بعد انتهاء المرحلة الأولى من الحالة العسكرية
فلسطينيو البارد يتطلعون إلى عودته شرياناً اقتصادياً لكل الشمال
الأربعاء، 25 تموز 2012
تنفس أبناء مخيم نهر البارد الصعداء ساعين إلى الخروج من حال اليأس، التي كانت تسيطر عليهم خلال السنوات الماضية، بفعل الإجراءات الأمنية المشددة التي فرضت على مخيمهم نتيجة حرب البارد، وحالت دون تواصلهم مع محيطهم اللبناني. ومع إلغاء نظام تصاريح الدخول إلى المخيم، يأمل أهالي البارد بدخول مرحلة جديدة عنوانها الأمل باستعادة البارد مكانته كأكبر سوق تجاري في المنطقة، وكشريان اقتصادي لأبناء مخيمي البداوي والبارد ومعهما قرى عكار المجاورة.
وبات يوم 14 تموز المنصرم تاريخاً محفوراً في ذاكرة أبناء البارد، الذين تنفسوا الصعداء بعد قرار الجيش اللبناني إلغاء نظام التصاريح المعمول به منذ انتهاء مواجهات فتح الإسلام في العام 2007. وتوجوا فرحتهم باحتفال رسمي وشعبي، أزالوا خلاله خيمة الاعتصام التي نصبت داخل المخيم لمدة نحو شهر تقريباً. وجاء قرار إلغاء نظام التصاريح، وما سبقه من خطوات إيجابية، ترجمة للوعود التي أطلقها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في إطار مساعيه لمعالجة تداعيات الإشكال الأمني، الذي وقع خلال حزيران الماضي. وكان نتج عنه سقوط قتلى وجرحى، وخلق حالات من الاعتراض الشعبي الفلسطيني كادت تخرج عن إطار السيطرة لولا تدارك الحكومة وقيادة الجيش اللبناني خطورة الوضع، والمباشرة بخطوات ميدانية ساهمت في سحب فتيل الأزمة وتبريد الأجواء.
اليوم استراح أبناء مخيم البارد من عناء المرحلة الأولى من المواجهات الميدانية والسياسية التي خاضوها على مدى سنوات لإلغاء الحالة العسكرية المفروضة، وبدأوا يعدون العدة لمرحلة جديدة عنوانها عودة المخيم إلى سابق عهده، وبناء علاقة جديدة مع مؤسسات الدولة اللبنانية الرسمية. ولم يتوقف يوماً حلم أبناء البارد باستعادة الدور التجاري الريادي الذي سلب منهم في غفلة من الزمن. وهم وإن لم يدّخروا جهدا في الحفاظ قدر المستطاع على باب رزقهم من خلال نقل البعض منهم لتجارته إلى خارج المخيم، إلا أن المخيم بالنسبة لهم يبقى الأساس، والعودة إليه هدف يحتاج تنفيذه إلى استكمال الإعمار وتنفيذ الدولة للبنود المتفق عليها. صحيح أن ما تحقق من خطوات مؤخراً يصب في مصلحة الفلسطينيين من أبناء المخيم، لكنه في المضمون يعطي الدولة اللبنانية انتصاراً كبيراً قد تستثمره على المدى الطويل في تعزيز التعاون في جميع المجالات، بعدما استطاعت استعادة ثقة جزء كبير من أبناء المخيم وتقديرهم لدورها، بعد الخسائر المعنوية التي كانت تكبدتها عبر إجراءاتها الأمنية على حواجز المخيم وفي أزقته، وبسبب عدم التزام الحكومة، التي كان يرأسها الرئيس فؤاد السنيورة، بوعودها لجهة شعاره الشهير «النزوح مؤقت والعودة حتمية».
وإذا كان أبناء البارد قد استراحوا في الوقت الراهن، وانصرفوا لإحصاء المكتسبات واحتساب ما بقي من حقوق، إلا انهم في الوقت نفسه بدأوا، إلى جانب مشاريعهم الاقتصادية المفترضة، بوضع الاستراتيجيات لجولات جديدة من التحركات السلمية. ويرى مسؤول ملف إعمار مخيم البارد مروان عبد العال أن «ما تحقق من إنجازات، خطوة هامة على طريق حل ملف البارد بشقيه الأمني والاجتماعي»، مشيراً إلى «وجود صعوبات كثيرة واجهتنا في رحلة العودة إلى المخيم، وما تزال هناك عقبات، ولكن بإصرارنا وتضامننا نستطيع أن نزيل كل العوائق، وأن نعيد المخيم كما كان». ويرى عبد العال أن «التعاون مع الحكومة اللبنانية أثمر حلحلة بعض المسائل»، أملاً في أن ينجح الفلسطينيون والحكومة معاً في طيّ ملف البارد، والعمل سوية لاستكمال مشروع إعادة الإعمار». ويرى عدد من تجار البارد أن «المخيم عانى الأمرين بسبب غياب سياسة رسمية لبنانية واضحة، وهو ما كنا نطالب به، واليوم هناك تعاون بين الفصائل وفاعليات المخيم مع الحكومة اللبنانية»، متمنين معالجة الملفات كلها في الوقت القريب، وأن يعود المخيم الى ما كان عليه نقطة التقاء وسوقاً مفتوحاً للفلسطيني واللبناني».
المصدر: عمر ابراهيم - السفير