«نكبــة» النــزوح الفلسطينــي الثـانـي
الجمعة، 21 أيلول، 2012
لم تجد أم أحمد، ربة العائلة الفلسطينية التي هربت من الأحداث السورية إلى لبنان، سوى الباحة الخارجية لمكاتب «الأونروا» في تعلبايا لتتحدث عن مأساة نزوحها الثاني الذي تصفه بـ«الأقسى عن النزوح الأول».
في شهر حزيران الماضي لجأت أم أحمد إلى أقارب لها في سعدنايل وقدمت طلب تسجيل في «الأونروا» كونها نازحة أسوة بالنازحين السوريين. إلا أنها منذ ذلك التاريخ ورغم المراجعات لم تجد من يؤمن لها مسكنا أو بدلا ماليا للإيجار أو مساعدة غذائية. كما أنها مع حلول العام الدراسي لم تستطع تسجيل أولادها في مدارس «الأونروا» في البقاع كونها لاجئة مسجلة في سوريا لا في البقاع اللبناني.
أمس تشابهت حكاية أم أحمد مع مأساة عشرات العائلات الفلسطينية التي اعتصمت أمام مكاتب «الأونروا» في تعلبايا وعملت على افتراش أرض الباحة الخارجية لإيصال الصوت عاليا إلى المجتمع الدولي، وفق ما يقول عضو اللجنة المركزية لـ«الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين» عبد الله كامل الذي يشير إلى ما يسميه «نكبة» النزوح الفلسطيني الثاني الذي تتحمله منظمة «الأونروا» بعد أن أحجمت عن التعاطي مع ملف النازحين الفلسطينيين من سوريا كاملا.
ويأتي الاعتصام تحت عنوان ضرورة الضغط على «الأونروا» من أجل الاستجابة لأدنى حقوق اللاجئ الفلسطيني التي يفتقدها بالكامل أي لاجئ فلسطيني من سوريا لم يستلم أي حصة تموينية مع حرمانه الاستفادة من الخدمات الطبية والاستشفائية والتربوية والاجتماعية.
كان من المفترض من «الاونروا» حسب ما يقول كامل، أن «تستمع وترى بأم عينها هذه المأساة الفلسطينية وأن تلتفت لأوجاع الأهالي النازحين إلا أنها استعاضت عن تفهم وتلبية المطالب المحقة للعائلات الفلسطينية باستدعاء قوى الأمن اللبناني لمواجهة الأهالي. ولكن هذه القوى الأمنية تفهمت مأساة النازحين ولم تعمل على مواجهتهم. ونحن كقوى فلسطينية استعضنا عن التصعيد بالالتزام بمطلب القوى الأمنية وعدم إقفال مكاتب «الاونروا» التي ستكون هدفنا في الأيام المقبلة إذا ما استمر التعاطي المستخف من قبلها ومن مديريها في البقاع مع العائلات الفلسطينية».
أكثر من 320 عائلة هو مجموع العائلات الفلسطينية التي نزحت إلى قرى البقاع الأوسط، آتية من الأراضي السورية وفق إحصاء كامل، الذي يشير إلى غياب متعمد من «الأونروا» عن ملف النازحين الفلسطينيين الذين هربوا من الداخل السوري بألبستهم دون سواها.
«تحجم كل الهيئات الإغاثية الدولية عن التعاطي مع الملف الفلسطيني أسوة بالنازحين السوريين، لارتباط هذا الملف بمنظمة «الاونروا» الغائبة بدورها عن التعاطي الاغاثي» يقول كامل، الذي يشير إلى تحرك مشكور لـ«الصليب الأحمر الدولي» و«الهلال الأحمر الإماراتي» اللذين قدما بعض العينات الغذائية والتنظيفية والمنزلية وبعض الحرامات والفرش، إلا أنها لا تكفي حاجة النازحين الفلسطينيين.
منذ شهر حزيران الماضي أرسلت المنظمات الفلسطينية في البقاع عشرات من الكتب والمراسلات الى «الاونروا» التي اكتفت بتسجيل مضامينها، وفق كامل، دون إغاثة هذه العائلات التي تحتاج الى مختلف التقديمات الصحية والاجتماعية والتربوية التي لا تزال بعيدة المنال بسبب مواقف «الاونروا» التي ترفض أي تعاط مع النازحين الفلسطينيين في نزوحهم الثاني.
يؤكد كامل أن مأساة النزوح الفلسطيني إلى تصاعد في الايام المقبلة من جراء تواصل حركة النزوح من سوريا، إضافة الى أن معاناة وصعوبات العائلات ستزداد مع اقتراب الموسم الشتوي دون تأمين الحاجيات الاساسية من التدفئة، كذلك موضوع المدارس والعقبات التي تحول دون تعليم الاطفال الفلسطينيين النازحين من سوريا.
وقدم أمس «المركز الثقافي الفلسطيني» في سعدنايل واللجان الشعبية مساعدات عينية غذائية من «الهلال الأحمر الإماراتي» للعائلات الفلسطينية النازحة.
المصدر: سامر الحسيني - السفير