القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

الدرّة يعود للحياة بعد 13 عامًا من استشهاده!

الدرّة يعود للحياة بعد 13 عامًا من استشهاده!

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام

من ينسى حادثة استشهاد الطفل محمد الدرة في سبتمبر سنة 2000؟!.. قليلة هي الصور التي تعلق بالذاكرة، لكن صورة محمد لا يمحوها وجع الذاكرة الفلسطينية!

من جديد عادت "إسرائيل" وعلى لسان أول قادتها تمارس الكذب والتدليس فأكدت على لسان رئيس وزرائها "بنيامين نتنياهو" قبل أيام أن الدرة حيّ لم يقتل وأنها غير مسئولة عن مقتله.

وكان الطفل محمد جمال الدرة 12 سنة استشهد برصاص الاحتلال قرب مفترق محررة "نتساريم" مطلع انتفاضة الأقصى عندما كان يحاول هو ووالده الاحتماء من قصف من داخل المستوطنة بالرشاشات الثقيلة خلف برميل أسمنتي.

ونقلت كاميرا القناة الفرنسية الثانية صورة الدرّة هو ووالده يتلقى عشرات الرصاصات ما أدى لاستشهاد الطفل على الفور وإصابة والده بجراح بالغة الخطورة.

موسم سنوي

لا يكف هاتف جمال الدرّة الخلويّ هذه الأيام عن الرنين؛ فأمامه عشرات المكالمات من الصحفيين والمحطات الفضائية للاستفسار عن عودة القضية للواجهة من جديد.

يقول جمال الدرة لمراسل "المركز الفلسطيني للإعلام": نتنياهو يكذب على كل العالم وعلى الفلسطينيين فالكل يعرف الحقيقة وأنا وابني لسنا الضحية الوحيدة، فكلنا يذكر قتله للطفلة الرضيعة إيمان حجو، وحادثة هدى غالية، والطفل فارس عودة والكثيرين.. وهناك عائلات بكاملها أبيدت في حرب 2008 وحرب 2012.

في موسم سنوي تنشر "إسرائيل" بمختلف مؤسساتها الإعلامية والرسمية إشاعات عن حادثة اغتيال الطفل محمد الدرة للتملّص من هول الجريمة التي هزت العالم مطلع انتفاضة الأقصى سنة 2000.

عن ذلك يتابع: "ليس الأمر جديدا، فلما استشهد اعترفت "إسرائيل" ولما فضحت وأدينت من كل العالم حاولت قلب الحقيقة ووضعت قبعة متدينين يهود على رأسي ورأس ابني وقالت من قتل هم إسرائيليون وقد واجههم بذلك الشهيد فيصل الحسيني".

وعادت "إسرائيل" بعد فشل روايتها الثانية لتقول للعالم أن الرصاص الذي قتل الدرة هو رصاص فلسطيني وكل سنة تقوم بنشر رواية كان آخرها حديث "أيالون" كما يقول الدرة، تلاه كتاب رسمي من دولة "إسرائيل".

يرفع جمال الدرّة حاجبيه مندهشاً من الادعاء الصهيوني فيقول: "إذا كان محمد الدرة حيّ فمن أصابني أنا وكيف سلكت بوابة معبر بيت حانون ثم سافرت للأردن للعلاج برفقة سفير الأردن حينها محمد العبادي، وقد حجزني اليهود وقام السفير نفسه بفتح بوابة الحدود مع غزة المقفلة أمامي بيديه!".

ويرى الدرة أن رواية الاحتلال تتهم أيضاً الأردن وملكها - الذي تبرع بدمه له حين كان يعالج في مدينة الحسين الطبية - بالكذب مستهجناً من محاولة الكذب المستمرة!

ساعة الاغتيال

نبش الذاكرة في رأس الدرّة منح وسائل الإعلام مادة حيّة ليناقشوها من جديد أمام الرأي العام والضمير الدولي حين تصبح الضحية والجلاد في مربع واحد!

يعود الدرة بالذاكرة للوراء 13 سنة فيؤكد أن يوم الاغتيال، كان الدرة مصطحباً ابنه محمد لابتياع سيارة من سوق السيارات جنوب غزة، فتفاجأ بإطلاق نار كثيف اضطره لسلوك طريق آخر.

ويتابع: "كما رأيتم وأنا أحاول اجتياز الطريق بدأ إطلاق نار كثيف فحاولت الاحتماء أنا ومحمد خلف برميل أسمنت، فأصبت أنا واخترق الرصاص جسد محمد وشاهدته يخرج من ظهره، كما استشهد أمامي محمد العطلة من الأمن الوطني عندما حاول نقلنا بسيارة الأمن الوطني، وأصيب شاب آخر حاول الوصول إلينا".

