عين الحلوة: مسيرة مدنية
توقف جنون الاشتباكات

الأربعاء، 13 آذار، 2013
تجددت الاشتباكات في مخيم
عين الحلوة أمس، بشكل عنيف بين أنصار السلفي المتشدد بلال بدر، ومعه عنصر من «جند الشام»،
و«فتح الإسلام» من جهة، وبين عناصر محسوبين على «حركة فتح»، مقربين من المسؤول السابق
لـ«الكفاح المسلح» محمود عبد الحميد عيسى المعروف باسم «اللينو»، وعائلة الفلسطيني
خالد أحمد المصري، الذي قتل في اشتباكات أمس الأول من جهة ثانية.
واستعملت في الاشتباكات
الأسلحة الصاروخية من نوع «أر بي جي»، والقنابل اليدوية، والأسلحة الرشاشة، وأسفرت
عن سقوط ما لا يقل عن 11 جريحاً، إضافة إلى أضرار مادية جسمية، ولم تتوقف إلا بعد خروج
مسيرة حاشدة لأنصار المجتمع الاهلي في المخيم، هتفوا ضد المسلحين، ودعت إلى وقف الاقتتال.
وفصل المتظاهرون بين المشتبكين، وتعرضوا لإطلاق نار، ولم يغادروا الشارع إلا بعد توقف
الاشتباكات.
وأشارت مصادر فلسطينية
في المخيم إلى أن «إطلاق النار في المخيم، بهذا الشكل العنيف مع استخدام القذائف الصاروخية
كأنه يشي بأمر عمليات خارجي، لإبقاء مخيم عين الحلوة، في دائرة الاستهداف المتوتر كبؤرة
أمنية مشتعلة، استعداد لما قد يطلب منه في المستقبل على الصعيدين المحلي والإقليمي؟».
وحذرت المصادر «من ربط المخيم من خلال هذا التوتر بأي تداعيات وتجاذبات أمنية لبنانية
أو إقليمية»، مشيرة إلى أن ذلك «الربط الأمني يدخل المخيم وأهله في إطار مشاريع طاحنة
لا قدرة للمخيم على تحملها، خاصة مع وجود مئات العائلات الفلسطينية والسورية النازحة».
إلا أن اللافت في الاشتباكات
الأمس، كان عودة «اللينو» إلى الظهور على مسرح الأحداث من جديد، وذلك للمرة الأولى
بعد إنهاء هيكيلة «الكفاح المسلح»، كإطار تنظيمي، ودمجها ضمن قوات «الأمن الوطني الفلسطيني»
بقيادة اللواء صبحي أبو عرب. وتوقفت المصادر أمام ما أعلن عن دور لـ«اللينو» في الاشتباكات،
في وقت أعلنت «حركة فتح» أن «لا استنفار لديها في المخيم. كما أن أبو عرب أشار إلى
«عدم مشاركة قوات الأمن الوطني في الاشتباكات». وتساءلت المصادر «هل من دور جديد للينو
في المخيم، إن داخل فتح وتشكيلاتها العسكرية، أو من خلال دور ما قد يلعبه في مواجهة
الإسلاميين السلفيين المتشددين؟».
وكانت الاشتباكات قد اندلعت
أمس في آخر الشارع الفوقاني في المخيم، وانحصرت رقعتها بين شارع الخضار، ومكتب «الصاعقة»،
و«مقر ناجي العلي» التابع لـ «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطينين». واستمرت حتى الأولى
ظهرا، وتخللها ظهور مسلح مع مقنعين بشكل كثيف، وترافقت مع إطلاق نار غزير. وأدى ذلك
إلى هلع بين الأهالي. كما أقفلت المدارس والمحال التجارية، وخلت الطرق من المارة. كما
أقفل عدد من المدارس الصيداوية المواجهة للمخيم، كمدرسة «عائشة»، و«البهاء»، و«الإنجيلية»،
و«ثانوية صيدا الرسمية»، إضافة إلى «الجامعة اللبنانية».
