مؤتمر الإسلاميون: نظام الحكم
وفلسطين بعد الثورات العربية

الجمعة، 14 أيلول، 2012
تابع مؤتمر "الإسلاميون:
نظام الحكم وفلسطين بعد الثورات العربية" أعمال جلساته في قرية الساحة التراثية
ـ طريق المطار، فانعقدت الجلسة الأولى حول المحور السياسي للمؤتمر، وترأسها الدكتور
محسن صالح، وتحدث فيها النائب الدكتور علي فياض، ومسؤول الإعلام في الجماعة الإسلامية
وائل نجم نيابة عن رئيس المكتب.. السياسي للجماعة عزام الأيوبي.
بدايةً تحدث صالح فقال: إن الإنسان
العربي فرض عملية التغيير على أنظمة ديكتاتورية فاسدة، وفرض نظاماً سياسياً، وفضاء
استراتيجياً مما يعطي صورة حول الصراع مع العدو الصهيوني، وأنه سيتم تجاوز العنف في
هذه الأمة باتجاه الصراع مع هذا العدو.
ثم تحدث النائب فياض حول
"مقاربة حول ما له صلة بنظام الحكم وفلسطين والصلة بالتحولات التي يعيشها العالم
العربي حاليا وقال: من وجهة نظرنا ثمة شروط لأي حراك كي لا يكون موضع التباس وكشف أن
هذه الشروط منها أن يعبر عن غاية ترى المجتمع، وأن لا تحول التكتيكات المرحلية التي
يمر بها الحراك، وهذا أمر طبيعي من أن يكون إلى جانب القضية الفلسطينية وحركات المقاربة،
وأن يحافظ هذا الحراك على المكونات المجتمعية كافة فلا ننزلق إلى الصراح التي تهدر
وحدة المجتمع، وأيضاً في عدم الارتهان إلى المشاريع الخارجية، تحت أي ذريعة.
وأضاف: أن وحدة المجتمعات واستقرارها
تستدعي في زمن التحولات العربية مقاربة الوحدة على مقاربات التجزئة.
وطالب بضرورة وتصورات للدولة
للتخفيف من أولجتها لصالح مشروعات وطنية وقومية جامعة.
ولفت إلى الإشكالية التي يجب
أن تعالج وتتعلق بالتركيبة السياسية ومتطلبات الوحدة الوطنية والتماسك المجتمعمي.
وأكد على أهمية ترشيد خطاب الثورات
العربية بما يقطع الطريق على الدعوات المنشودة والمتطرقة منعاً لشرذمة المجتمع.
وشدد على أن موضوع الأقليات
في الوطن العربي تتم معالجته بالحقوق والوحدة وليس بالأغلبية والأقلية.
وحذر من الانزلاق إلى خطرين
يتعلقان بمنطق تحالف الأقليات والاستعانة بالقوى الخارجية.
ولفت إلى أهمية الحاجة إلى أكثر
من الوثائق المتداولة، لأن من حقنا إبداء شيء من القلق في المرحلة الانتقالية، داعياَ
الحركات الإسلامية إلى إجراء معالجة مع الحريات العامة، ومنها حرية الفكر الديني.
وأكد على مطلب قيام الدولة غير
المنحازة، وأن تكون العلاقة قائمة على الرضا بين الحاكم والمحكوم.
وانتقد فكرة الدولة النيوليبرالية،
مؤيداً دولة الرعاية الاجتماعية دون أن يتحول إلى نظام اشتراكي مسيطر.
وذكر أن العالم العربي يحتاج
إلى صيغة تعاقدية داخل مجتمعاته تلبي الطموحات وتعالج إشكالية التنمية والتقدم.
وأوضح أن هذه الصيغة التعاقدية
يجب أن تستند إلى تداول السلطة، وتبني المقاومات ضد الاحتلال وتبني سياسة اجتماعية
تحارب الفقر والفساد.
وشدد على عدم اختزال المسألة
العربية، بالرغم بالديمقراطية على أهميتها، أو التساهل بالإرادة الشعبية، لأن طبيعة
المخاطر تستدعي مقاتلة، مجاهدة، سيادية، وأن تستند إلى إرادات الناس، وتتصدى للعدو
الصهيوني ومشاريع الهيمنة الغربية.
وأشار إلى أن المرحلة الانتقالية
قد تفرض رؤية معينة ولكن على المديين المتوسط والبعيد ستعود القضية الفلسطينية إلى
الواجهة، وستتحد قوى المرحلة الانتقالية في تناقض موضوعي مع العدو.
