القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

مسلحون فلسطينيون يحتلون دار الإفتاء لفرض التسليم والتسلم بالقوة

قباني يدفع صيدا الى فتنة غير محسوبة العواقب

مسلحون فلسطينيون يحتلون دار الإفتاء لفرض التسليم والتسلم بالقوة


الأربعاء، 22 أيار، 2013

هل اجتازت مدينة صيدا قطوع الفتنة التي أطلت برأسها أمس من بوابة أزمة دار الإفتاء وإصرار مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني على فرض مفتٍ لصيدا بديل لمفتيها الأصيل الشيخ سليم سوسان وخلافاً لإرادة أبناء المدينة والهيئة الناخبة، أم أن ما جرى كان مقدمة للسيطرة على مؤسسات دار الإفتاء في المدينة ومصادرة إرادة أهلها وقرارهم؟ ومن هو الشيخ اياد أبو العردات الذي حضر على رأس مجموعة مسلحة لمؤازرة المفتي المكلف، ومن كلفه بذلك؟ وهل يحق له وهو شيخ فلسطيني وعضو في رابطة علمائية فلسطينية، التدخل في شؤون دار الإفتاء والاعتراض على حضور قادة أمنيين؟ ومن هم هؤلاء الشبان الذين حضروا بكامل جاهزيتهم ومدججين بالسلاح لترهيب موظفي دار الإفتاء والتحكم بحركة زوار الدار من الشخصيات والإعلاميين؟.

اسئلة كثيرة فرضت نفسها في الساعات الأربع والعشرين الماضية على خط أزمة إفتاء صيدا، هي اليوم برسم الجهات المعنية بهذه الأزمة، كي لا يصبح المشهد الذي سجلته صيدا أمس، مشهداً اعتيادياً في يومياتها، بما يعكسه من توتر وقلق وأرض خصبة لمشكلات وفتن هي بغنى عنها.

فماذا حصل في دار الإفتاء في صيدا أمس؟.

في وقت مبكر من صباح أمس، حضر الى دار الإفتاء المفتي الشيخ أحمد نصار المعيّن من قبل مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني، خلافاً لقرار المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، وخلافاً لإرادة الهيئة الناخبة في المدينة، ودخل الى مكتب المفتي سوسان قبيل حضوره. ولدى إبلاغه بالأمر حضر المفتي سوسان ليجد دار الإفتاء قد احتلت من قبل مجموعة من الشبان المسلحين حضروا بذريعة أنهم "مرافقون لنصار" بإمرة شيخ فلسطيني يدعى اياد أبو العردات، وليجد نصار قد احتل كرسيه، مبلغاً اياه بأنه ينفذ قرار المفتي قباني وأنه حضر ليتسلم مهامه رسمياً منه، لكن المفتي سوسان رفض تسليم نصار مهامه، مستنداً في ذلك الى قرار المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى والهيئة الناخبة في صيدا .

عندما تبلغ نصار رفض سوسان تسليمه دار الافتاء، كان الشيخ أبو العردات وهو عضو في "رابطة علماء فلسطين" يأمر مجموعته بالانتشار في أرجاء مكاتب الإفتاء وعند مدخل الدار، مانعين بعض الفاعليات الصيداوية التي حضرت لاستطلاع الأمر من الدخول، فاضطر هؤلاء للدخول عبر مدخل المحكمة الشرعية الموازي للمدخل الرئيسي. وعقد بداية اجتماع ثنائي ضم المفتيين سوسان ونصار قبل أن ينضم اليه وفد من دار الفتوى موفداً من المفتي قباني يتقدمه المدير العام للأوقاف الشيخ هشام خليفة، أبلغ المفتي سوسان رسالة بضرورة تسليم مهامه للمفتي نصار، فأصر سوسان على رفض التسليم. وعلى الأثر حضر عدد من أعضاء المجلس الشرعي ومن الهيئة الناخبة وبعض الفاعليات الصيداوية الى دار الإفتاء وانضموا الى الاجتماع، وكانت المفارقة الثانية تدخل الشيخ أبو العردات في الاجتماع، فكان هو الناطق باسم الشيخ نصّار والمفاوض بالنيابة عنه، رافعاً صوته في وجه بعض الحاضرين من فاعليات المدينة، فيما شبابه خارجاً يتحكمون بعملية الدخول الى الدار بناء لأوامره.

