رسالة المفوض العام السيد
فيليبو غراندي إلى العاملين في الأونروا
.jpg)
الأربعاء، 23 كانون
الثاني، 2013
الزملاء الأعزاء، أكتب
إليكم ردا على البيان الذي أصدره مؤتمر اتحاد العاملين بتاريخ 15 كانون الثاني والذي
أعلن فيه بأن الإدارة حاولت عرقلة طلب بزيادة منافع التقاعد للعاملين خلال المؤتمر
الأخير للاتحادات والذي عقد في عمان. وعليه فقد قرر اتحاد العاملين تعليق الاجتماع
وقام باتخاذ عدد من المطالب، معلنا عن قراره بوقف العمل وعن اتخاذه إجراءات أخرى في
حال لم تتم تلبية تلك المطالب. خلال السنوات القليلة الماضية، خاضت الإدارة العديد
من النقاشات مع اتحاد العاملين. وقد شاب تلك النقاشات عددا من الصعوبات والتوترات،
إلا أنها دائما ما كانت تنتهي بشكل ودي.
إن الاتحادات تضطلع بمهمة
في غاية الأهمية تتمثل في تعزيز مصالح العاملين، وفي تقديم المطالب دعما لهذه المصالح.
وكانت الإدارة دوما تولي اعتبارات كبيرة لتلك المطالب، وذلك لبيان فيما إن كانت متماشية
مع أنظمتنا وقوانيننا، وفيما إن كانت تتسق مع سياسات الأونروا وفيما إن كان بمقدورنا
تلبيتها من الناحية المالية. إن كلا الطرفين يضطلعان بمسؤولية جسيمة لضمان أن العاملين
يحصلون على دعم جيد يمكنهم من تقديم خدمات حسنة للاجئين الفلسطينيين.
وباعتباري
المفوض العام، فقد كنت دوما أرى أنه من الضروري العمل على ضمان تقديم أجور مناسبة للعاملين،
حيث أن برامجنا يتم تقديمها من خلالهم وأن جودتها تعتمد أيضا على ظروف عمل ملائمة.
وإنني أتفهم بالكامل الضغوطات والتحديات التي لا شك أنكم تواجهونها في حياتكم اليومية
وفي الوقت الذي نواصل جهودنا مع المتبرعين نيابة عن مجموع العاملين لدي الاونروا إلا
إنه ليؤسفني أن بعضا من مطالبكم يمكن تلبيته فقط. لسوء الحظ فان الواقع المالي سيظل
على حاله وسيستمر بأن يكون كذلك بالنظر إلى أننا نعمل بموارد مالية شحيحة. وعلى أية
حال، فإنني أشعر بالفخر بأننا استطعنا تلبية بعض الزيادات للعاملين والمحافظة على سياسة
الأجور لدينا، وفي نفس الوقت المحافظة على كافة الخدمات الرئيسة للاجئين.
ولكي نكون
ناجحين في هذه الجهود، فإنه من الضروري أن تعمل الإدارة والاتحادات سويا وباحترام متبادل
من خلال الحوار. إن دوري، كمفوض عام، يتمثل في ضمان أن هذا التعاون قوي وفاعل. وبهذا
الخصوص، وبعد قراءة بيان مؤتمر اتحاد العاملين المؤرخ في 15 كانون الثاني، فانه يتوجب
علي إخباركم بأنني أشعر بخيبة أمل حيال السلوك الذي انتهجه اتحاد العاملين.
فأولا، قامت الاتحادات
بالطلب من الإدارة تقديم ردها على مطلب مهم للغاية، ألا وهو زيادة منافع التقاعد، خلال
إطار زمني غير معقول، وقامت بإعطائها عدة ساعات فقط لتجيب بالموافقة أو بالرفض. وأرجو
ملاحظة أن تنفيذ مطلب كهذا سيكلف الأونروا عدة ملايين إضافية من الدولارات في العام
الواحد.
وثانيا، وعندما
استجابت الإدارة بقولها أنها تحتاج للمزيد من الوقت لدراسة هذا الأمر (والذي أعتبره
ردا معقولا للغاية)، قررت الاتحادات إيقاف مؤتمر اتحاد العاملين الذي يعقد بشكل نصف
سنوي. وكانت النتيجة أن العديد من القضايا ذات الأهمية الكبيرة بالنسبة للعاملين، والتي
كانت الإدارة حريصة على مراجعتها، لم يتسنى مناقشتها على الإطلاق.
وثالثا، قامت
الاتحادات بإصدار بيان عام لجميع العاملين، مهددة بالبدء بإجراءات التوقف عن العمل
بحلول 29 كانون الثاني الجاري ما لم يتم الحصول على رد إيجابي لمطلبهم (ولمطالبهم الأخرى).
ورابعا، أعلنوا
أنهم سيقومون بوقف التعاون مع الإصلاحات التربوية – وهو قرار سيعمل على إبطاء التحسينات
الهامة في حقل التعليم، مما يعطي صورة سيئة عن الأونروا ويتسبب بأضرار للمعلمين والطلاب
على حد سواء.
