تعاميم رئاسة الوزراء تعيد إلى الواجهة حقوق اللاجئين
كيروز يعدّ سؤالاً عن تأخّر المراسيم ونحاس يتوقّع خطوات
هل من آلية توازن بين الحقوق الانسانية وهواجس القوى السياسية؟
الخميس، 19 كانون الثاني، 2012
بدأت خطوة اصدار رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي تعميما في شأن الوثائق المتعلقة بالاحوال الشخصية للفلسطينيين والتي يطلب فيها الى الادارات والبلديات اعتماد الوثائق الصادرة عن السلطة الفلسطينية في قيود الولادات والوفيات والزواج، تتفاعل في الاوساط اللبنانية عموما والمسيحية تحديدا. ورغم ان تاريخ اصدار التعميم يعود الى 25 تشرين الثاني الماضي (نشرته "النهار" في اول كانون الاول الفائت ورقمه 2011/29)، الا ان الردود عليه بدأت تأخذ منحى مختلفا انطلاقا من عاملين: الاول توزيع هذا التعميم على الادارات الرسمية، سواء على مستوى مديرية الاحوال الشخصية في وزارة الداخلية او مصلحة اصدار اجازات العمل والسجلات التجارية، مما يعني بدء سريانه فعلا، في ظل غياب اي دور ضابط للسلطات اللبنانية. ولم يبدد صدور توضيح جديد امس عن الوزارة الهواجس.
في المقابل، ينطلق المعطى الثاني من تأخر وزير العمل شربل نحاس في اصدار المراسيم التطبيقية لاقتراح القانون الذي يتعلق بحقوق هؤلاء اللاجئين والذي كان أقر العام الماضي. وهو تأخر من شأنه ان يؤدي الى سلسلة تحركات نيابية في هذا المجال.
والواقع ان المواقف المشككة في التعميم الحكومي الجديد تطرح سلسلة تساؤلات عن تداعيات هذه الخطوة، وخصوصا ان احد ابرز انعكاساتها بات يتمثل في عدم الزامية استحصال الفلسطيني على بطاقته المتعارف عليها كلاجىء، للتعريف عن نفسه امام ادارات الدولة. ومع اقرار المعنيين بأن غالبية الفلسطينيين كانوا حازوا اساسا بطاقة التعريف هذه على امتداد الاعوام، الا ان الخطورة تكمن في الغاء القرار الجديد الفصل القائم اساسا بين الهوية الوطنية كفلسطيني والقانونية كلاجئ. وما يزيد الهواجس، مجموعة خطوات قانونية لاحقة يمكن ان تعتمدها السلطة الفلسطينية او السفارة الفلسطينية في لبنان، في مقدمها التوجه الى اصدار جوازات سفر للاجئين في لبنان وهويات وبطاقات تعريف، مع غياب اي دور ضابط للدولة على مستوى الاعداد، وخصوصا عبر مديرية الشؤون السياسية واللاجئين في وزارة الداخلية، او القيود الموجودة لدى المديرية العامة للامن العام المخولة منحهم "جوازات مرور".
ولا يخفى على المعنيين الاشارة الى ان رئاسة الوزراء الحقت تعميمها الاول بآخر حمل الرقم 2012/1 واعتبرت فيه ان "المقصود بالوثائق الفلسطينية لم يكن اعتمادها حصرا دون غيرها".
وانطلاقا من هنا، فان السؤال الذي يطرح نفسه اساسه كيف ستجد هذه الهواجس طريقها الى التنفيذ سياسيا وتشريعيا في ظل الانقسام القائم؟
ليس خافيا ان ثمة جهات وخصوصا المعارضة منها، باتت ترى في توقيت القرارات الجديدة سعيا حكوميا الى تمرير سلة رسائل الى المجتمع الدولي المهتم برؤية مبادرات عملية تهدف الى تحسين شروط الفلسطينيين في لبنان، مع توجه نحو تطبيع قانوني هادئ وكلام متزايد عن ربط المخيمات بالبلديات. هذا، فيما ينشط الاطراف الدوليون – وعلى المستوى الاقليمي الاعرض - في اعادة بث الروح الى المفاوضات بين الاسرائيليين والفلسطينيين في الاردن، مع ما يعني ذلك من انعكاسات محتملة على دول الجوار.
ثانيا، يبرز ترقب مسيحي حيال رزمة القرارات المتوقعة في هذا الشأن، وسط توجه الى الشروع في تحركات على اكثر من مستوى. وفيما تنشط الاتصالات لعقد لقاء بين البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي والرابطة المارونية (توقيع اليوم) انطلاقا من تأكيدات المتابعين، لدرس الملف الفلسطيني ككل، يتوزع العمل حزبيا على جبهات عدة. وفي هذا الاطار، يقول النائب سامي الجميل لـ"النهار" ان حزب الكتائب يترقب اكتمال مجموعة قرارات تتعلق بالقضية قبل ابداء رأيه في الموضوع، مذكرا بمبادرة لبنان الى رفع مستوى التمثيل الفلسطيني الى سفارة وموافقة الكتائب عليها. كما يكشف النائب ايلي كيروز انه في صدد توجيه سؤال نيابي الى وزير العمل شربل نحاس حول تأخر صدور المراسيم التطبيقية المتعلقة باقتراح القانون المرتبط بحقوق الفلسطينيين الانسانية والاجتماعية. ويشير الى ان حزب "القوات اللبنانية" "يسعى الى الموازنة بين هواجس رفض التوطين المعروفة وتأمين حد ادنى من الحياة الكريمة للاجئين الفلسطينيين".
وفي اتصال مع "النهار"، افادت مصادر وزير العمل انه اعد مشروع قرار يسمح لفلسطينيي 1948 بالحصول على اجازات عمل مع اعفائهم من الرسوم وتسجيلهم في الضمان الاجتماعي للافادة من تعويضات نهاية الخدمة، مرجحة ان يصدر القرار بين يوم وآخر. وردا على سؤال عن الموقف السياسي لـ"تكتل الاصلاح والتغيير" الذي ينتمي اليه الوزير من الملف الفلسطيني، تجيب المصادر: "الوزير شخص تقني ويتعاطى مع الموضوع من هذه الزاوية بعيدا من اي تسييس".
ومعلوم ان وزير العمل السابق بطرس حرب كان اعد مرسوما تطبيقيا في هذا الشأن، تولى رده مجلس شورى الدولة باعتبار ان الحكومة كانت في صدد تصريف الاعمال آنذاك. ومن هنا، ثمة رأي قانوني يقول بأن اي تعديل قانوني يتطلب مراسيم تطبيقية يصدرها الوزير المعني ويفترض ان ينظر فيها مجلس الشورى لتحظى اخيرا بموافقة مجلس الوزراء.
المصدر: النهار- ريتا صفير