كلمة الايوبي
ثم تحدث وائل نجم المسؤول الاعلامي
في الجماعة الاسلامية فألقى كلمة رئيس المكتب السياسي للجماعة عزام الأيوبي الذي تعذر
حضوره لأسباب صحية وقال أن تباشير التغيير المنشود تلوح بالأفق، وبدأت رموز الأنظمة
القمعية بالتهاوي الواحد تلو الآخر، وبدأت الشعوب المتعطشة للحرية رحلة إعادة بناء
أنظمتها وسط تحديات كثيرة، منها ما يتعلق بعدم استسلام بقايا الأنظمة البائدة ومحاولاتها
المستميتة لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، ومنها ما يتعلق بمدى قدرة هذه الشعوب على
صياغة النظام النموذج الذي يؤمن لجميع مكوناته دون استثناء ما تصبو إليه من حرية وعدالة،
خاصة إذا أخذنا بعين الإعتبار أن الثورات العربية قد دفعت بالحركات الإسلامية تحديدا
إلى مقدمة القوى السياسية المرشحة للحكم، وهي – أي الحركات الإسلامية - لطالما صُوّرت
للناس على أنها رمز الإنغلاق والتسلط وعدم الإعتراف بالآخر، وهو الوصف الذي كان دائما
الحجة التي تتذرع بها الأنظمة البائدة لاستبدادها وتسلطها. وهذا بدون أدنى شك يرسم
علامات استفهام كبيرة حول مصير الثورات والتغيير المنشود في ظل تقدم الحركة الإسلامية
إلى سدة الحكم.
وقال إن المسلمون يرون التنوع
والتعددية قدر الله الذي يلزمهم التعامل معه، معدداً أربع قواعد وضعتها الحركة الاسلامية
أساسية للعيش المشترك وهي: احترام الآخر والاعتراف به والتعامل معه، الأخلاق، والتعاون..
وتمنى أن يكون مستقبل أمتنا
العربية بكل أقطارها مشرقا بنور العدل والحرية، الذي سيعيدها إلى مكانتها المرموقة
بين الأمم، وأن يكون ما قدمنا في هذا المحور مدماكا إضافيا في إتمام البناء الذي نصبوا
جميعا إليه، وعلى أمل أن تكتمل فرحتنا ونهضتنا بتحرير كامل لأوطاننا وفي مقدمتها فلسطين
بكل حبة من ترابها، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجلسة الثانية
وانعقدت جلسته الثانية برئاسة
الدكتور حسن جابر، وتحدث فيها مدير الحركة الاستشاري للدراسات والتوثيق عبد الحليم
فضل الله، والدكتور أحمد أبو الحسن وتمحورت حول المحور الاقتصادي والاجتماعي.
كلمة فضل الله
تحدث فضل الله فقال: نسأل عن
أي نموذج اقتصادي ـ اجتماعي يمكن للإسلاميين أن يختاروه متوفقاً عند العلاقات التي
تربطهم بالخارج والداخل، مشيراً إلى أن طموحنا أن يكونوا قدوة في الثورة.
وأضاف متسائلاً: أي طموح ديموقراطي
نطمح إليه.
وقال: وأي نوع من أنواع التحول
الديموقراطي المقبلين عليه. وتحدث عن عدد من نماذج الديموقراطيات وأبرزها الديموقراطية
العميقة القائمة على أيديولوجيا التأسيس والتي تتعلق بالدساتير والحقوق الطبيعية والحقوق
الليبرالية وتكافؤ الفرص.
وتابع أسئلته حول عن أي سياسية
خارجية تريدون؟
وقال: لا يمكن لخيارنا الإقليمي
أن يكون على الجانب الثاني أو تبادل المنافع فقط، بل يجب أن يبدأ بالدول العربية ودول
الجوار الإسلامي.
وتطرق إلى نماذج التنمية المطروحة
والواجب اختيار بعضها، وخلص إلى النموذج الذي يعطي الأفراد حقوقهم، ومبدأ سيادة القومية
بما فيها السيادة الاقتصادية، والدولة ذات السيادة خاصة بعد الأزمات المالية والاقتصادية
العالمية، وقد لعبت الدولة دوراً أساسياً في معالجتها.
ولفت إلى مشكلة الإسلاميين مع
النموذج الاقتصادي وإلى تخطي هؤلاء اختيار نظام الحكم الذي يريدون وكان مصطلح الدولة
المدنية، معتبراً أن الإسلاميين ما زالوا عالقين بالنصوص وفقه الأحكام.
كذلك طرح عليهم سؤال: أي حريات
اقتصادية تريدون؟ وأين هو موقع العدالة الاجتماعية في خيارهم الاقتصادي؟
وماذا عن علاقتها بالقيم الأخرى.
وطالبهم بابتكار مفاهيم اقتصادية
جديدة كما ابتكروا في الجانب السياسي.
