القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأربعاء 18 حزيران 2025

صمت وصمود وغناء للنازحين الفلسطينيين

صمت وصمود وغناء للنازحين الفلسطينيين


الثلاثاء، 11 حزيران، 2013

لأجل 54 ألف فلسطيني نزحوا إلى لبنان بعد لجوئهم إلى سوريا، ولأجل خمسين ألفاً سينزحون وفق التوقعات، غنّت أمس الأول الفنانة أميمة الخليل على «مسرح المدينة»، لأطفال كمحمد الدرّة يفضلون العودة إلى الديار بدلا من دراجة جديدة، ولأمهات كسهام أبو سيته تصمد من دون زوجها الذي خسرته على طريق الجلجلة الطويل، فأُجبرت على حمل جمرات النزوح واللجوء، وحدها.

استمتع الحضور بالصوت المقاوم خلال أمسية نظّمتها «مؤسسة التعاون» ـ فرع لبنان، ويعود ريعها لإعانة وإغاثة النازحين الفلسطينيين من سوريا. فكان الصوت والهدف سببين كافيين لأن يبحث المنظمون، لا سيما منسقة البرنامج مي حمادة، عن أماكن إضافية لجمهور ضاقت به قاعة المسرح.

قبل الحفل، بثت صور لنازحين إلى لبنان، حكت من خلالها المؤسسة يومياتهم التي لا تشي بأنهم يحصلون على شيء من دون همّ أو تعب، ما عدا الهواء الذي يتنشقونه. فعلى الفراش نفسه يأكلون وينامون ويدرس الأولاد وتطرّز الأمهات.. لكنّ وجوه أهل الصمود ليست شاكية بل قلقة من مصير مجهول وعدو يحملهم على الرحيل من بلد إلى آخر، ويحرمهم حتى من مشاهدة خيالهم يظلل أرضهم من خلف الشريط الشائك الذي يزنّر فلسطين المحتلة.

بعد النشيدين اللبناني والفلسطيني اعتلت المسرح صبّية فلسطينية هي سلمى زكي، وصل وجهها البشوش بين فقرات البرنامج. وقد استهلت الأمسية بمداخلة مصوّرة للطبيبة الأصغر في العالم الفلسطينية إقبال الأسعد التي تنهي تخصصها اليوم في طبّ الأطفال في قطر. كانت إقبال مفاجأة الحفل.

حضّت إقبال أهلها على الصمود والتحلّي بالأمل، فقالت: «الأمل الأمل الأمل، والصمود الصمود الصمود، لأن إرادتنا يجب أن تبقى ثابتة مهما تكرّرت النكبات والإبادات». وتوجّهت إلى الشباب الفلسطيني تحديداً لتدعوه إلى الكدّ والجهد للوصول إلى الأهداف المرجوة.

ثم قدّمت مديرة المؤسسة في لبنان سلمى اليسير أرقاماً عن أوضاع النازحين الفلسطينيين إلى لبنان كشفتها دراسة أعدّتها «جمعية أنيرا»، وتبيّن أن 97 في المئة من هؤلاء النازحين شهدوا عنفاً، وأن 82 في المئة منهم يعتمدون اعتماداً كاملاً على الإعانات. وشكرت كلا من الفنانتين أميمة الخليل لإحيائها الحفل ونضال الأشقر لتقديمها المسرح.

بعدها كانت شهادة حياة للفلسطينية سهام أبو سيته، وقد باتت واحدة من 54 ألفاً ممن يعيشون معاناة النزوح بعد اللجوء وبعد مسلسلات التهجير من الوطن الأم. استهلتها من تاريخ 27 كانون الأول 2012، وهو التاريخ المفصلي الذي حملها وعائلتها إلى أيام من الرعب والخوف والجوع.

قالت: «كان مخيم اليرموك محاصراً وليس فيه ما يمتّ إلى مفردات الحياة. قررنا أنا وزوجي وأولادي المكوث فيه لأنه لم يكن لدينا خيار آخر، فصرنا ننتقل من مكان إلى آخر داخله لنحمي رؤوسنا. أكلنا الخبز اليابس والمعلّبات المنتهية الصلاحية. ذات يوم خرجت وأولادي لآتي بالخبز. عدنا والخبز بأيدينا لكن زوجي كان قد قتل. بعدها حاولنا الخروج من المخيم والهروب إلى لبنان، لم نتمكن من ذلك إلا بعد ستة أيام». خبرت سهام هذه المعاناة وابنتاها جودي وجنى اللتان لم تكملا عامهما الخامس. وقد سألتها إحداهما: «ماما متى سنموت؟» فردّت: «سهام سنعيش وسنصمد ولن نموت».

تلفت سهام الى أن قصتها ليست قصة فردية بل تشبهها آلاف القصص مثل قصة الطفل معز الذي ولد على الطريق، ورهف التي ما زالت لا تعرف ما هو مصير والدها وحسن الذي بترت رجله..

ثم انطلق البرنامج الفني الذي قدمته أميمة إلى فلسطين «القضية التي تتفرع منها كل قضايا شعوبنا العربية». فكان الجمهور يرافقها غناء تارة ويستسلم لصمت مطبق تارة أخرى، لا سيّما عندما كانت الفرقة الموسيقية بقيادة الفنان هاني سبليني تنحني أمام صوتها حين كان يستحضر شعر محمود درويش وموسيقى مارسيل خليفة.

على هامش الحفل، إبداع فلسطيني من نوع آخر أتقنته نساء فلسطينيات صنعن لوحات مطرّزة طبقاً لفن التطريز الفلسطيني. فكان عبارة عن معرض يحوي نماذج من 280 قطعة ابتكرتها ونفذتها ووقعتها نحو ثمانين امرأة من مخيمات الرشيدية والمية ومية والبرج الشمالي تحت إشراف رنا أبو عيسى وسعاد أمين جرار.

تجدر الإشارة الى أنه يمكن التبرّع لمصلحة «مؤسسة التعاون» من خلال الاتصال على أحد الرقمين: 303218/01 و307218/01.

المصدر: مادونا سمعان - السفير