غراندي: المجتمع الدولي لا يموّل أكثر
من أزمة.. «الناس في اليرموك يشبهون الأشباح»
غراندي: الفلسطينيون في لبنان وغزة تأثروا بفعل الأزمة
السورية من ناحية التمويل

الأربعاء، 26 شباط، 2014
قبل أن يطوي فصلاً من حياته دام أربع
سنوات ونصف السنة على رأس «وكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين» (الأونروا)، زار أمس
المفوض العام فيليبو غراندي سوريا ولبنان. وهو سيحمل معه حين يغادر الوكالة بعد
نحو شهر صورة واحدة من أبشع المآسي التي شهدتها الإنسانية: صورة الجوع في مخيم
اليرموك. روى: «الناس هناك تشبه الأشباح، شاحبو البشرة من شدّة الجوع. كانت صدمة
بالنسبة لي، فالخطوط الأمامية للمخيم مدمّرة بالكامل. حتى الساعة لا يمكننا زيارة
كل المخــيم، بل إن عامــلينا أقاموا مركزاً لهم على مدخله بعد مفاوضـــات مكثفة،
ومع ذلك يُمنعون أحياناً من تقديم المساعدات إلى الناس».
وقد أشار خلال لقاء النصف ساعة الذي
خصصه لـ«السفير» إلى وجود فلسطينيين داخل اليرموك غير قادرين على الوصول إلى
العاملين للاستفادة من المساعدة. استمع خلال زيارته التي دامت ساعات قليلة إلى بعض
سكان المخيم، فأخبروه بأن غذاءهم كان الحشيش، بينما خلع رجل قميصه عنه ليريه حال
جلده. «هي مأساة» يقول بينما يعتبر أن ما زاد الوضع سوءاً وجود أطراف مختلفة في
النزاع في تلك المنطقة «فهناك جيش النظام وهناك فلسطينيون يقاتلون إلى جانبه.
وهناك أطراف المعارضة وفلسطينيون حملوا السلاح معها». بالنسبة للمفوض العام «ما
كان على الفلسطينيين الدخول في النزاع، خصوصاً أنهم لاجئون إلى تلك البلاد». وهو
عاد من زيارته بخلاصة واحدة «هي بداية جيّدة، لكن يجب الانتظار بعد قبل الإعلان عن
تفاؤلنا بالأوضاع هناك».
يرى غراندي أن الفلسطينيين منذ نكبة
العام 1967 لم يشهدوا حالات نزوح كتلك التي يشهدونها اليوم، فمن أصل نحو 570 ألف
لاجئ تأثروا بالأحداث في سوريا، نزح نحو 270 ألفاً، سواء داخل سوريا أم خارجها.
وقد استقبل لبنان منهم نحو 53 ألف فلسطيني، يستفيدون اليوم من تقديمات الوكالة على
صعيد الغذاء والتعليم والرعاية الصحية والإيواء. ويلفت إلى أن مصر استقبلت نحو
خمسة آلاف نازح فلسطيني، من دون أن يعني ذلك تحول مصر إلى بلد لجوء. وتعقد الوكالة
ثلاث اتفاقيات لإغاثتهم من ناحية الغذاء مع «برنامج الغذاء العالمي»، والرعاية
الصحية مع هيئات عاملة في البلد بالإضافة إلى اتفاقية أخرى لتوزيع المساعدات
النقدية عليهم، خصوصاً أن مصر خارج نطاق عمل «الاونروا».
ولا يخفي أن الفلسطينيين في لبنان
وغزة تأثروا بفعل الأزمة السورية من ناحية التمويل، إذ ان هناك مسائل حيوية تحوّلت
إلى ثانوية بسبب حالة الطوارئ التي تشهدها المنطقة. وهو يذكر على سبيل المثال عدم
الانتهاء من إعادة إعمار مخيم نهر البارد «علماً أن التعليم والرعاية الصحية
والبرامج الخاصة بالفقراء تبقى دائماً أولوية بالنسبة للوكالة»، وفق ما يقول. وقد
لمّح إلى أن الفلسطينيين في لبنان كانوا وما زالوا يعانون في مسألة نيل حقوقهم
المدنية، سواء حقهم بالعمل أم بالتملك «وكنا قد أحرزنا تقدماً مع حكومات الرئيس
سعد الحريري لكن اليوم من الصعب المضي قدماً على هذا الصعيد».
مع هذا يؤكد غراندي ما يرد في تقرير
الوكالة عن عمليات الإغاثة والتمويل للعام 2014، من أن عملهم يثمر تغييراً جدياً
في حياة الفلسطينيين. كيف لا يسأل «ونحن نقوم بتعليم نحو نصف مليون تلميذ ونقدّم
الرعاية الصحية لنحو ثلاثة ملايين فلسطيني».
تأثر الفلسطينيين مباشرة بالأزمة
السورية ينسحب على حق العودة أيضاً، من دون أن يلغيه، يقول غراندي، كاشفاً عن
تواصل مباشر مع أطراف الحوار ومنهم الأخضر الإبراهيمي للأخذ بعين الاعتبار قضية
الفلسطينيين لدى التطرق إلى علمية السلام وحل الأزمة السورية.
ويكشف تقرير الوكالة الأخير أنها
تطالب الدول المانحة في ندائها الخاص بالعام 2014 بـ417 مليون دولار، سوف تخصص
منها نحو 90 مليوناً لأعمالها الإغاثية في لبنان. ويحث غراندي الدول العربية على
المساهمة، خصوصاً أن «المجتمع الدولي لا يموّل أكثر من أزمة في الوقــت نفســه»
وفـــق قـــوله. لماذا إذاً يتدخل في أكثر من أزمة؟ يجيب «هذا ما نسأله نحن
أيضاً».
المصدر: مادونا سمعان - السفير