القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

تقارير إخبارية

حبس أطفال القدس.. آثار نفسية ومخاسر تعليمية

حبس أطفال القدس.. آثار نفسية ومخاسر تعليمية


الإثنين، 31 آب، 2015

يبدأ العام الدراسي هذا العام ضمن السياق العام الذي يعيش فيه المقدسيون من ممارسات وسياسات الاحتلال بحقهم، والتي تهدف إلى تكدير المزاج العام للمواطنين، حتى إن الأطفال لم يسلموا من ذلك ونالهم من العقاب الجماعي ما نال كل مقدسي يعيش تحت نير الاحتلال.

الهاجس الأمني لدى الاحتلال تجاه المقدسيين، دفعه إلى التضييق على الجميع دون تفرقة بين ما يمكن تحمله ومالا يمكن تحمله؛ حيث لا يدرك قدر الخطورة والغضب من المواطنين إذا تمت عرقلة العملية التعليمية لأبنائهم، وذلك لما يترتب على هذه الإجراءات من تأثير نفسي وسلوكي لدى الأطفال.

فبعد أن أقدم الاحتلال على منع العشرات من الأطفال المقدسيين من الالتحاق بمدارسهم هذا العام، وقام بحبسهم داخل سجونه أو في بيوتهم ضمن ما يسمى الحبس المنزلي، قام بمعاقبة أي طفل مشتبه به أو متهم بقضية "مخلة بالأمن" - كما يدعي-، بحرمانه من طفولته وإكمال مسيرته التعليمية ومن أهم حق له وهو التعليم.

سجون وإقامة جبرية

وقد بيّن الناطق باسم أهالي الأسرى والمحررين أمجد أبو عصب لـ"كيوبرس" أن الاحتلال حرم 60 طفلاً مقدسيًّا من الالتحاق بالمدرسة هذا العام، بسبب حبسه لهم داخل سجونه، وكذلك العشرات من الطلاب الذين أجبرهم على الإقامة الجبرية في منازلهم أو خارجها.

ولا يأبه الاحتلال للمرحلة الدراسية التي يمنع الطالب فيها من الالتحاق بمدرسته، كما حصل مع الفتى أحمد عزمي البكري (17 عامًا) الذي سُجن في بداية المرحلة الثانوية العامة هذا العام -والتي تعد مفصلية في حياة أي طالب- منذ ما يقارب ثلاثة أسابيع، بحجة رشق منزل مستوطنين في قرية بيت حنينا شمال القدس المحتلة بزجاجة حارقة، رغم أنه كان قد اتهم في هذه القضية قبل عام وأخضع للتحقيق بشأنها 11 مرة، لكن شرطة الاحتلال كانت تخلي سبيله لعدم توفر اثباتات بشأنه، إلا أنها في هذه المرة اعتقلته ولم تخل سبيله كالمعتاد، غير آبهة بمستقبله الدراسي الذي سيحدد هذا العام بعد 11 عامًا، كما قال عزمي البكري والد الفتى.

أما الطفل نسيم محيسن (15 عامًا) الذي أخضعه الاحتلال للإقامة الجبرية بعيدًا عن منزله الذي يقع في قرية العيساوية، وحرمه من خلالها من الالتحاق مع أصدقائه الذي كان من المفترض أن يكون معهم في الصف العاشر هذا العام، فقد أجبره الاحتلال ألا يخرج من بيت عمه الكائن في قرية بيت حنينا التي يعيش فيها أهله، وحرمه بذلك من تعليمه ومن معايشة تفاصيل حياته مع أسرته.

وفي حالة مشابهة للطفل محيسن، تظهر غطرسة الاحتلال جليًّا بتعامله مع الطفل محمود أبو سنينة الذي يخضع للحبس المنزلي (الإقامة الجبرية).

