القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

عدم الحسم في «عين الحلوة» يبقي الوضع مفتوحاً على احتمالات التفجير

وقف إطلاق النار ينهي 20 ساعة اشتباكات حصيلتها 3 قتلى و30 جريحاً

عدم الحسم في «عين الحلوة» يبقي الوضع مفتوحاً على احتمالات التفجير


الإثنين، 24 آب، 2015

هل طوى مخيم عين الحلوة صفحة أحداث اليومين الماضيين مع صفحات أحداث سابقة مماثلة بانتظار جولة ثالثة من التفجير لا يعرف كيف سيكون شكلها ولا حجمها ولا تداعياتها؟.

سؤال تبدو الاجابة عليه بديهية لأن الجهد الفلسطيني الذي يبذل ابان اشتباكات وأحداث من هذا النوع ينصب على وقف اطلاق النار واعادة الهدوء الى المخيم، وتترك معالجة الأسباب ومحاسبة المتسببين بمثل هذه الأحداث للجان تشكل لكنها لا تُمنح صلاحيات المعالجة والمحاسبة، أو لا تتم مقاربة الخلفيات كون الخوض فيها أو الوصول الى قرار بشأنها لن يحظى بالاجماع الفلسطيني المتوافر حالياً بحده الأدنى في اطاره المشترك المتمثل بالقيادة السياسية الفلسطينية الموحدة والأطر المشتركة المنبثقة عنها، بما فيها القوة الأمنية الفلسطينية والتي يبدو أنها أصبحت هي فقط نقطة الارتكاز التي يمكن أن يعوّل عليها بعد كل تفجير واسع بأن تعيد للمخيم بعضاً من نبض الأمن والاستقرار، وان كانت هي الأخرى لا تملك الصلاحيات ولا القرار السياسي للحسم العسكري اذا اقتضى الأمر .

في المقابل، كشفت اشتباكات اليومين الماضيين أن حركة «فتح« كانت أكثر قدرة على التحرك عسكرياً على الأرض رغم تكبدها قتيلين وعدداً من الجرحى، وأنها قادرة على الحسم في حال توافر القرار والغطاء السياسي لها .

وفي هذا السياق، أشارت مصادر فلسطينية مطلعة الى أن مقاتلي «فتح» تمكنوا من الوصول الى تخوم معاقل المجموعات المسلحة في حي الطوارئ والشارع التحتاني والطيري وحتى الصفصاف - حيث يتموضع أحد مسؤولي «جند الشام» بلال بدر ومجموعته - وأنها أي «فتح» كانت قاب قوسين أو أدنى من الدخول الى الحي الأخير لكنها اصطدمت بعناصر «عصبة الأنصار» التي يعتبر هذا الحي معقلاً أساسياً لها!.

وأوضحت المصادر أن «فتح» سجلت أيضاً تقدماً في حي الطوارئ من جهتي البركسات والشارع التحتاني، ولكن لم يعرف سبب عدم مضيها في حسم الوضع هناك، رغم أنه جرى الحديث عن استقدام الحركة مقاتلين لها من مخيمات أخرى .

من جهة ثانية، بدا المشهد معاكساً في حي حطين، وهو الحصن الأكبر والأهم لـ «جند الشام» ومجموعات ما يسمى بـ «الشباب المسلم» حيث شوهد عناصر تلك المجموعات مستنفرين عند مدخله، حتى أنهم وصلوا الى الحاجز المقابل وبقوا هناك لبعض الوقت .