وأسفرت الاشتباكات عن سقوط
11 جريحاً، عرف منهم، بسام مصطفى، وإبراهيم كنعان، وعلي عكر، وزياد موسى، وغسان ابو
سالم، وزياد كعوش، وهم من «الجبهة الشعبية». وقد أصيبوا بعد سقوط قذيفة قرب مركز تابع
لهم. كما جرح كل من فادي الخطيب، وعلي كويدر، من «حركة فتح». ونقل الجرحى إلى «مركز
لبيب الطبي» في صيدا، وإلى مستشفيي «النداء الإنساني» و«الأقصى» في المخيم، و«الهمشري»
في طلعة المية ومية. ونتج عن الاشتباكات إحراق جزء من منزل عبد الغاندي، بالقرب من
«مسجد الفاروق» في الشارع الفوقاني في المخيم. وأعلن مسؤول «الجبهة الشعبية لتحرير
فلسطين» في منطقة صيدا عبد الله الدنان أنه «من بين الجرحى خمسة عناصر من الجبهة الشعبية،
إصاباتهم طفيفة. وقد عولجوا في مستشفيات صيدا». كما أسفرت الاشتباكات عن اضرار جسيمة
في البنى التحتية وشبكات المياه والكهرباء، وزجاج المحال التجارية، والبيوت، وتضرر
عدد من السيارات.
ودخل على خط التهدئة مسؤول
فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد علي شحرور، الذي أجرى اتصالات شملت قيادة
«فتح»، واللينو، وأبو طارق السعدي من «عصبة الأنصار»، والشيخ جمال خطاب، وأبو عرب.
ودعت الاتصالات إلى ضرورة عودة الهدوء إلى المخيم. كما أجرى محافظ الجنوب نقولا أبو
ضاهر اتصالات مع القادة الأمنيين في صيدا والفاعليات السياسية، داعيا إلى العمل على
تهدئة الوضع، وإعادة الهدوء إلى المخيم».
وعلى الرغم من إطلاق النار،
انطلقت نحو الساعة الأولى من بعد ظهر أمس، مسيرة شعبية لأهالي المخيم من الشارع الفوقاني،
انطلقت وتوجهت إلى منطقة الاشتباكات، وهي تطالب بـ«وقف القتال فوراً، وتدين اطلاق النار
وتحرّم القتال بين الأخوة مع هتافات ضد السلاح والمسلحين. وأفيد أنه لحظة وصول طليعة
المسيرة شارع الخضار، تعرضت لإطلاق نار، إلا أنها لم تتفرق وبقيت صامدة في الشارع ورفعت
من صوتها. ذلك فيما كانت «لجنة المتابعة الفلسطينية» تطلق النداءات عبر مكبرات الصوت،
وتدعو إلى سحب المسلحين من الطرق. كما زار وفد من لجنة المتابعة عددا من الرموز الإسلامية
السلفية في المخيم، مطالبا مساعدتهم في وقف إطلاق النار، وزار وفد اللجنة «اللينو»
للغاية عينها.
كما أقدم عدد من أصحاب
المحال التجارية الذين تضرروا من جراء الاشتباكات على إقفال الطريق الفوقاني، بحاويات
النفايات والعوائق مطالبين بوقف الاشتباكات والتعويض عليهم.
وكانت لجنة المتابعة للقوى
الوطنية والإسلامية الفلسطينية في منطقة صيدا ـ عين الحلوة قد اصدرت بيانا امس، اكدت
فيه ان ما يشهده مخيم عين الحلوة من اشتباكات طابعها فردي وليس لها ابعاد سياسية. وأكدت
اللجنة الحرص على أمن واستقرار المخيم وإدانة الفعل وردة الفعل. ودعت إلى تجنّب جميع
المظاهر المسلحة والمحافظة على أمن المخيم وعودة الحياة إلى طبيعتها وعدم الانجرار
إلى الفتنة.
يذكر أن مخيم عين الحلوة
شهد أمس حركة نزوح محدودة من قبل اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين المتواجدين
في منطقة الاشتباكات.
المصدر: محمد صالح - السفير