فبعد 7 أشهر من إجباره على عدم الخروج من المنزل، سمح له مؤخرًا بفك حبسه المنزلي لساعات محددة تبدأ من الساعة السابعة صباحًا وحتى السابعة مساءً، ما يعني أن الوقت يتيح له فرصة الالتحاق بالعام الدراسي الحالي؛ إلا أن محكمة الاحتلال لم تسمح له بالالتحاق بالتعليم، وإنما سمحت بخروجه من المنزل بشرط عدم الاقتراب من مدرسته، كما قال الطفل أبو سنينة.

ولا يخلو الحزن من حديث أبو سنينة الذي يشتاق لمدرسته كثيرًا في ظل حرمان الاحتلال له من دخولها منذ العام الماضي، فهو لم يداوم من أيام العام الدراسي المنصرم سوى 7 أيام واستمر حرمانه منها ليطال هذا العام ولا يعلم أحد متى ينتهي، ما اضطره للعمل عند أحد أقربائه في فرن خبز.

مخالفة لمواثيق حقوق الطفل

وفي الجانب الحقوقي، تناقض سلطات الاحتلال مواثيق حقوق الطفل التي وقّعت عليها مع الدول الأعضاء في منظمة اليونيسف الدولية؛ حيث نصّت المادة 28 فيها على اعتراف الدول الأطراف بحق الطفل في التعليم، وتحقيق ذلك من خلال جعل التعليم الابتدائي إلزاميًّا ومتاحًا لجميع الأطفال، وكذلك تشجيع تطوير شتى أشكال التعليم الثانوي سواء كان مهنيًّا أو عامًّا وتوفيره وإتاحته لجميع الأطفال.

ومن ضمن ما تنص الاتفاقية عليه أنه على الدول الأطراف اتخاذ التدابير اللازمة لتشجيع الحضور المنتظم في المدارس والتقليل من معدلات التسرب من الدراسة، وكذلك تعزيز وتشجيع التعاون الدولي في الأمور المتعلقة بالتعليم، وبخاصة بهدف الإسهام في القضاء على الجهل والأمية في جميع أنحاء العالم، وتيسير الوصول إلى المعرفة العلمية والتقنية وإلى وسائل التعليم الحديثة.

ويتضح جليًّا أن سلطات الاحتلال تقوم من خلال سجنها للأطفال فعليًّا أو حتى منزليًّا بخرق هذه الاتفاقية، وتضرب بها عرض الحائط متجاهلة جميع حقوق الطفل والإنسان، لأن حبس الأطفال فعليًّا أو منزليًّا، لا يعد فقط تقييدًا لحرية حركتهم، بل يتعدى ذلك كونه يحرمهم من حقوقهم الإنسانية في التعلم، وضرب لاتفاقيات دولية في عرض الحائط، بالإضافة لأثار نفسية واجتماعية تلحق بالطفل وتحرمه من أن يكون سويًّا كباقي الأطفال.

تأثير نفسي وسلوكي

ويؤثر حرمان الطالب من دراسته وحبسه، فعليًّا أو منزليًّا، على حالته النفسية، كما تقول الاختصاصية في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني داليا حلاق: "ما يمر به الطفل خلال فترة اعتقاله والتحقيق معه حتى الحكم عليه بالسجن، كان ذلك بشكل فعلي أو منزلي، يؤثر بشكل كبير على شخصيته وسلوكياته وعلى حياته بشكل عام".

وأضافت: "من ناحية أكاديمية فإن انقطاع الطالب لفترة طويلة عن الدراسة يقلل من احتمالية عودته إليها، كون العامل النفسي في هذه المرحلة يلعب دورا كبيرا؛ ففارق السن بينه وبين زملائه الجدد الذين يصغرونه سنا، ونظرته لزملائه الذين سبقوه في سنوات الدراسة، يلعب دورا سلبيا معه ويجعل منه انطوائيا غير مكترث بالتعليم".

وأشارت حلاق إلى أن الطالب قد يخرج من سجنه وهو يرى نفسه بطلاً بمستوى أعلى من زملائه، فيعزف عن الأعمال التي يقوم بها سواء اللعب أو حتى التعلم، مما يسبب له زيادة في المشاكل النفسية مستقبلاً كالشعور بالدونية.

المصدر: المركو الفلسطيني للإعلام