في المحصلة، أعادت الاشتباكات خطوط تماس كان يعرفها المخيم في بعض الأحياء في فترات سابقة ولا سيما محور حي الطوارئ البركسات الذي أزيلت منه قبل سنوات التحصينات والدشم، وأعيد بعضها ابان الاشتباكات الأخيرة التي أوجدت أيضا خطوط تماس جديدة في أحياء أخرى، مثل محور الشارع التحتاني الطوارئ والذي رأى مراقبون أنه كان أحد أسباب انطلاق شرارة الاشتباكات بمحاولة اغتيال العميد الفتحاوي سعيد العرموشي الذي استهدف - وبحسب المصادر نفسها- لكونه ومن مركزه في الشارع المذكور كان يشل حركة «جند الشام» وبقية المجموعات المسلحة ويضيق عليهم الخناق مؤلفاً مع نقطة البركسات المقابلة للطوارئ ما يشبه الكماشة الأمنية. يضاف الى هذه المحاور أيضاً محور الطيري صفوري ومحور سوق الخضار ومحور حطين درب السيم الذي يحظى فيه «جند الشام» بحرية تحرك أكبر، وضمن هذا المحور اغتيل المسؤول الفتحاوي العقيد طلال الأردني قبل أسابيع.

وكان لافتاً أيضاً في هذه الاشتباكات أنواع الأسلحة التي استخدمت من رشاشة وأعيرة متوسطة وقذائف صاروخية على اختلاف أنواعها ومن كلا الطرفين. وقد طال رصاص الاشتباكات والقنص للمرة الأولى منذ سنوات طويلة بعض أحياء مدينة صيدا، التي سجل انفجار عدد من القذائف الصاروخية مصدرها المخيم في أجوائها.

ورأت أوساط فلسطينية مطلعة أن عدم الحسم في مخيم عين الحلوة يبقي الوضع الأمني فيه مفتوحاً على احتمالات التفجير من جديد، خصوصاً وأن أسباب الاشتباكات والأحداث التي شهدها لم تتم معالجتها ولا محاسبة المسؤولين عنها، وبالتالي تصبح عدم المعالجة بحد ذاتها سبباً اضافياً لاستمرار النزف الأمني في المخيم .

الى ذلك، حرص الجيش اللبناني على البقاء في حالة تأهب قصوى ابان اشتباكات عين الحلوة، وعلى القيام بدوره الانساني المعتاد بتسهيل نقل الجرحى خارج المخيم وتأمين خروج العائلات التي نزحت طلباً للسلامة، فيما أبقى حركة السير باتجاه المخيم معلقة حتى بعد اعلان وقف اطلاق النار للتحقق من تثبيته .

اذاً، نحو عشرين ساعة من الاشتباكات بين «فتح» و«جند الشام» كانت حصيلتها 3 قتلى (قتيلان لـ «فتح» هما مصطى الصالح وربيع مشعور وسيدة فلسطينية قضت بسكتة قلبية تحت ضغط الوضع) ونحو 30 جريحاً، وتخللتها ثلاث محاولات لوقف اطلاق النار، خرق الأول والثاني ونجح الثالث بعد اتصالات تخطت حدود المخيم من صيدا وبيروت ورام الله. فيما أسفرت الاشتباكات عن أضرار جسيمة في البيوت والممتلكات وشبكتي المياه والكهرباء .

إعلان وقف النار في عين الحلوة الثانية عشرة والنصف ظهر امس، جرى من قبل اللجنة الأمنية الفلسطينية العليا التي انعقدت بصورة طارئة في قاعة مسجد النور في المخيم، وبعد مساع بذلها سفير فلسطين في لبنان أشرف دبور مع القيادة السياسية الفلسطينية الموحدة في لبنان، وبالتنسيق مع القيادة الفلسطينية في رام الله وبدعم ومتابعة من مسؤولين وفاعليات لبنانية. وجرى تثبيت وقف النار بجولة لأعضاء اللجنة على محاور الاشتباكات، ثم بدعوة الأهالي للعودة الى منازلهم وبمسيرة شعبية حاشدة جابت شوارع المخيم تطالب بوقف معاناته الأمنية وما ينجم عنها من خسائر في الأرواح والممتلكات ومن حرف لبوصلة أكبر تجمع للاجئين عن وجهتها الأساسية وهي القضية الفلسطينية وحق العودة .

