القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

«عين الحلوة»: مؤشرات ودلائل خطيرة

«عين الحلوة»: مؤشرات ودلائل خطيرة


الثلاثاء، 15 أيلول، 2015

ساد التوتر والقلق مخيّم عين الحلوة، بشكل لافت، بعد تسجيل ثلاث حوادث أمنية خلال 48ساعة، ما قض مضاجع سكان المخيم، وأعاد إلى الأذهان أجواء الرعب والتشرد، بعد الاشتباكات العنيفة التي وقعت في أواخر الشهر الفائت.

ظهر يوم السبت الماضي، تعرض الفتى (أ. ح. - 10سنوات) للضرب المبرح من قبل فتية آخرين، أثناء خروجه من مدرسة السموع داخل المخيم. وفي حين أن الأمر لا يعدو كونه مشكلة عادية بين أطفال، إلا أنه تطور بشكل لافت، وخصوصاً مع البيان الذي صدر باسم "الشباب المسلم" وتحدث عن طرد أبناء حركة "فتح" من المدارس التابعة لـ"وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين – الأونروا"، لوضع أبنائهم فيها، "حفاظاً على سلامتهم" بحسب قولهم. وهذا الأمر في غالة الخطورة، ويؤشر إلى حالة غير مسبوقة، التهديد بفصل أهالي المخيم داخل تجمعات مقسمة.

وفي مساء ذلك اليوم نفسه، سجل إلقاء ثماني قنابل متفرقة في ليلة واحدة، ما عرف باسم "ليلة القنابل" توزعت في محيط: حي طيطبا، بستان القدس، عكبرا، مفرق سوق الخضار، تزامناً مع إطلاق رشقات نارية متقطعة، ما رفع منسوب القلق لدى الأهالي، الذين نزلوا ظهر أمس الأحد إلى الطرقات ونفّذوا اعتصاماً لمنع عودة الاقتتال إلى المخيّم. إلا أنّ ذلك الأمر، لم يغيّر الواقع، فما إن انتهى الاعتصام حتى رمى مجهولون مكانه قنبلة صوتية لم تسفر عن إصابات، وفي ذلك رسالة واضحة تحمل الإصرار على متابعة العبث بأمن المخيم.

وكشف قائد كتائب شهداء الأقصى، ومسؤول القوة الأمنية في "عين الحلوة" اللواء منير المقدح لـ "الأخبار"، عن أن أسماء الذين ألقوا القنابل باتت معروفة، وأن بعضهم مدنيون من عائلة الطفل الذي تعرّض للضرب ولا علاقة لهم بـ "الشباب المسلم".

وفي حادثة أمنية ثالثة، تحدثت مصادر إعلامية، عن حالة خطف لأحد عناصر حركة فتح يدعى (م.م) في منطقة الطوارىء، من قبل عناصر تابعة لـ"جند الشام"، حيث تم توقيفه لمدة نصف ساعة، قبل أن تجري اتصالات فلسطينية عاجلة لإطلاق سراحه منعاً لأي توتير.

هذه الحوادث الأمنية المتسارعة التي شهدها المخيم تشير إلى أن هناك من يحاول إبقاء "عين الحلوة" في دائرة التوتر الشديد، القابلة للاشتعال في أية لحظة، ما يتيح في المجال أمام إبقاء المخيم ساحة صراع مستمر بين أجندات داخلية وخارجية تعمل على تصعيد الفتنة، وتحاول تحويل المخيم إلى "نهر بارد" جديد، وهذا كله يشكل خطراً على حق العودة.

هذه التطورات وما سبقها، يدل على أن ثمة أصابع خفية تقف وراء هذه الممارسات، وتسعى إلى تحويل المخيم ساحة مفتوحة على الاشتباكات والأزمات، وتؤدي إلى نتائج سلبية خطيرة على الوضع الأمني وأبناء المخيم.

وفي السياق، لا بد من الوقوف عند ظاهرتين جديدتين على الواقع الفلسطيني: الأولى تسجيل هجرة طوعية لعدد كبير من العائلات الفلسطينية من المخيم، باتجاه صيدا ومحيطها، طلباً للأمن والأمان، حيث وصلت أسعار أحد البيوت داخل المخيم إلى 5000 دولار. والظاهرة الثانية والأخطر هي تقسيم المخيم إلى مربعات، ليست أمنية فحسب، بل سكانية أيضاً، بحيث لم يعد بمقدور ابن المخيم التجوّل في أحياء خارج منطقته، لأن من شأن ذلك تعريضه للخطر.

هذا الوضع الشاذ يتطلب معالجة سريعة للوضع بشكل جاد، حفاظاً على المخيم وأهلنا وأطفالنا ونساؤنا وشيوخنا هم يدفعون الثمن، حين يتشردون ولا يبقى لهم مأوى سوى الشوارع، يقضون لياليهم على أرصفة الطرقات وفي المساجد.

خسارة "عين الحلوة" لا تعني فقط خسارة لأهله، وإنما هي خسارة على مستوى اللاجئين ومستقبلهم، فبعد "عين الحلوة" لن يكون للاجئين لا صوت ولا كلمة، فالمطلوب اليوم المحافظة عليه وعدم السماح بتمرير المشروع الصهيوني المدبر له، الذي يهدف إلى هدم المخيم، وتهجير أبنائه منه، وإسقاط حق العودة.

المصدر: القدس للأنباء