وختم متسائلاً: هل خيار التنمية
مقابل خيار المقاومة؟ وقال: هذا ينم عن فهم خاطئ لأن التنمية خيار سياسي أولاً، وهذا
الخيار لطالما قام على ممانعة اقتصادية، مشيراً إلى الصين كنموذج في هذا المجال، ومثلها
إيران.
كلمة ابو الحسن
ثم تحدث المستشار الإعلامي في
السفارة المصرية في بيروت الدكتور أحمد أبو الحسن عرض فيها لواقع الاقتصاد المصري وقال:
هناك مشكلة اقتصادية في مصر من فقر وبطالة وغيرها، ولكن مصر ليست دولة فقيرة، وهي غنية
بثرواتها المتعددة والمتنوعة وفي طليعتها الثروة البشرية، وأعلن أن 18 مليار دولار
هو قيمة التحويلات المالية التي وصلت يوم أمس إلى مصر من المصريين العاملين في الخارج،
وهذا يدل على وطنيتهم الحقيقية.
وأشار إلى الثروات الزراعية
والحيوانية ومشاريع استصلاح الأراضي، وتطوير الإمكانات السياحية، ومداخيل قناة السويس.
كما تحدث عن مشاريع مستقبلية
في مجال الاستثمار الاقتصادي من قبل الدولة ومن جهات خارجية..
وختم قائلاً: أن الشراكة ستكون
أساس في علاقات مصر الخارجية اقتصادياً.
الجلسة الثالثة
ترأس مسؤول العلاقات السياسية
في حركة المقاومة الإسلامية حماس الأستاذ أسامة حمدن الجلسة الثالثة من المؤتمر، معتبراً
في كلمة مقتضبة له أن حراك الأمة صنع تغيراً استراتيجياً تمثل في وصول الإسلاميين إلى
الحكم، مشيراً إلى أن القضية الفلسطينية كانت ولا تزال المحور الرئيسي في الثورات،
مؤكداً على أن حربي تموز وغزة كانتا نموذجاين في التفاف الأمة حول المقاومة. وأضاف
أن الصراع مع العدو الإسرائيلي هو صراع وجود، وليس فقط صراع على الحدود، ذاكراً جملةً
من التحديات يعيشها الكيان الصهيوني والتي تتمثل بالتغيير الإقليمي الذي شكل رافعة
للمقاومة، ضعف الحليف الأمريكي وأزمة قيم المشروع الصهيوني.
كلمة غزلان
ثم كانت الكلمة الأولى في هذه
الجلسة للناطق باسم الإخوان المسلمين في مصر الدكتور محمود غزلان الذي اعتبر أن الإخوان
المسلمين في مصر لم يستحوذوا على الحكم، بل نجحوا في الوصول إلى الرئاسة. وفي حديثه
عن مكانة فلسطين عند الإخوان، قال الدكتور غزلان أن الأخوان دعموا هذه القضية منذ وطأت
أقدام الصهاينة أرض فلسطين، مؤكداً "فلسطين في عقيدتنا"، مؤكداً أن فلسطين
كانت حاضرة في الثورات المصرية الكبرى معتبراً أن موقف حسين مبارك من فلسطين وأهلها
أحد أهم أسباب الثورة. ثم تحدث عن وصول الإسلاميين إلى الحكم ومحاولات القوى المناوئة
والمخابرات.. إفشال تجربتهم. من ثم عرج أن سياسة الرئيس الحالي "محمد مرسي"
الذي يعمل على ترميم العلاقات الدولية والإقليمية وإعادة مصر إلى مكانتها والقضاء على
سياسة التقزيم منذ البداية الاتفاقية التي عقدها السادات، وهم يسعون إما إلى تقويمها
أو إلى إعادة الأمور إلى الشعب حتى يأخذوا الموقف منها. وأضاف: "إن أي دولة لا
تستطيع مواجهة أعدائها إلا إذا كانت قوية في الداخل". ثم عدد نقاطٍ عدة لا بد
من اعتمادها لتحقيق نصرة فلسطين تتمثل أبرزها بالتخلص من التبعية وتنظيم دستور عادل
وتحقيق العدالة الاجتماعية والعدل والقضائي بالإضافة إلى الأمن القومي....
وخلص الدكتور غزلان إلى أن المنطقة
لن تستقر ما دام الكيان الصهيوني يعيش في قلبها، وأن تحرير فلسطين مسؤولية عربية لا
بد أن تتكامل، وقال: "ندعم قيام دولة فلسطينية على حدود العام 1967، دون التفريط
في حق الشعب الفلسطيني في باقي فلسطين".