ولم تنجح مهمة وفد المفتي قباني فانسحب عائداً الى بيروت، وكذلك غادرت الفاعليات الصيداوية التي كانت حاضرة ليبقى المفتي سوسان ومعه أمين سر دار الإفتاء الشيخ حسين الملاح، والمفتي نصار ومعه الشيخ أبو العردات ومجموعته "المسلحة" إضافة الى شيخين من آل الأنصاري وعنتر. وفي هذه الأثناء، أجرى المفتي سوسان اتصالات بعدد من رؤساء الحكومات السابقين وبعض أعضاء المجلس الشرعي والفاعليات الصيداوية ووضعهم في أجواء ما يجري وأبلغهم حقيقة "الاحتلال المسلح" لدار الإفتاء، فحضر الى المكان قائد منطقة الجنوب الإقليمية في قوى الأمن الداخلي العميد طارق عبد الله ورئيس مكتب فرع المعلومات في صيدا النقيب فؤاد رمضان لاستطلاع الأمر، فلاحظ العميد عبد الله حيازة أحد الأشخاص في الدار من مجموعة أبو العردات لسلاح، ولدى سؤاله اياه عما إذا كان مرخصاً، سارع أبو العردات الى التدخل وتوجيه كلامه مباشرة الى العميد عبد الله وبصوت عالٍ طالباً منه الخروج من دار الإفتاء باعتبار أن القوى الأمنية ليس لها عمل في الدار على حد قوله. وهنا توتر الوضع ما استدعى استقدام تعزيزات أمنية الى محيط دار الإفتاء، فحضرت بداية قوة مشتركة من قوى الأمن الداخلي وفرع المعلومات، ما استدعى تدخل بعض المشايخ مع المفتي نصار وأبو العردات لسحب المسلحين من دار الإفتاء، وقد نجحوا في ذلك جزئياً، بحيث تم سحب المجموعة التي كانت عند مدخل الدار وأبقي على مجموعة أخرى في مكتب المفتي ومعها الشيخ الفلسطيني الذي واصل تدخله في شؤون الدار.

وأمام احتدام الوضع، بقي المفتيان سوسان ونصار في مكتب الإفتاء لوحدهما حتى موعد صلاة الظهر حيث غادرا قرابة الثانية عشرة والنصف لأداء الصلاة. وغادر أبو العردات ومجموعته برفقة نصار وعادوا بعد الصلاة محاولين الدخول مجدداً الى دار الافتاء، لكن القوى الأمنية منعتهم بناء لطلب المفتي سوسان وسمحت فقط للمفتي نصار بالدخول منفرداً، لكنه رفض الدخول من دون أبو العردات ومجموعته، فعاد الوضع ليتوتر مجدداً بعد تلويح المجموعة بافتعال مشكلة إذا لم يُسمح لهم بالدخول، ما استدعى استقدام تعزيزات إضافية من القوى الأمنية، فحضرت قوة كبيرة من الوحدات الخاصة في شعبة المعلومات في بيروت، لتتسلم مهام حفظ الأمن عند مدخل دار الافتاء منعاً لأي اعتداء على الدار، كما حضرت دورية من الجيش اللبناني اكتفت بالمراقبة عن بعد. وعلى الرغم من ترحيب المفتي سوسان بدخول المفتي نصار لوحده الى دار الإفتاء إلا أن الأخير أصر على الرفض متحصناً بالمجموعة التي كانت برفقته، وأجرى اتصالاً بالمفتي قباني قبل أن يطلب منه الأخير المغادرة خصوصاً بعدما كان المفتي سوسان قد غادر مكتبه عند انتهاء الدوام الرسمي قرابة الثانية بعد الظهر.

سوسان

واعتبر المفتي سوسان أنه "ليس بهذه الطريقة وليس بهذا الأسلوب وليس بهذا الاحتلال تتم الأمور، فلتجر انتخابات أو فليلجأ الشيخ أحمد نصار الى القضاء ليقول أنا متضرر وليحكم له القانون مع كل احترام ومحبة وتقدير، وأنا أبلغت وفد دار الفتوى هذا الكلام لينقلوه الى سماحة المفتي قباني". وقال: "انا لست بصدد تسوية، نحن أمام أمور معقدة، لا أقبل بأن أكون ضحية لهذه التعقيدات. لقد أبلغت وفد دار الفتوى وقلت لهم: إما أن تجرى انتخابات وإما أن يذهب فضيلة الشيخ أحمد نصار الى القضاء إذا كان متضرراً من هذا الأمر، لكن ما حصل هذا الصباح مرفوض، أن أجد 40 شخصاً داخل الأوقاف، هل يعقل هذا الكلام؟. أنا جئت عند الثامنة ووجدتهم هنا. أنا أضع الأمور في يد المدينة وفي يد الهيئة الناخبة وفي يد كل من يعنيه أمر صيدا واستقرارها وسلامتها، وأضع هذه الأمور بيد الدولة اللبنانية والأمن اللبناني والاستقرار".

