القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأحد 28 كانون الأول 2025

غراندي: معالجة قضية فلسطينيي اليرموك تشكل منطلقا لحل الأزمة السورية وتجاهلها سيزيد التوتر في المنطقة

غراندي: معالجة قضية فلسطينيي اليرموك تشكل منطلقا لحل الأزمة السورية وتجاهلها سيزيد التوتر في المنطقة


الجمعة، 28 شباط، 2014

أكّد فيليبو غراندي، المفوض العام لمنظمة (الأونروا) المعنية بشؤون اللاجئين الفلسطينيين والمسؤول فيها عن منطقة الشرق الأوسط، في محاضرة ألقاها في ‘معهد عصام فارس للسياسات الدولية’ في الجامعة الأمريكية في بيروت بعنوان ‘الحرب السورية ومصير اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات اليرموك السورية’، إن معالجة الأوضاع المأساوية والمنافية لحقوق الإنسان التي يتعرض لها السكان الفلسطينيون في هذه المخيمات السورية وغيرها ضرورية وأساسية لتفادي أزمات سياسية وإنسانية خطيرة حاليا، وفي المستقبل في العالم العربي تهدد السلام في المنطقة.

وقال غراندي، الذي تسلم مهمته في سوريا في عام 2010، وينتقل الى منصب آخر الشهر المقبل، إن تهجير حوالى سبعين في المئة من لاجئي مخيمات اليرموك ربما كانت خطورته بموازاة تهجير الفلسطينيين من أرضهم ومنازلهم في فلسطين، ولعل الخطورة الحالية أكبر، إذ كان الفلسطينيون في عام 1948 يعرفون الى أين يذهبون ويُرحب بهم في البلدان العربية التي توجهوا اليها، أما الآن، فترفضهم معظم دول المنطقة والعالم، وهم مشتتون ولا يعرفون الى أين يذهبون، فضلا عن الجوع والمرض اللذين تعرضوا لهما في الأشهر والسنوات الماضية. كما أن المؤسسات الدولية والدول الكبرى لا تساعدهم بما فيه الكفاية. ونتيجة لذلك، قد يخسر فلسطينيو سوريا تمسكهم بهويتهم وثقافتهم وقضيتهم، وقد يتجه قسم منهم الى الإلتحاق بالمجموعات المتطرفة التي تعتمد العنف وسيلة وغاية، ربما للإنتقام لما جرى لهم وعما عانوه ويعانونه في سوريا.

ووصف غراندي مأساة اليرموك بما يشبه مذبحتي صبرا وشاتيلا وتل الزعتر ومذابح النكبة في عام 1948، وغزة وجنين، وقال إنها ربما سلبت ما تبقى من الأمل في قلوب اللاجئين الفلسطينيين في التمسك بحقهم في العودة الى ديارهم، ومن الضروري في المدى القصير تأمين عودتهم الى المساكن التي كانوا يقطنونها بسلام حتى نهاية عام 2012، وتأمين جميع الخدمات التي كانوا يحصلون عليها آنذاك. وهذا الامر يجب أن تشارك في تأمينه المنظمات الدولية والدولة السورية، بصرف النظر عمن سيحكم سوريا بعد الإتفاق السياسي، وأن يُدعم ماديا من الدول الكبرى والدول الغنية.

وفضّل غراندي عدم تحميل مسؤولية تجويع وحصار فلسطينيي اليرموك لجهة واحدة، وقال إنه فضلا عن حصار الدولة السورية، تواجدت حصارات من جانب خمس أو ست جهات معارضة للنظام وأن أول بادرة تفاوض مثمر تمت في مطلع عام 2014، ولكن المنظمات المعنية بتقديم المساعدات خشيت ألا تصل المساعدات الغذائية والطبية الى الأكثرية الساحقة من فلسطينيي المخيمات، وأن تستولي عليها الفئات المتقاتلة. ودعا الى تسليم هذه المهمة الى جهات مدنية دولة ومحلية غير حكومية وغير مرتبطة بأي من الجهات المتقاتلة، وقال إنه بحث هذا الأمر مع المبعوث الأخضر الإبراهيمي، المشرف الدولي على مفاوضات جنيف، كما بحث معه الخطورة السياسية لعدم العناية بالفلسطينيين وعدم معالجة أوضاع هؤلاء اللاجئين. كما دعا الى التنسيق مع قياداتهم العليا وإلا توجهوا نحو المجهول بسبب اليأس والقلق والعوز المادي.

وأشار غراندي الى وجود حوالى ستمئة ألف لاجئ فلسطيني في سوريا في المخيمات، توجه 15 ألفا منهم الى لبنان، حيث ترعاهم الأونروا، وحاول أكثر من عشرة آلاف الذهاب الى الأردن حيث تتوافر خدمات الأونروا، ولكن قسما منهم منعوا بقرار من الحكومة الأردنية بمنع هجرة لاجئين الى الأردن من سوريا، كما تعاونت الحكومة المصرية الى حد ما في مواجهة هذه الأزمة، برغم القيود التي فرضتها على الهجرة الى مصر من سوريا.

وانتقد المجموعة الدولية التي لديها القدرات المادية الضخمة بالمقارنة مع الأونروا المحدودة القدرات والمحصورة عملياتها بمناطق جغرافية ودول كسوريا ولبنان والأردن وقطاع غزة. وحضّ دول هذه المجموعة، إذا كانت فعلا تسعى الى إنجاح مفاوضات السلام الفلسطينية ـ الإسرائيلية، على الإهتمام المباشر بهذه القضايا الإنسانية الملحّة كقضية لاجئي اليرموك المشتتين والذين خضعوا للحصار والتجويع والتنكيل.

وتساءل: كيف سيقبل هؤلاء، ومَنْ يتعاطف معهم، أي سلم يُفرض عليهم وهم لم يعاملوا كبشر تحت الحصار، ولم يتمكنوا حتى من الهرب والهجرة لتجاوز وضعهم المأساوي؟ وبمن سيثقون بعد الآن؟

واعتبر غراندي أن تاريخ 18 كانون الثاني/يناير 2014 يشكل مفصلا رئيسيا في موضوع لاجئي سوريا من الفلسطينيين فليس المهم فقط أن بعض المساعدات الغذائية والطبية وصلت اليهم، ولكن الأهم أن هذا المنظور يشكل نقطة انطلاق مسيرة السلام في سوريا والمنطقة، التي يحاول المقاتلون (مهما كانت هوياتهم) منع انطلاقها على حساب أكثرية أبناء الشعب السوري والفلسطيني والعربي عموما، فالنيات الحسنة من سائر الأطراف مطلوبة من أجل الإنسانية، حسب قوله، والتفاوض الناجح من أجل اليرموك ربما سيدفع الى تفاوض ناجح من أجل سوريا والى عودة تأمين حقوق العيش بكرامة والحصول على التعليم المجاني والخدمات الطبية وحق العمل أسوة بالمواطنين السوريين الآخرين. وهي حقوق بعضها لم يكن متوافرا في دول عربية أخرى.

المصدر: القدس العربي