القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

عين الحلوة أمام اختبار تثبيت الاستقرار.. وتحرّك مدني رافض للقتال

8 جرحى في اليوم الثاني للاشتباكات وقوة أمنية مشتركة تنتشر

عين الحلوة أمام اختبار تثبيت الاستقرار.. وتحرّك مدني رافض للقتال


الأربعاء، 13 آذار، 2013

لا يمكن القول إن ما جرى في مخيم عين الحلوة مساء الاثنين ونهار الثلاثاء غيمة صيف عابرة، ذلك أن الاشتباكات التي شهدها المخيم وهي الأعنف فيه منذ أكثر من عام، وإن كانت قد بدأت على خلفية إشكال شخصي له طابع ثأري، وتمثل بإطلاق النار على عنصر سابق في تنظيم "فتح الإسلام" هو الفلسطيني بلال بدر، وما أعقبه من ردة فعل ومن تداعيات مقتل الفلسطيني خالد المصري، أشعلت الوضع الأمني ليبلغ مرحلة الانفجار. إلا أن حجم هذه الاشتباكات والأسلحة الرشاشة والصاروخية التي استخدمت فيها وطالت عدداً من أحياء المخيم وتسببت في وقوع قتيل و16 جريحاً معظمهم من المدنيين، وفي أضرار جسيمة لحقت بالمنازل والمؤسسات والسيارات والممتلكات وشبكتي المياه والكهرباء.

كل ذلك الى جانب ظاهرة تفلت السلاح الفلسطيني خارج الأطر التنظيمية التقليدية لهذا الفريق أو ذاك، حمل في طياته بحسب المراقبين، دلالات خطيرة، ليس أقلها أن الفوضى هي من تمسك بزمام الأمن في أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين، وأن كل ما صدر من مواقف وبيانات سبقت الأحداث الأخيرة عن تحييد المخيم أو تجنيبه أي توترات، تهاوت مع الضحايا الذين سقطوا في هذه الأحداث. وطرح في الوقت نفسه وحسب أوساط فلسطينية - تساؤلات تستحق التوقف عندها: إذا كان حادث فردي على خلفية شخصية أدى الى ما أدى اليه من انفجار أمني ومن خسائر في الأرواح والممتلكات، ومن توتر سيبقى المخيم متأثراً به لفترة طويلة، فكيف هي الحال إذا كان النزاع بين تنظيمين مسلحين أو بين تنظيمات مسلحة؟. ومن يضمن عدم تكرار ما جرى أو عدم دخول أطراف لها مصلحة في تفجير الوضع في المخيم على خط النزاع ولو كان بين عائلتين؟.

هذه التساؤلات تضيف الأوساط الفلسطينية - تضع كافة القوى الفلسطينية على اختلافها، وطنية وإسلامية، أمام تحدٍ كبير في سرعة تطويق ومعالجة ذيول أي إشكال مهما كانت طبيعته أو حجمه، والعمل على ضبط العناصر المسلحة المتفلتة من عقال الإجماع الفلسطيني على أمن المخيم واستقراره.

إلا أن الأمر اللافت بالمقابل، أن الوضع الأمني المتفجر في المخيم مع ما ينجم عنه، أحدث ردة فعل عكسية في أوساط المجتمع المدني الفلسطيني الذي خرج المئات، شباباً وشابات ونساء ورجالاً، في تظاهرة عفوية انتهت الى مسرح الاشتباكات حيث أقاموا ما يشبه جداراً بشرياً فاصلاً بين المتقاتلين مطالبين بوقف الاقتتال وإنهاء كافة المظاهر المسلحة، الأمر الذي ساهم الى حد كبير في وقف إطلاق النار.

إذاً، مخيم عين الحلوة كما لجنة المتابعة الفلسطينية الممثلة لجميع الأفرقاء فيه، أمام اختبار أمني جديد هو إنهاء ظاهرة الفوضى الأمنية المنتشرة في أحيائه وإزالة كل الألغام والقنابل الموقوتة التي يمكن أن يتسبب انفجارها في تفجير الوضع في صيدا ولبنان ككل من بوابة المخيمات التي تنوء أيضاً بعبء آلاف العائلات النازحة من سوريا بكل تنوعهم واتجاهاتهم.