لقد سمعت
في بعض الأحيان بأن الوكالة لا تستجيب لمطالب العاملين. إن هذا ليس صحيحا. فمنذ عام
2008، قمت أنا والمفوض العام السابق بالموافقة على صرف أموال تزيد قيمتها عن 80 مليون
دولار من أجل زيادات في الرواتب ومنافع أخرى للعاملين. وفي ظل الوضع الاقتصادي العالمي
الحالي، فإن هذا يعد مبلغا هائلا من المال، وخصوصا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار حدوث
تخفيضات في الوظائف العامة وحدوث تجميد أو حتى تقليل في الرواتب لدى العديد من البلدان
المانحة. ومؤخرا، وبعد مراجعة متأنية للموضوع، قمت بالموافقة على قوانين جديدة تتيح
للعاملين تمديد سن تقاعدهم إلى عمر 62 سنة، إذا ما رغبوا في ذلك ابتداءا من كانون الثاني
للعام 2014 ارتكازا على الأداء الوظيفي والتقرير الطبي: وهذا قرار سيكون له مزايا مالية
ومزايا أخرى كبيرة لأولئك الذين يختارون تمديد عقودهم مع الأونروا.
إن هذا يثبت
النية الحسنة لدى إدارة الوكالة في التعامل مع احتياجات العاملين، والتفهم الذي يبديه
المانحون في الاستجابة لمطالبنا. وعلى أية حال، فإن السلوك الذي أظهره اتحاد العاملين
في الخامس عشر من كانون الثاني لن يساعد أولئك الأشخاص بيننا والمكلفين بمهمة حشد التبرعات
– بل على العكس، فإنه سيعطي صورة عن الأونروا وكأنها منظمة لا مسؤولة، وسيجعل من عملية
حشد التبرعات أمرا مستحيلا.
إن وضعنا
المالي في غاية الصعوبة؛ فالموازنة العامة تعاني من عجز تقارب قيمته 70 مليون دولار
في عام 2013. وفي لبنان، وفي أعقاب إقرار علاوات خاصة في القطاع العام، فإننا نعمل
بشكل بناء مع الاتحادات والمانحين لضمان أن يتم احترام سياسة الرواتب لدينا بغض النظر
عن العجز.
وعليه، فإنني
يجب أن أكون صريحا معكم: إن الموافقة على إدراج المزيد من النفقات في الموازنة في هذه
الفترة يعد أمرا مستحيلا ولا يتم إلا عبر طريقتين: إما أن نعمق من عجزنا المالي والدول
المتبرعة قد أعلمتنا وبوضوح بأن هذا الخيار لن يكون مقبولا لديهم أو عبر الخيار الأخر
ألا وهو تخفيض الخدمات للاجئين، وهو الأمر الذي أرفض القيام به. إن القيام بالاحتجاج
عن طريق التوقف عن العمل لن يساعدنا حيث أنه سيؤدي إلى الإضرار باللاجئين، وسأكون ملزما
عندها بضمان أن يتم التطبيق الصارم لسياستنا التي تقضي بعدم تعويض الموظف عن الوقت
الذي أمضاه بدون عمل.
إن توقيت
إصدار بيان اتحاد العاملين في هذا الخصوص لم يكن موفقا بتاتا في الوقت الذي تواجه فيه
الاونروا تحديات هائلة والتي تتطلب مواجهتها وجود روح وحدة الهدف وليس الانقسام – وهي
تحديات لا تتعلق بالعجز المالي فحسب بل وأيضا استمرار الاحتلال للأراضي الفلسطينية
والنزاع الفظيع في سورية.
وفي الختام فإنني أود منكم
أن تعلموا بأنني هنا أطلب من اتحاد العاملين العرب في الاونروا استئناف حوارهم مع الإدارة
بدون مطالب مسبقة وبطريقة واقعية. كما أنني أطلب أيضا من الاتحادات التوقف عن اعتماد
مواقف ولغة عدائية، وهو الأمر الذي لا داعي له على الإطلاق، إلا أنه غالبا ما أصبح
يستخدم. وعلى وجه الخصوص، فإنني أطلب من رئيس مؤتمر اتحادات العاملين ومن كافة الاتحادات
أن يقوموا بالنظر في نيتهم بالبدء بإجراءات تصعيدية وبمقاطعة الإصلاحات التربوية. وفي
حالة مضيهم قدما في هذه الخطوات، فإننا لن نكون قادرين على تحقيق أهدافنا المشتركة
لمساعدة اللاجئين ولدعم الموظفين بأفضل وسيلة ممكنة.
يجب استئناف
الحوار وبطريقة محترمة وواقعية لكي تتمكن الإدارة واتحاد العاملين بالعمل الفعال لمصلحة
العاملين وسيكونون قادرين على الاعتماد على نائب المفوض العام وعلي أنا شخصيا، كما
هي العادة، في سبيل دعم كلا الطرفين لتحقيق نتائج إيجابية للاونروا وللاجئين الذين
نقف على خدمتهم.
مع خالص تمنياتي
للجميع.