أضاف: "انا لن أسلم أبداً، انا باقٍ لأنني اعتبر نفسي ذا صفة شرعية، ومدد لي بقرار رسمي وموجود حتى إجراء الانتخابات، ليس وحدي فقط، وإنما مع أربع مفتين آخرين أيضاً، لذلك هذا الأمر بيد الهيئة الناخبة وبيد الأمن وبيد القضاء" .

وفي مؤتمر صحافي عقده بعد الظهر في منزله في عبرا، أكد المفتي سوسان أنه "لم يتم أي تسليم وتسلم في دار الإفتاء في صيدا، وأن ما حصل هو احتلال مسلح لدار الإفتاء"، قائلاً: "ربما كانت هناك مراهنة على تدخل فريق من الفرقاء في المدينة لكي يحصل المحظور". وأوضح انه "وقف بحزم ورفض اي تدخل من أي كان إلا من الدولة ورجال الدولة. وكان من الممكن أن يقع المحظور وأن تسفك الدماء وأن يصطدم الشباب وأن يحصل ما لا يرضاه أحد لمدينتنا، ولكن أنا حريص على السلم في صيدا وعلى هذا التوازن في المدينة وعلى كل بيوتاتها ورجالاتها".

أضاف: "أنا باقٍ في دار الإفتاء ومستمر في مهامي من خلال قرار المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى والقرار المنشور في الجريدة الرسمية وما صدر عن مجلس الشورى، ومن خلال الهيئة الناخبة لمدينة صيدا وثقة محبة الناس، فإذا أتى الشيخ أحمد نصار كموظف في دائرة الأوقاف فهو مرحب به، أما أن يأتي كمفتٍ، فإن هذا الأمر بحاجة الآن وبعد ما حصل الى أن يفصل فيه القضاء".

خليفة

وقال الشيخ خليفة باسم وفد دار الفتوى: "كانت محاولة لتنفيذ قرار سماحة المفتي بتعيين الشيخ أحمد نصار، وتحدثنا مع الشيخ سليم الذي يكن كل محبة لسماحة الشيخ رشيد ولكن تداخلت بعض الأطراف من المجلس الشرعي القديم والذين يرفضون هذا الموقف وهم ضد تنفيذ قرارات المفتي، ونحن تركنا الأمر بيد صيدا. نحن جئنا كمرجعية لنساهم في حل الإشكالية، المفتي سوسان سيرجع الى القضاء لأن المفتي الجديد هو صاحب القرار بأن يبقى داخل الدار، هناك مفتٍ واحد والثاني مخالف للقانون" .

نصّار

من جهته، قال المفتي نصار: "هناك مفتٍ واحد ومفتٍ سابق، الدوام الرسمي يبدأ عند الثامنة ومن عادتي ان آتي الى عملي أياً كان قبل الموعد بخمس عشرة دقيقة. جئنا واتصلنا بسماحة المفتي سوسان وقال أهلاً وسهلاً، وقلنا له إن هناك وفداً من دار الفتوى قادم من أجل موضوع التسليم والتسلم بما يليق بسماحته. وصل الشيخ سليم واختلينا وكان بيننا كلام بين الأب وابنه وبين الابن وابيه، إلا أنه حصل بعض الاتصالات وبدأ يتقاطر بعض الأشخاص وهم يمثلون تياراً واحداً، دخل وفد دار الفتوى وأبلغ سماحة المفتي سوسان بقرار مفتي الجمهورية". أضاف: "المفتي سليم سوسان رجل نحترمه ونجله وهو رئيس دائرة أوقاف صيدا، أما أنا فمكلف من سماحة مفتي الجمهورية الذي هو صاحب الصلاحية ولست متضرراً، فكيف أذهب الى القضاء؟ وإنما المتضرر هو الذي يذهب الى القضاء".

ورداً على سؤال حول اعتبار المفتي سوسان ما جرى "احتلالاً"، أجاب: "لسماحته رأيه ولكنه احتلال من المحبين أن يأتوا الى مفتٍ مكلف ويباركوا له. لكن الاحتلال هو من يخالف قرارات المفتي، أنا لا أقبل أبداً بأن يكسر قرار مفتي الجمهورية، الذي كلفني بشهر أو شهرين أو 7 اشهر هو صاحب الصلاحية ونحن تحت عباءته وعمامته".

صيدا ـ "المستقبل"