ويبدو أن المساعي التي بذلتها لجنة المتابعة الفلسطينية من أجل وقف إطلاق النار بين طرفي النزاع في مخيم عين الحلوة - مجموعة بلال بدر الذي أصيب بأحداث الاثنين من جهة، وأقارب الفلسطيني خالد المصري الذي قتل في الأحداث نفسها قد أثمرت ابتداء من ظهر الثلاثاء، أجواء من الهدوء المشوب بالحذر داخل المخيم، قبل أن تتوج هذه المساعي بنشر قوة أمنية مشتركة بين فصائل المنظمة والتحالف والقوى الإسلامية في مسرح الاشتباكات لتثبيت وقف إطلاق النار والتحقق من إنهاء كافة المظاهر المسلحة.

الاشتباكات

وكانت الاشتباكات التي اندلعت مساء الاثنين وأوقعت قتيلاً وثمانية جرحى، تجددت صباح الثلاثاء ودامت زهاء ثلاث ساعات واستخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية لتحصد ثمانية جرحى آخرين. وتركزت هذه الاشتباكات على محور سوق الخضار - حي الراس الأحمر، وطالت عدداً من الأحياء القريبة. كما استهدفت قذيفة صاروخية مركزاً ثقافياً تابعاً للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ما أوقع ستة جرحة من الجبهة هم مسؤولها في المخيم غسان أبو سالم وغسان مصطفى وعلي عكر وزياد موسى وابراهيم كنعان وعلي قويدر. كما أصيب الفلسطيني نمر عويد خلال إطلاق النار، بالإضافة الى جريح آخر لم تعرف هويته.

وابتداء من الثانية عشرة ظهراً، وبعد اجتماع طارئ للجنة المتابعة في مسجد النور، وتوجه وفدين من اللجنة الى طرفي النزاع لتهدئة الوضع، تم الاتفاق على وقف النار، وتراجعت حدة الاشتباكات. ثم سجل وقف لإطلاق النار ساهم فيه تحرك عفوي لمئات المدنيين الفلسطينيين الذين انطلقوا في تظاهرة من أمام مسجد خالد بن الوليد باتجاه سوق الخضار وأقاموا ما يشبه جداراً بشرياً بين المتقاتلين مطالبين اياهم بوقف إطلاق النار وحقن الدماء وإنهاء المظاهر المسلحة.

ولاحقاً جرى تثبيت وقف إطلاق النار بشكل نهائي من خلال نشر قوة أمنية مشتركة بين فتح وفصائل المنظمة من جهة والقوى الإسلامية من جهة ثانية، بدأت الانتشار عصراً في منطقة سوق الخضار، فيما قام موفدون من اللجنة بمحاولة إقناع عائلة المصري بدفنه وإحالة ما جرى الى لجنة تحقيق تنبثق من لجنة المتابعة لتحديد المسؤوليات واتخاذ الإجراءات اللازمة بحق مفتعلي الإشكال.

وكان المخيم شهد منذ الصباح إقفالاً شبه كامل لمؤسساته ومدارسه تخوفاً من تدهور الوضع الأمني. كما سجلت حركة نزوح جزئية من المخيم باتجاه صيدا التي تأثرت بدورها بالوضع في المخيم وعلقت الدروس في بعض المؤسسات التربوية والأكاديمية القريبة من المخيم تحسباً لأي طارئ.

تحركات ومواقف

أجرى محافظ لبنان الجنوبي نقولا أبو ضاهر سلسلة اتصالات مع القادة الأمنيين في صيدا والفاعليات السياسية، اثر الاشتباكات التي حصلت داخل عين الحلوة، طالباً منهم العمل لتهدئة الوضع وإعادة الهدوء الى المخيم. كما دعا الجميع الى التهدئة من أجل الحفاظ على القضية الكبرى، ووضع حد لهذا النزيف الدموي في ما بين الاخوة .