كلمة الرفاعي
بعد ذلك، تحدث مسؤول الجهاد
الإسلامي في لبنان أبو عماد الرفاعي فاعتبر أن موقف حكومات ما بعد الثورات العربية
من فلسطين، وموقع القضية الفلسطينية فيها، هو السؤال الأكثر إلحاحاً وحضوراً على أجندة
نتائج الثورات العربية والمتغيرات والتداعيات التي أحدثتها. وقال "إننا عن قصد
نميّز بين الثورات العربية وبين الحكومات التي نتجت بعدها، ليس من موقع التشكيك في
الحكومات، بل عن قدرة الحكومات والأنظمة التي أنتجتها الثورات على تحقيق ما تصبو إليه
الشعوب العربية والإسلامية تجاه القضية الفلسطينية.
وتابع: لا يستطيع أحد أن ينكر
أن حكومات ما بعد الثورات العربية قد ورثت واقعاً مأزوماً. ولا نظنّ أنّ أحداً يختلف
حول توصيف أو تشخيص الحالة التي أدّت الى نشوء الثورات. لكنّ السؤال الذي ينبغي أن
لا يغيب عن بال أحد هو: ما الوظيفة التي يقوم بها الكيان الصهيوني في فساد الأنظمة؟
وحذر الرفاعي من اتجاه يميل
الى تأجيل طرح قضية فلسطين الى ما بعد استكمال التنمية وبناء الدولة، ورأى أن
"عامل الوقت ضاغط جداً، حيث يعمد العدو الصهيوني الى استغلال الوقت لإيجاد وقائع
جديدة على الأرض، وكيف يمكن إيقاف الآلة الصهيونية الإجرامية خلال الوقت المطلوب للتنمية؟
وما هو الثمن السياسي والإنساني الذي سيدفعه الشعب الفلسطيني مقابل الوقت المطلوب؟!"
وقال الرفاعي: "نحن نؤمن
أن تحرير فلسطين وتحقيق التنمية والنهضة أمران لا ينفصلان، ولا يمكن تقديم أحدهما على
الآخر.. وأضاف: "إن المزاوجة بين التنمية والتحرير ليست بالأمر المستحيل، ولا
الصعب، بل يحتاج الى إرادة حرة صلبة وقرار جدي وجريء وفاعل، يقوم على أساسين متلازمين:
الأساس الأول: تحقيق نهضة حقيقية
مقاومة، تقوم على اقتصاد وطني وقومي حقيقي غير مرتبط بالغرب، والأساس الثاني هو دعم
المقاومة الفلسطينية ودعم صمود اللاجئين الفلسطينيين."
ودعا الرفاعي حكومات ما بعد
الثورات على الحكومات العربية الى "لعب دور أساسي في إنهاء حالة الانقسام الفلسطيني
الداخلي، التي هي في جزء كبير منها انعكاس لحالة الانقسام والتشظي العربي، والذي من
المفترض أن يتغير في مرحلة ما بعد الثورات، التي عليها أن تعيد تأكيد التزامها بدعم
مشروع المقاومة."
كلمة كحلاوي
ثم ألقى الأستاذ رئيس الهيئة
الوطنية لدعم المقاومة العربية ومناهضة التطبيع في تونس الأستاذ أحمد كحلاوي الكلمة
الأخيرة في هذه الجلسة التي افتتحها قائلاً: "الغرب ـ جديده وقديمه ـ ما زال مصاباً
بعقدة الخوف من نهضة العرب التي حقَّقها الإسلام العظيم". ثم قدم عرضاً تاريخياً
سريعاً للاستعمار الغربي للعرب ودعمه للكيان الصهيوني وصولاً إن وعد بلفور أو اتفاقية
"أوسلو" التي أشار إلى أنها كانت نهاية منظمة التحرير الفلسطينية وقراراً
صريحاً لبيع فلسطين، إلى أن كانت المقاومة الفلسطينية المتمثلة بحماس والجهاد الإسلامي
والمقاومة الإسلامية في لبنان، بالإضافة إلى أن المقاومة العراقية والتي كان من شأنها
إعادة الروح لفلسطين.
وأضاف في هذا السياق:
"إن مستقبل أي أمة مرهون بفلسطين وحرية فلسطين، وإن أي تنمية وأي خبر وأي حرية
لا تتم إلا بفلسطين وعبر فلسطين".
وعن الوضع في سوريا قال:
"لا بد من تغير سوريا وإصلاحها، ولكن شعب سوريا الذي وقف مع المقاومة وهو الذي
يغيرها، وليس حلف شمال الأطلسي"، مضيفاً: "ألم يكن من الأجدى إرسال الأموال
العربية لتعمير غزة عوضاً عن تدمير سوريا".
وختم الأستاذ أحمد مؤكداً أن
لا عدل إلا إن تعادلت القوى واصطدم الإرهاب الإرهاب.
المصدر: القضية