في "نهر البارد": فلسطيني يبيع منزله
لتأمين علاج أبنائه

السبت، 25 تشرين الثاني، 2017
قد لا يكون الفلسطيني بسام مصطفى محمد (45 عاما)،
الذي يعاني من صعوبات في تأمين المال لعلاج أولاده، حالة استثنائية بين أقرانه الذين
يواجهون أوضاعاً معيشية واقتصادية واجتماعية صعبة، نتيجة الظروف المحيطة بهم في مخيمات
اللجوء، والتي تضاعفت في الآونة الأخيرة بعد تقليص الأونروا لخدماتها وتقديماتها بسبب
نقص الأموال وعدم التزام الدول المانحة بتعهداتها وسداد ما عليها من التزامات مالية.
إبن مخيم نهر البارد بسام الذي سُدت الطرق أمامه،
قرر بيع منزله المتواضع في المخيم، لتوفير المال المطلوب لعلاج إبنه وإبنته، من أمراض
كانت أبلغته الاونروا أنها غير مدرجة في روزنامة تقديماتها الصحية، ونظرا لعدم وجود
جمعيات قادرة على تغطية تلك النفقات.
هي بالتأكيد ليست حركة احتجاج استعراضية يقوم بها
الوالد، وليست شكلاً من أشكال الاعتراضات المتواصلة في مخيم البارد خصوصاً على سياسة
الأونروا، ولا أيضاً محاولة للظهور الإعلامي، الذي ما زالت وسائله إلى اليوم تحتاج
إلى إذن عسكري مسبق للدخول إلى مخيم البارد منذ انتهاء المواجهات العسكرية عام
٢٠٠٧.
هي باختصار صرخة والد لا يملك في جيبه ما يكفي لسداد
قوت أولاده الأربعة، فكيف بتأمين تكاليف علاج ومراجعات أطباء وشراء أدوية، لا سيما
أن عمله في مجال ″التبليط″ غير ثابت حاله في ذلك كشريحة كبيرة من أبناء المخيم الذين
حولتهم الحرب من ميسورين إلى محتاجين، ودفعوا ثمن مواجهة، لا ناقة لهم فيها ولا جمل،
من دون أن يدفع ذلك المعنيون إلى الإسراع في إيجاد الحلول قبل حصول إنفجار اجتماعي
يحذّر الكثيرون منه.
ويقول بسام: ″ابني علي (17 عاما) يعاني منذ أن وُلد
من تبوّل وتغوّط لا إراديان، وقد حاولت علاجه منذ صغره ولكن لم أكن أحصل على أية نتيجة،
كون علاجه مكلفاً مالياً ولا يوجد هناك أي أمل في مستشفيات لبنان من دون تأمين أموال
طائلة، واليوم أراه يكبر أمامي ويتم وضع حفاضات أطفال له، وهذا المنظر مؤلم لي
ولزوجتي، وطلبت من الاونروا مساعدتي لكي اجري عملية
له خارج لبنان او تأمين علاج له في لبنان في حال توفرت الاموال لكنهم لم يتجاوبوا معي
وكذلك الجمعيات الخيرية، فقررت بيع منزلي لكي أوفر علاجه″.
ويتابع: ″مرض ابني علي ليس السبب الوحيد، فهناك
ابنتي ماريا (9 اعوام) عانت منذ سنوات من التهابات حادة في عينها، ولم يتم تأمين العلاج
لها، وهي حاليا لا تستطيع النظر فيها، وتحتاج الى عملية ضرورية، وأيضا الاونروا رفضت
علاجها″.
وطالب بسام المجتمع الدولي بتوفير مساعدات لابنه
وابنته، ″فانا لا استيطع ان انظر اليهم يكبرون امامي ولا استطيع علاجهم، لذلك سوف أبيع
منزلي واقيم في خيمة من اجل ان يعود ابني معافى ويعود النظر الى عين ابنتي″.
ويشهد مخيم البارد منذ فترة تحركات احتجاجية على
تقليص الأونروا لخدماتها وعدم الانتهاء من ملف إعمار الجزء القديم منه، رغم مرور نحو
ثماني سنوات على انتهاء المواجهات، فضلا عن مشكلة جديدة تتمثل بعدم دفع الوكالة لقسم
كبير من العائلات بدل الإيجار المعتمد لأصحاب المنازل المدمرة والتي لم يعد أعمارها
بعد، خصوصا انها ليست المرة الاولى التي تعلن فيها عائلة نيتها بيع منزلها، بعدما اضطرت
عائلات الى بيع كل ما تملك من مجوهرات وغيرها لمواصلة حياتها.
مصدر في وكالة الاونروا رفض الافصاح عن اسمه قال
″هذه الامراض غير مدرجة لدينا، ونحن نواجه منذ اكثر من عامين نقصا في الاموال بسبب
عدم التزام الدول المانحة بدفع المستحقات المالية المتوجبة علينا، ما جعلنا نخفّض الكثير
من المساعدات والتقديمات″.
المصدر: عمر إبراهيم / "سفير الشمال"