اللواء أبو عرب

وقال قائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء صبحي أبو عرب: المشكلة بدأت فردية وتطورت واستشهد لفتح شاب بطريق الصدفة ولم يكن يحمل سلاحاً. ونحن نعمل لتهدئة الوضع منذ يوم الاثنين لأن من مصلحتنا أن يبقى المخيم هادئاً. هناك عمل للجنة المتابعة التي توزعت على أكثر من وفد للقاء الأطراف الأخرى، والاجتماعات متواصلة للتهدئة. ومن جهتنا، عممنا على مختلف وحدات الأمن الوطني عدم الانجرار أو الرد على إطلاق النار لكن الاستفزازات كبيرة. وهناك تواصل مع القوى الإسلامية وتحديداً مع عصبة الأنصار والشيخ جمال خطاب من أجل التهدئة وأمن واستقرار المخيم.

عبد مقدح

وقال أمين سر لجنة المتابعة عبد مقدح، إن اللجنة أنجزت مهمة كبيرة جداً مع الحراك الشعبي داخل المخيم. وبما أن هذا المخيم أمانة في أعناقنا فقد توجهت اللجنة الى القوى الإسلامية والى الأخوة في فتح وكان الطرفان متجاوبين بسحب المسلحين فوراً وإعادة الأمن والاستقرار والهدوء الى المخيم ونشر القوة الأمنية المشتركة داخل أحياء المخيم. وسيتم غداً (اليوم) دفن الشهيد خالد المصري بعد صلاة العصر ومن ثم سيصدر بيان من لجنة المتابعة للدعوة لفتح المدارس والمحال التجارية.

قائد القوة الأمنية

وقال قائد القوة الأمنية المشتركة العقيد أحمد النصر: توافقت جميع القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية على استقرار وأمن المخيم وعلى نشر قوة مشتركة من القوى الوطنية والإسلامية لضبط أمن واستقرار المخيم وعدم الانجرار لأي فتنة والعمل على التهدئة بما فيه خير ومصلحة شعبنا ومخيمنا. لا غالب ولا مغلوب في هذا المخيم. هناك عيش مشترك ووحدة وطنية إسلامية. وجميع القوى الوطنية والإسلامية متفقون على امن واستقرار المخيم والجوار وهناك جهود متواصلة لحفظ الأمن. القوة الأمنية بتعاون الجميع ستبقى فعالة وصمام امان للمخيم.

الجماعة الإسلامية

دعت الجماعة الإسلامية في صيدا، جميع القوى والأحزاب في عين الحلوة، للعمل السريع والجاد والمسؤول، على إعادة الاستقرار وضبط الوضع الأمني المتأزم، حفظاً لأرواح المواطنين وممتلكاتهم، وقبل ذلك رفضاً لأي مشروع يهدف إلى إحداث فتنة داخل المخيم. وتخوفت من أن يكون ما حصل حلقة ضمن مسلسل يهدف إلى ضرب المخيم من الداخل، في ظل حال التشنج والتوتر التي يعيشها لبنان والمنطقة.

وأجرى المسؤول السياسي للجماعة في الجنوب بسام حمود اتصالات مع مختلف القوى الإسلامية والوطنية داخل عين الحلوة، وتباحث معهم في آليات الحل لإعادة الأمن والاستقرار الى المخيم.

البزري

أجرى الدكتور عبد الرحمن البزري سلسلة اتصالات مع أمين سر منظمة التحرير فتحي أبو العردات، أمين سر القوى الإسلامية الشيخ جمال خطاب، القيادي في عصبة الأنصار الإسلامية الشيخ أبو طارق السعدي ومع ممثلي القوى والفصائل الوطنية والإسلامية.

وناشد البزري الجميع بمختلف توجهاتهم ضرورة الحفاظ على الأمن والاستقرار في المخيم، معتبراً أن أي خلل أمني في هذا المخيم الهام والكبير سينعكس سلباً على الفلسطينيين أنفسهم وعلى أهالي صيدا.

"راصد"

حمّلت الجمعية الفلسطينية لحقوق الإنسان )راصد) مسؤولية ما يجري للفصائل والقوى الوطنية والإسلامية في مخيم عين الحلوة وللقيادة السياسية الفلسطينية بمختلف مستوياتها، مطالبة بوضع حل جذري لمشكلة الفلتان الأمني في المخيمات ووضع سلم وأمن اللاجئين فوق أي اعتبار.

المصدر: رأفت نعيم - المستقبل