وبعد تثبيت وقف النار عصراً، نجحت القوى الفلسطينية في سحب المسلحين من الشوارع تمهيداً لنشر القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة على المحاور التي كانت مسرحاً لهذه الاشتباكات، وبانتظار اتخاذ اللجنة الأمنية العليا في اجتماعاتها اللاحقة خطوات أخرى لضبط الوضع الأمني في المخيم الذي بدأ يستعيد بعضاً من عائلاته التي نزحت منه ويلملم جراح الاشتباكات الأخيرة على أمل أن تكون فعلاً أخيرة !.

بهية الحريري

وتابعت النائب بهية الحريري الموجودة خارج لبنان، تطورات الوضع الأمني في مخيم عين الحلوة، وبقيت على اتصال بعدد من القيادات الفلسطينية الوطنية والاسلامية لحثهم على ضرورة تدارك الوضع ونزع فتيل التفجير من المخيم حفاظاً على سلامته وسلامة أهله وقضيتهم المركزية، وقطعاً للطريق على كل المحاولات الهادفة لجره الى فتنة داخلية أو مع الجوار. كما أجرت اتصالاً برئيس فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد خضر حمود واطلعت منه على صورة الوضع الأمني في المخيم .

واعتبرت في بيان صادر عن مكتبها الاعلامي، أن «ما شهده مخيم عين الحلوة من أحداث مؤسفة أوقعت قتلى وجرحى في صفوف أبنائه، وألحقت أضراراً بالبيوت والممتلكات وجعلت أبناءه أسرى لحظات الخوف والهلع ودفعت بكثيرين منهم للخروج بعائلاتهم الى العراء طلباً للسلامة والأمان، يجب أن يكون حافزاً للقيادات الفلسطينية الوطنية والاسلامية لأن تعمل متضامنة على الوقوف في وجه ما يحاك للمخيم من مخطط يطل برأسه بين الحين والآخر بأحداث وتوترات أمنية».

وأكدت أن «ما جرى في عين الحلوة آلم صيدا وأهلها لأن ما يصيب المخيم يصيب المدينة حاضنة القضية الفلسطينية، واننا ندعم حق أبناء المخيم بالأمن والاستقرار والعيش الكريم والمستقبل الأفضل لهم ولأبنائهم ونعتبرها ارادة مشتركة مع أهلنا في صيدا والجوار«، مثمّنة «كل الجهود والمساعي المخلصة والصادقة التي تسعى الى إنهاء الوضع الأمني المستجد في المخيم وصولاً الى اعادة الهدوء اليه والعودة الى الأطر الأمنية الفلسطينية المشتركة المولجة تثبيت الاستقرار فيه».

ودانت «الجماعة الإسلامية» في صيدا الاشتباكات المسلحة التي دارت في المخيم، داعية القوى السياسية في صيدا ومخيماتها الى «تحمل مسؤولياتهم الوطنية وعقد اجتماع عاجل للوقوف أمام ما يحصل في المخيم والعمل على تحصينه ورفض العودة الى أسلوب استخدام السلاح في حل الخلافات لما يشكله مخيم عين الحلوة من عنوان للقضية الفلسطينية وحق العودة».

ورأى الأمين العام لـ «التنظيم الشعبي الناصري« النائب السابق أسامة سعد أن «الغاية من تفجير أوضاع المخيم هي الإساءة إلى الأمن والاستقرار في صيدا والجنوب، وفي لبنان عموماً»، داعياً القوة الأمنية والفصائل والفاعليات الفلسطينية الى «التصدي بحزم للجماعات الإرهابية التخريبية التي تعبث بأوضاع المخيم، وتسعى إلى تفجير اقتتال دموي داخله ومع الجوار بهدف افتعال صراع فلسطيني - فلسطيني وصراع لبناني فلسطيني».

ودان عبد الرحمن البزري أحداث مخيم عين الحلوة، مناشداً «كل الفصائل والقوى الفلسطينية في المخيم العمل للتهدئة والتصدي بحزم للعابثين بأمنه وسلامتة حفاظاً على أرواح الأهالي داخل المخيم وجواره».

المصدر: المستقبل