مخيمات صيدا.. زخم أقل "بإشراف" "حزب الله"
السبت، 31 آذار، 2012
أحيا اللاجئون الفلسطينيون في لبنان الجمعة ذكرى يوم الأرض التي تعود الى آذار / مارس 1976حين صادرت اسرائيل آلاف الدّونمات من الأراضي ذات الملكيّة الخاصّة أو المشاع في نطاق حدود مناطق ذات أغلبيّة سكانيّة فلسطينيّة مطلقة. واثر ذلك قرّرت الجماهير في الدّاخل الفلسطينيّ إعلان الاضراب الشّامل، متحدّية السلطات الإسرائيلية لأوّل مرّة بعد احتلال فلسطين عام 1948. وكان الرّدّ الإسرائيليّ عسكريا وشديدا، إذ دخلت قوّات معزّزة من الجيش الإسرائيليّ مدعومة بالدّبّابات والمجنزرات إلى القرى الفلسطينيّة وأعادت احتلالها موقعة شهداء وجرحى بين صفوف المدنيّين العزل.
وجاء احياء يوم الأرض في لبنان هذا العام، اقل زخما مما كان عليه العام الماضي، حين توجه آنذاك عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين من مخيمات لبنان ومناطقه المختلفة في ما اطلق عليه "مسيرة العودة الى فلسطين"، الى الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة في مارون الراس وحاول بعضهم تخطي الشريط الشائك. ووقعت مواجهات بينهم وبين جنود الاحتلال الاسرائيلي سقط بنتيجتها شهداء وجرحى في صفوف الفلسطينيين. وهذا العام، اقتصر احياء الذكرى على تجمع محدد لا يتعدى الالفين في ساحة قلعة الشقيف في منطقة النبطية والتي تبعد نحو 7 كيلومترات عن الحدود الجنوبية، الأمر الذي طرح ولا يزال اكثر من تساؤل لاسيما في الأوساط الفلسطينية عن سبب هذا التحجيم والإضعاف للتحرك هذا العام، خاصة وان التحضيرات ليوم الأرض كانت بلغت ذروتها على مدى الأسابيع القليلة الماضية، ثم انطفأت فجأة، علما أن هذه المسيرة تنظمها لجنة مركزية مؤلفة من قوى فلسطينية وأحزاب لبنانية تحت اشراف مباشر من حزب الله.
وذكر مسؤول فلسطيني، فضّل عدم ذكر اسمه، ان عوامل عدة ساهمت في الحد من وهج وزخم "مسيرة العودة " لهذا العام، لعل أولها عدم سماح الجيش اللبناني للمشاركين فيها بالوصول الى الحدود الجنوبية، وتحديده مكان التجمع في قلعة الشقيف في منطقة النبطية، ما اصاب الفلسطينيين في لبنان بنوع من الاحباط والعزوف عن المشاركة، ما افقد التحرك بعضا من رمزيته، كونه اطل في العام الماضي، مباشرة على الأراضي الفلسطينية ولامسها عبر السياج الحدودي، بينما حدود التحرك هذا العام هي حدود جنوب الليطاني ومنطقة تنفيذ القرار 1701، فضلا عن ان الموقع الذي تم اختياره في قلعة الشقيف لا يتسع لبضعة آلاف مشارك كحد أقصى، علما ان الذين سجلوا اسماءهم مسبقا للمشاركة يقدر بعشرات الآلاف، من بينهم ما يفوق الخمسة آلاف مشارك من مخيم عين الحلوة. تقابلها أعداد تزيد أو تقل في مخيمات ومناطق أخرى.
واضاف المسؤول نفسه، ليس هذا السبب الوحيد لفقدان مسيرة العودة زخمها هذه السنة، وانما ظهور خلاف بين مكونات اللجنة المنظمة وتحديدا بين حزب الله وحماس، على خلفية الموضوع السوري وتباين مواقف بعض القوى الفلسطينية مما يجري هناك، وعدم تلاقي بعضها مع مواقف احزاب لبنانية مؤيدة للنظام لاسيما حزب الله "عراب مسيرة العودة" والذي كان يتشارك مع حركة حماس قيادة وتنظيم هذا التحرك، قبل أن تأخذ هذه الأخيرة مسارا مغايرا لمسار الحزب في الموضوع السوري، ما انعكس على العلاقة بينهما في العديد من القضايا ومنها موضوع احياء يوم الأرض، الأمر الذي انعكس بدوره ارباكا وتناقضا حتى داخل صفوف اللجنة المنظمة لمسيرة العودة.
ووفقا لمصادر مطلعة، فإن حزب الله ومعه الجيش اللبناني حرصا على ابقاء التحرك بعيدا عن الحدود وحصره بمكان وعدد محددين بهدف اضعافه، وخشية ان تتخذ منه بعض القوى الإسلامية الفلسطينية واللبنانية منبراً ومناسبة للإطلالة على الموضوع السوري من وجهة نظر مغايرة لوجهة نظر الحزب.
وبالعودة الى مشاركة صيدا ومخيماتها، فقد اقتصرت مشاركة المدينة ومخيم عين الحلوة في احياء ذكرى يوم الأرض في قلعة الشقيف على بضع عشرات من الفلسطينيين وبعض اللبنانيين، بسبب تغيير موقع التجمع من الحدود الى قلعة الشقيف، وبسبب عدم تأمين الحافلات الكافية لنقل المشاركين من قبل اللجنة المنظمة.
ففي مخيم عين الحلوة حيث تجمع المشاركون منذ الصباح الباكر كبارا وصغار شيبا وشبابا وجهتهم فلسطين وأمل بتحقيق العودة، لم يسجل خروج سوى اربع حافلات غير مكتملة العدد، يقابلها في صيدا المدينة، خمس حافلات وواحدة من مخيم المية ومية، فيما عبرت المدينة حافلات قادمة من بقية المناطق اللبنانية، وذلك وسط اجراءات امنية مشددة اتخذتها عناصر الجيش اللبناني على طول الطريق الدولية بين صيدا والنبطية مرورا بالزهراني حيث اخضعت الحافلات والسيارات العابرة لتفتيش دقيق.
وقال امين سر حركة "فتح" في مخيم عين الحلوة العقيد ماهر شبايطة لـ"المستقبل": لشهرين متتالين واجتماعات اسبوعية لترتيب الوضع حتى لا نقع في الاخطاء التي حصلت في العام الماضي في ذكرى يوم النكبة في 15 ايار، لكن للاسف تفاجأنا بنهاية المطاف ان هذه المسيرة التي كانت تحضّر على اساس انها مليونية، تتقلص الى 5000 شخص.
اضاف: المشكلة تكمن في قضيتين، الاولى المكان الذي تم تحديده في قلعة الشقيف. الساحة هناك لا تتسع لاكثر من 4000 او 5000 فلسطيني. ومن هذا المنطلق كان عدد الباصات التي نقلت الناس محدودا. والأمر الثاني هو التراجع عما كان متفقا عليه من ان المسيرة كانت ستصل الى الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة. من هذا المنطلق كان هناك نوع من الاحباط داخل ابناء شعبنا فأخذت الفصائل الفلسطينية مجتمعة من فصائل فلسطينية وطنية واسلامية وكذلك القوى اللبنانية الوطنية والاسلامية، قرارا بعدم المشاركة.
المصدر: المستقبل