القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأربعاء 18 حزيران 2025

"عين الحلوة" بعد الجرود: حسمٌ أمنيٌ قريب

"عين الحلوة" بعد الجرود: حسمٌ أمنيٌ قريب


الثلاثاء، 05 أيلول، 2017

انتهت معركةُ الجرود وتحوّلت الأنظارُ جنوباً باتّجاه مخيّم عين الحلوة في صيدا، وبدأ البعض يسترسلُ في توقّعاتِه، على أن تكونَ وِجهَة الجيش اللّبنانيّ الثّانية بعد الحسم العسكريّ في جرود السّلسلةِ الشّرقيّة هي المُخيّم الذي شَهِدَ ما شَهِدَهُ من نِزَاعاتٍ مُسلّحة تزامناً مع معارك الجرود.

فما دقّة هذه التّوقعات، وهل يمكن أن يكون مُخيّم عين الحلوة المحطّة العسكريّة الثّانية للجيشِ اللّبنانيّ؟

تشهدُ مراكزُ التدريبِ في مِنطقةِ صور في مُخيّم الرشيديّة، منذ بداية فصل الصيف، تدريباتٍ مُكثّفةٍ لعناصرَ من حركةِ فتح، على أيدي مُدرِّبينَ كُلِفوا بشكلٍ مُباشرٍ من رام الله. ويُقال إنّ هذهِ العناصر سيكونُ لديها في المرحلةِ المُقبلة دوراً عسكريّاً ما في المُخيّمات، وسط رضى لبنانيّ أمنيّ، وسياسيّ، ورضى فلسطينيّ (داخل الفصائل الفلسطينيّة). ما يُشيرُ إلى "معركةٍ حاسمةٍ" قد تحصل في عين الحلوة لم تتبلور بعد ساعة انطلاقها، في انتظارِ ظُروفٍ مُعيّنة، ترفضُ المصادرُ المعنيّة الإفصاحَ عنها حتّى السّاعة.

ويتردّد أنّ المعارك الأخيرة التي شَهِدَها المُخيّم كانت "بروفا" تحضيريّة للمعركة الكبرى، ولكن تُشيرُ مصادر مُطّلعة إلى أنّ "فتح" فَشِلَت في هذه المعركة التّحضيريّة، انطلاقاً من عدمِ قُدرتِها على الحسمِ على الرغم من أنّها كانت في العتادِ والعديد أقوى من خصمِها، بدليلِ الخسائر التي تكبّدتها حركة فتح، والتي قُدِّرت بأنّها أكبر من خسائر مجموعة بلال بن بدر، كما أنّ المُسلحين تمكّنوا خلال المعركة التّنقل بكاملِ عتادهم من مِنطقةٍ لمنطقةٍ أخرى داخل المُخيّم.

وتُشيرُ معلومات "ليبانون ديبايت" إلى أنّ اجتماعاتٍ عديدةٍ حصلت وتحصلُ بشكلٍ دوريٍّ بين الأمنيّين من الجّهتين اللّبنانيّة والفلسطينيّة، في مراكز مُخابرات الجيش في الجنوب، على خلفيّة أحداثِ مُخيّم عين الحلوة، مع منحِ هامشٍ من الخصوصيّة لصالحِ الجيش اللّبنانيّ. وتجزم المُعطيات أنّه ليس هناك توجّهاً لحسمٍ عسكريٍّ من قبلِ الجيش اللّبنانيّ في مُخيّم عين الحلوة إلّا في حالِ مُورسَت عمليّة هجومٍ من داخل المُخيّم على الخارج، على غِرار ما حصلَ في أحداثِ مُخيّم نهر البارد.

تضعُ المصادرُ أسباباً عديدةً لعدمِ توجّه الجيش اللّبنانيّ نحو خيارِ الحسم العسكريّ في المُخيّم، ومِنها أنّ الصّراع داخل عين الحلوة لم يُؤثّر على المُحيط ولم يطاله. ولكن الحسم العسكريّ فيه له أن يُؤثّر على المُحيط اللّبنانيّ المُتداخل بشكلٍ كبيرٍ مع المُخيّم، كما وأن اكتظاظ المُخيّم، يحولُ دونَ الحسم العسكريّ، بحيث يزيدُ عدد قاطنيه عن مئة ألف نسمة، ما يرتّب خسائر بشريّة كبيرة لا يمكن أن يتحمّل أحد مُسؤوليتها.

بينما سيكتفي الجيش اللّبنانيّ بعملياتٍ ذات طابعٍ أمنيّ مثل عمليّة تصفيةِ أمير داعش في مُخيّم عين الحلوة عماد ياسين، أي ضرباتٍ أمنيّةٍ تُوجّه للمجموعاتِ الإرهابيّة داخل المُخيّم. ويرى المصدر أنّ هذهِ العمليّات لها أن تُحقّق الغرض المرجوّ منها بأقلِ خسائر مُمكنة، وهامش الخطأ فيها ضئيل جداً، كونه يتمّ التّمهيد لهذه العمليّات بسريّةٍ تُفاجئ الطّرف الآخر وتجعلهُ أضعف في المُواجهة، كما أنّ لهذه العمليّات أن تُحافظَ على البيئة المُتجانسة في المُخيّم، مع الحفاظِ على طِيبِ العلاقة بين الجيش والمُخيّم من أهالٍ وفصائل فلسطينيّة.

وتُؤكّد المصادر أنّ لا مجالَ للمقارنةِ بين أحداثِ مُخيّم عين الحلوة ومُخيّم نهر البارد، فالوضع مُختلف، كونه في نهرِ البارد حصل تمرّد عسكريّ من قِبَلِ جماعاتٍ إرهابيّةٍ سيطرت على كاملِ المُخيّم في مِنطقةٍ حسّاسةٍ في شمالِ لبنان، واستهدفت الجيش اللّبنانيّ بشكلٍ مباشرٍ، أي تمّ الاعتداء من داخلِ المُخيّم على خارجه، وانهارت يومها القوّة الفلسطينيّة، والخطّة كانت تقتضي الاعتداء على المُحيط اللّبنانيّ. بينما في مُخيّم عين الحلوة فالفصائل الفلسطينيّة ما زالت قويةً، والمُخيّم أمنيّاً "مكموش" نسبةً لموقعِهِ الجغرافيّ، وطِوَال سنواتٍ عدّة من الصّراع الدّاخلي في المُخيّم لم تَستطع المجموعات الإرهابيّة من السّيطرة إلّا على شوارع وزواريب في المُخيّم.

إذاً، بعيدةٌ هي معارك الحسم العسكريّ عن مُخيّم عين الحلوة، ولكن كم ستأخذُ الاستراتيجيّة الأمنيّة الجديدة من وقتٍ لتطهيرِ المُخيّم وتخليصِ قاطنيه من بَرَاثِن الإرهاب، لعلّه سؤالٌ سيحسمهُ ميدان المُخيّم خلال الأيّام القليلة المُقبلة..؟!

المصدر: ليبانون ديبايت