وأنجب جمال 11 طفلاً كان محمد الثاني من بينهم، وقد تمتع بذكاء وحب كل من عرفه رغم صغر سنه، حيث كان في استشهاده ابناً للفلسطينيين كلهم.

أصبح جمال الدرة سفيراً للقضية الفلسطينية في كل الدول التي زارها في أفريقيا وأوروبا؛ حاملاً همّ القضية عبر مواد إعلامية ومداخلات مستمرة، تعرّف خلالها على كثير من الشخصيات.

مشعل الانتفاضة

"محمد هو إيمان حجو.. محمد هو فارس عودة.. محمد هو هدى غالية.. محمد هو ابن الشعب الفلسطيني فهو من أشعل الانتفاضة في فلسطين، ودول العرب، وكل الدول من حولنا، ليقفوا إلى جوار الشعب الفلسطيني!".

ويتابع: "من شدة القصف بالنيران الثقيلة علينا ثارت سحابة غبار ادعى الاحتلال بعدها كذباً؛ أنها قنبلة غاز مسيل للدموع ! وقد زارتني عائلة "إسرائيلية" وأنا أتلقى العلاج في عمّان، وقالت لي إن حكومتها ستوصل (إسرائيل) لجرائم أكثر".

وخلال إطلاق النار اخترقت الرصاصات ذراع جمال اليمني، وأدت لتفتت العظم كله مع ساقه اليمين، وقد كان جمال واعياً حين وصلت عربة الإسعاف بعد 45 دقيقة من إطلاق النار، وطفله لجواره ضحية.

ويقول جمال إنه قال للمسعفين احملوا جسد محمد أولاً لأنه أمضى وقتا طويلاً وهو يتشرّب الحسرة عليه، في حين كانت ساقه وذراعه مهشّمة بالكامل-على حد وصفه.

أما شقيق جمال الدرة الجالس بجواره فيقول: إنه تفاجأ من إزالة الاحتلال الصهيوني معظم صور الشهيد محمد الدرة على شبكة الانترنت.

ويضيف: "اتصل بي صديق من أوروبا يطلب مواد إعلامية وصورا له فتعجبت، وقلت له ستجد الكثير على الانترنت، فأكد لي أن عددا قليلا من الصور لازال موجودا".

قضية متصاعدة

حمل جمال الدرة قضيته إلى القضاء الفرنسي مطالباً (إسرائيل) بالاعتراف بجريمتها بعد تنكرها من المسئولية وقد كانت آخر جلسة قبل 4 أيام، وأجلت حتى 20 يونيو القادم للنظر في آخر تطورات القضية.

يقول: "إن ابنه محمد يعيش معه في كل لحظة لأنه يتألم من الإصابة كل يوم، وإنه بحاجة لسلسلة عمليات معقدة حتى يتمكن من التمتع بحالة صحية جيدة".

ويأسف الدرة من تراجع الدور الحكومي العربي في قضايا ضحايا العائلات الفلسطينية، مطالباً برفع قضاياهم إلى محكمة لاهاي حتى يرى العالم جرائم (إسرائيل).

يتابع جمال وسائل الإعلام بشكل يومي وكل ما يقال عن الشهيد محمد، وقد وصله الخبر من وسائل الإعلام "الإسرائيلي" في حين أجرى مقابلات صحفية كثيرة من أوروبا والدول العربية.

تعرض الدرة يوم القرار قبل أيام للتهديد من المخابرات الصهيونية حيث يضيف: "كنت في جنازة وجاءني اتصال من شخص صهيوني، وقال لي شاهد التلفزيون ولما تشاهده، سترى بعدها ماذا سنفعل معك!".

ويتعجّب من تناول وسائل الإعلام الصهيونية كل سنة مع رواية حياة الدرة وعدم مقتله؛ متسائلاً عن الدور الفلسطيني الرسمي الحكومي والإعلامي في التصدي لتلك الأكاذيب، متمنياً الحصول فقط على قرار إدانة ل"إسرائيل" عبر القضاء الفرنسي.

ولازالت حادثة اغتيال الشهيد محمد الدرة مفجّر انتفاضة الأقصى الثانية في غزة تلاحق (إسرائيل) رغم محاولاتها نشر الأكاذيب بشكل مستمر للتخلص من عقدة الجريمة.