«كي لا ننسى صبرا وشاتيلا»:
العدالة لا الثأر

الخميس، 19 أيلول، 2013
يجلس الرجل السبعيني بكوفيته الفلسطينية
وبشرته السمراء يحمل بيده ملفاً تتصدره صورة نجله جمال معروف وقد كتب أعلاها: 18-
9- 1982. أتى الرجل إلى «نقابة الصحافة»، أمس، للمشاركة في المؤتمر الصحافي الذي عقدته
لجنة «كي لا ننسى مجزرة صبرا وشاتيلا» استذكاراً للمجزرة ومطالبة بمحاكمة مرتكبيها.
كان وجه ابنه مرسوماً في عينيه، وحركة جسده الثقيلة توحي كأنه يحمل منذ 31 عاماً جسد
ابنه.. وقد تعب.
مثله أتت نساء فقدن أخوة وأزواجاً وأولادا.
كذلك، حضر أطفال من «الجيل الثالث» للمجزرة، أي أحفاد لرجال ونساء قُتلوا في المجزرة.
بين أعضاء اللجنة وأهالي الضحايا معرفة عمرها 10 سنوات. وكانت متانة العلاقة وصدقها
واضحين منذ اللحظات الأولى للقاء، لكأن أعضاء اللجنة تماهوا مع الضحايا، وغدا وجعهم
واحداً وقضيتهم واحدة.
وقد تحدث باسم الوفد عضوا اللجنة الإيطاليان
هيلين سيغل، الشاهدة على المجزرة في أيلول 1982، وموريسيو موسيليني، بحضور نقيب الصحافة
محمد البعلبكي، رئيس تحرير «السفير» الزميل طلال سلمان، رئيس «الجمعية اللبنانية لدعم
قانون مقاطعة إسرائيل» عبد الملك سكرية ومدير «مؤسسة بيت أطفال الصمود» قاسم عينا،
وأهالي الضحايا.
وحيا البعلبكي روح مؤسس اللجنة المناضل
الراحل ستيفانو كاريني، «لما له من دور لإبقاء هذه الذكرى في أذهان اللبنانيين والعرب،
بل لتبقى الذكرى حية في ضمير العالم كله».
واعتبر أنّ «مجزرة صبرا وشاتيلا سجلت أعلى
مستوى ممكن في الإجرام الإنساني». وقال: «ربما إذا راجعنا جرائم التاريخ العظمى قد
لا نجد جريمة مثل هذه الجريمة». وأكدّ «ضرورة الاستمرار في العمل لكشف هذه الجريمة
الكبرى، التي من شأنــها أن تهــز الضــمير العالمي إن كــان هــناك مـن ضمــير».
وقالت سيغل: «الكلام طال لكن الأفعال ما
زالت غير كافية، لا يوجد بعد قرار منصف للشعب الفلسـطيني ولا عدالــة لهــم بعد».
وسألت: «لماذا يتم استعمال عبارة مفاوضات
السلام في حين لا يوجد حرب، يوجد احتلال ويجب تسميتها مفاوضات لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي».
أضافت: «يظن عدد كبير من المسؤولين الأميركيين
أن في مقدورهم حل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني لكنهم سيفشلون حتما إذا بقيت السياسة
الأميركية على ما هي».
وتحدثت سيغل عن عائلتين نجتا من المجزرة،
«الأولى تتضمن شاباً بقي مستلقيا طوال الليل فوق جثة أمه، مدعيا الموت، كي لا يقتل».
وقالت: «بعد 31 عاما أمضيت يوماً كاملاً مع عائلته التي تعيش قرب مدينة صيدا. الناجي
من المجزرة لديه اليوم خمسة أحفاد وينتظر اثنين آخرين».
أما العائلة الثانية التي زارتها سيغل في
صبرا فهي «في حال مزرية، وعلى الرغم من الظروف الصعبة، فإن ابنها البكر في عامه الدراسي
الأخير وهو متفوق، ويخطط لدخول الجامعة على أمل الحصول على منحة دراسية. وابنتها هي
الفتاة الوحيدة التي أكملت دروسها، وستدخل الجامعة هذا العام. العائلة فخورة جدا بها
وتريد لها ولأخيها مستقبلاً باهراً. إذا فالحياة تستمر لكن الذكريات تبقى».
من جهته أشار موسيليني إلى أنه من الصعب
الحديث في مثل هذه المناسبة «لأننا نشعر بالعجز الكامل، والإرادة والإصرار الفلسطينيان
سيصلان بالتأكيد إلى هدفهما».
ووجه نداء إلى «الشعب اللبناني العظيم الذي
صمد في عدوان تموز 2006 أمام العدوان الإسرائيلي وأمام الاعتداءات الصهيونية المتكررة».
ودعاه إلى «العمل على تحقيق ما يصبو إليه الأحياء ممن بقوا في مخيمي صبرا وشاتيلا».
أضاف: «نلتقي مع أهالي الضحايا منذ سنوات،
ولم نسمع منهم أي مطالبة بالثأر، إنما يطالبون بالعدالة فحسب، وهذه العدالة لم يحققها
لهم أحد لا في لبنان ولا على المستوى الدولي».
وطالب بـ«إعطاء أهالي الضحايا العدالة والحق
بأن يعيشوا بكرامة، وكذلك إعطاء الفلسطينيين النازحين من سوريا حقوقهم».
وبعد المؤتمر الصحافي توجت اللجنة إلى السفارة
الفلسطينية في بيروت حيث التقت ممثلي الفصائل الفلسطينية، ثمّ انتقلت إلى مخيم مار
الياس حيث شاركت في ندوة عن الحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين في مركز «أطفال الصمود».
ثمّ زار الوفد «مشغل التراث الفلسطيني» في بيت جلول.
المصدر:
السفير
