الفلسطينيون في العراق: ظلم وسوء معاملة
الخميس، 25 شباط، 2016
جالية فلسطينية كبيرة تقطن منطقة البلديات
في العاصمة العراقية بغداد حيث يقيم كثير من أعضائها منذ ما يزيد على نصف قرن بعد أن
استقرت كثير من العائلات هناك إبان النكبة عندما طُرد 700 ألف فلسطيني على الأقل أو
فروا من بيوتهم أثناء قيام إسرائيل في 1948 باحتلال فلسطين.
وعلى الرغم من أنهم يعيشون هناك منذ عشرات
السنين فان كثيرا من هؤلاء الفلسطينيين يقولون إنهم يشعرون بأنهم غير مُرحب بهم في
العراق الآن.
ويقول مُسن فلسطيني يدعى حاج محمود (85
عاما) إن من بوسعه مغادرة العراق من الفلسطينيين لا يتوانى عن ذلك.
وأضاف حاج محمود المقيم في مجمع البلديات
لتلفزيون رويترز "هسا (الآن) البلديات صفت قلة بيها شباب. الشباب انهزموا. اللي
عنده فلوس انهزم. تطشروا (انتشروا سريعا) في أنحاء العالم. إحنا الموجودين هنا بالبلديات..
بالمجمع الفلسطيني ما عندنا إمكانيات نطلع. لو عندنا إمكانات مالية كانت يعني انهزمنا.
بقى شياب وكم واحد ما عنده. ذُقنا المر. ما شُفنا أي يوم حلو نهائيا. من أجوا هذولي
(الحكومة الجديدة)."
ويقول فلسطينيون في العراق إنهم يشعرون
بعدم الأمن ويفرون من تصاعد العنف وتهديدات توجه لهم بالقتل.
وأردف حاج محمود "قبل الحرب كان الأمن
عندنا مضبوط مائة بالمائة. يعني بهذاك الوقت أي إنسان يقول فلان... يعتبروا الفلسطيني
المقيم بالعراق هو كالعراقي. بس هسا لا. الاعتقالات بالشعب الفلسطيني يمكن بالمئات."
ويغلب السُنة على الفلسطينيين المقيمين
في العراق. وغادر كثيرون منهم خلال ذروة العنف الطائفي بالبلاد في 2006-2007.
ويقول كثيرون منهم الآن ومع تعرض العراق
لموجة عنف جديدة على يد متشددي تنظيم داعش إنهم يشعرون بوجودهم وكأنهم في غياهب النسيان.
وقالت فلسطينية تدعى إيناس عمر فارس
"إحنا صار لنا لاجئين 70 سنة. إحنا بنشكر العراق. العراق ما قصر معانا. يعني استضافنا
وبارك لله به لكن إلى متى نظل لاجئين. أمي وأبي لاجئين. أجدادي لاجئين. أنا لاجئة.
أولادي لاجئين. هسأ أولادي كبار. أولاد أولادي لاجئين. إلى متى؟. عندنا هوية هاي بالنسبة
لنا تهمة. أنا ما أحب أحملها. أولادي أخاف عليهم من يطلعوا بالشارع يطلعوا هذه الهوية.
مكتوب فلسطيني . طيب إحنا شو ذنبنا؟. إحنا عايشين هسا بسجن. هذا المجمع ما هو مجمع.
هذا سجن داخلي."
وانتقل الفلسطينيون للعراق في موجات ثلاث
عام 1948 و1967 وخلال التسعينيات وقُدمت لهم منازل مدعومة ومنحوا الحق في العمل.
وقدم صدام حسين مساعدات للفلسطينيين. وحمل
هؤلاء الفلسطينيين وثائق سفر خاصة وليس جوازات سفر. واستخدم من تمكنوا من مغادرة العراق
جوازات سفر مزورة.
وعلى مر الزمان اندمج الفلسطينيون في المجتمع
العراقي حيث عملوا أطباء وامتلكوا محلات وأصحاب أعمال في العراق الغني بالنفط. لكنهم
الآن يجدون أنفسهم تحت رقابة مشددة من الشرطة ومسؤولي الدولة والحكومة وحتى من جيرانهم.
ويرى بعض العراقيين أن الفلسطينيين في العراق
استمتعوا بميزات في ظل حكم صدام حسين منها التعليم المجاني والمنازل المدعومة.
لكن الفلسطينيين يقولون إن ذلك كان له ثمن
وإنهم تعرضوا للظلم أثناء شن الحكومة حملات على مسلحين وتعرضوا لاعتداءات عراقيين يرون
أن صدام حسين دللهم أو أنهم أعضاء في جماعات مسلحة.
ويتحدث الفلسطينيون في العراق عن رائد ابن
جارتهم خرمة عبد الهادي
عبد العزيز الذي ألقى مسلحون القبض عليه
في منتصف الليل العام الماضي.
وتقول والدته إنها لا تزال لا تعرف مكانه
وتشعر بوصمة في المجتمع العراقي لمجرد كونها فلسطينية.
وأضافت خرمة عبد الهادي "إحنا حظنا
هنا بالمرة رايح مفقود وإحنا ترى وضعنا بالمرة مأساة الفلسطينيين كافة. تمشي بالشارع
والله صرنا نستحي نقول فلسطينيين. نركب بسيارة نقول لهم على الشارع العام إحنا هنا
يم المدارس. ننزل على الشارع لحد ما نطب هنا خوفا من أنهم يؤذوننا ولا نسمع كلمة."
وقال السفير الفلسطيني في بغداد أحمد عقل
إن ارتفاع مستوى العنف في العراق يجعل من المستحيل على السلطات حفظ أمن جميع السكان.
وأعرب عقل عن أمله في عودة الاستقرار والأمن
للعراق.
وأضاف "نأمل أن العراق كمؤسسة رسمية
وكحكومة يكون قادرا على إعادة فرض القانون والنظام على كل المواقع في العراق. وهذا
إذا تم تصبح القضية سهلة. لأن الموقف السياسي..الموقف الرسمي العراقي هو موقف إيجابي
جدا من القضية الفلسطينية ومن الشعب الفلسطيني. بمعنى إنه كثير من الأحزاب والقوى يقول
لك إنه هي معركتنا الصغرى ضد الإرهاب ومعركتنا الكبرى هي ضد إسرائيل."
وإذا كان كثير من اللاجئين الفلسطينيين
قد ولدوا في العراق فانه لم يكن لديهم ما يقولونه بشأن مستقبلهم ولا يزالون كذلك.
وعدم توفر وثائق السفر اللازمة لديهم يزيد
إمكانية مغادرتهم البلاد تعقيدا ويزيد الغموض بشأن مستقبلهم ويتركهم يأملون في تخفيف
الضغط عن جاليتهم ومنطقتهم.
المصدر: رويترز