت بمقتل ثمانية أشحاص، عدا عن
الجرحى والأضرار المادية، وترويع السكان ونزوح بعضهم عن المخيم، كونها حدثاً
سياسياً بامتياز، لأنها قضت على حالة كان مقرراً لها لو استمرت، وتواصلت مع عين
الحلوة أن تشكل نتوءاً لا يستهان فيه ضمن الجسم الفلسطيني، خاصة أن رشيد كان قد
جاهر بالولاء لمحمد الدحلان.
وأعلنت المصادر أن «معظم الأجهزة الأمنية اللبنانية المعنية بملف
المخيمات كانت قد حذرت من خطورة التمادي واللعب في الساحة الفلسطينية، والمساس
بثوابتها السياسية، وبمسلمات القضية الفلسطينية ـ وبمرجعيتها على الساحة
اللبنانية، أو بموقع المخيمات وجغرافيتها على الأرض اللبنانية». تضيف المصادر «إلا
ان سرعة الحسم وعدم تلقي رشيد أي مساندة أو تضامن من أي جهة، لا سيما من عين
الحلوة، إضافة إلى بقاء كل من جاهر بالولاء لدحلان في المخيم، وخاصة محمود عبد
الحميد عيسى الملقب باللينو، على الحياد، أدت إلى هذه النهاية السريعة والمكلفة،
وشكلت رسالة موجهة قد تكون قضت على كل محاولة لعودة الحالة الدحلانية، إلى ساحة
المخيمات في لبنان». وتشير المصادر إلى أن «انصار الله» تنظيم فلسطيني من ضمن
«الستاتيكو» المعروف في المخيمات الفلسطينية. وفي الوقت نفسه، له ارتباطات أمنية
وسياسية محلية وعربية وإقليمية.
وتلفت المصادر إلى أن الوضع الأمني بين مجموعة أحمد رشيد و«أنصار الله»
بقي طوال الفترة الماضية في حال من التوتر الدائم، وإطلاق النار. كما وقعت بين
الطرفين أكثر من حادثة أمنية واشتباكات واتهامات بإطلاق النار، وبإطلاق قنابل
يدوية، مع العلم بأن رشيد كان يشكل حالة أمنية، وكان متهماً ببيع أسلحة وذخائر.
وكانت الاشتباكات قد استمرت لأكثر من ساعتين أمس، واستخدمت فيها الأسلحة
الرشاشة الثقيلة والمتوسطة والقذائف الصاروخية. وبدأت الاشتباكات بعدما شنّ عناصر
«انصار الله» هجوماً عنيفاً على مجموعة أحمد رشيد المسلحة في المخيم، حيث اندلعت
المعركة وأسفرت عن سيطرة «الأنصار» على كل مقرات ومقتنيات ومنازل رشيد وعائلته
وأنصاره في المخيم. وأسفرت المعركة عن 8 أشخاص عرف منهم أحمد رشيد وشقيقاه رشيد
وخالد، وشادي سليمان (ابن أخي جمال سليمان) وحسن مشعل، ومحمد قطيش، وطارق أحمد
الصفدي الذي نعته «جمعية عمل تنموي بلا حدود - نبع». وأصدرت بيانا ذكرت فيه أن
الصفدي «استشهد مظلوما أثناء تأديته واجبه الإنساني في المخيم».
ونقلت جثث القتلى إلى «مركز لبيب الطبي» في صيدا، و«مستشفى الهمشري» في
المية ومية. ذلك إضافة إلى سقوط عشرة جرحى، من بينهم أبو يوسف المعطي، ومحمد
زيدان، ومصطفى نحال، ويوسف عدوان. وقد نقلوا إلى المستشفيين المذكورين. وسجلت حركة
نزوح من المخيم.
وكان الجيش اللبناني قد طوق المخيم من جميع جهاته، ومنع أياً كان من
الدخول إليه. وأقام حواجز عند كل المداخل المؤدية إليه. في المقابل، ساهم مســـؤول
مخابرات الجيــــش اللبناني في الجنوب العميد علي شحرور في احتواء أجواء التوتر.
كـــما ساهم في انتــــقال لجنة المتابعة الفلسطـــينية من عين الحلوة إلى المية
ومية لمنع تفاقم الأمور وإعادة الوضع إلى طبيعته.
وحاولت نساء في المخيم قطع الطريق، وحرق الإطارات، من أقارب القتلى
المحسوبين على أحمد رشيد، وطالبن بمغادرة جمال سليمان للمخيم. إلا ان حركتهن سرعان
ما انتهت. وأشيع عن نقل أجواء عن قطع الطرق في مخيم عين الحلوة، إلا انه تبين عدم
صحة ذلك.
ذلك بينما بقيت «حركة فتح» بعيدة عن الأضواء السياسية والأمنية، ولم يسجل
للحركة أي تواجد، باستثناء استنفارها أمام مكاتبها. وحرصت على إبلاغ الجميع بأن لا
دخل لها في هذه المعركة لا من قريب أو بعيد .
إلى ذلك، أجرى الدكتور عبد الرحمن البزري اتصالات مع مسؤولي الفصائل
والقوى الفلسطينية لمتابعة التطورات الأمنية، معتبراً أن هذه الأحداث لا تخدم
الفلسطينيين وقضيتهم، وتُسيء إلى الاستقرار في منطقة صيدا ومخيماتها. وأضاف البزري
ان الوثيقة الموقعة بين مختلف القوى الفلسطينية ترفض اللجوء إلى العنف واستخدام
السلاح، لذا وجب الإسراع في استيعاب تداعيات هذه الاشتباكات ومنع تكرارها
واحتوائها والعمل على تثبيت الهدوء.
من جهتها، استنكرت «الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين» الاشتباكات. ودعت
إلى ضرورة تحصين الوضع الفلسطيني برمته من خلال قيادة فلسطينية موحدة تشارك فيها
جميع القوى والتيارات السياسية، والعمل على تشكيل لجان شعبية موحدة، ولجان أمنية
فاعلة وقادرة على حماية أمن المواطن في المخيمات.
المصدر: محمد صالح -
السفير