نص رسالة أرسلها الدكتور سلمان
أبوستة لرجل الاعمال الفلسطيني منيب المصري
الأخ الفاضل السيد منيب المصري
المحترم
تحية الوطن،،
رأيت على التلفزيون
"المبادرة" التى قمتم بها مع رجال أعمال إسرائيليين في ندوة الاقتصاد
العالمي في البحر الميت. ويؤسفنى ذلك وأرفضه شكلاً وموضوعاً وتشاركنى غالبية الشعب
الفلسطينى للاسباب الآتية:
1- إن معظم رجال الاعمال
الإسرائيليين ضالعون في الجرائم ضد شعبنا الفلسطينى. فأخبرني: أياً منهم لا يقيم
مصنعه على أرض فلسطينية مسروقة، صاحبها الآن لاجئ في المخيمات؟ خذ مثلاً شمويل
مولي (كما سمعت إسمه من شريكك الإسرائيلي فاردي) رئيس شركة إنتيل. لقد أقام مصنعه
على أرض عراق المنشية (التى يسمونها جات) وهى أرض فلسطينية تختلف عن باقى الأراضي
المسلوبة لانها محمية بقرار الهدنة الموقع مع مصر في 24-2-1949 بحيث تضمن إسرائيل
والأمم المتحدة سلامة الاهالي وبقائهم في أرضهم، ولم يتم ذلك بل طردتهم إسرائيل
وسلبت أرضهم. ورئيس انتيل يعلم هذا، فقد أرسل له الفلسطينيون احتجاجاً وقعه أكثر
من 5,000 شخص في امريكا.
2- إن غاية مبادرتكم هى استئناف
المفاوضات من أجل "حل الدولتين". وسمعنا في المناقشة كلمة "السلطة
الفلسطينية" و"45 عاماً من النزاع". إن أى عاقل لا يتوقع أن العدو
الصهيونى الذى ترسخ عقيدته على إلغاء فلسطين والفلسطينيين سيغير عقيدته هذا بسبب مرافعات
كلامية لا وزن لها و ثبت فشلها خلال عشرين سنة. ولكن ليس هذا هو المهم. المهم أن
قضيتنا لم تبدأ قبل 45 عاماً، بل قبل 65 عاماً على أرض الواقع وقبلها بمئة سنة في
التدبير والتخطيط. ليست قضيتنا تنشيط التجارة في نابلس واريحا وأبو ديس. هذا ما
سعت إليه حكومة فيشى في الحرب العالمية الثانية وسقطت.
3- إن حل الدولتين إذا تم في هذه
الظروف فإنه حل إسرائيلي خالص. وهذا ما أكده بيريز والمرت. ولولا تعنت نتنياهو،
لعدم اكتفائه به، لأصبح سياسته أيضاً. وهو يسعى إلى جعل 10% من فلسطين وطناً لـ 12
مليون فلسطينى و90% من فلسطين وطناً لـ 5.5 مليون مهاجر يهودى. ولا يمكن لأى
فلسطينى وطني قبول ذلك.
4- إن قيام دولة فلسطينية هو صفقة
سياسية بحتة تعترف بها بعض الدول، ولكنه لا يرقى أبداً إلى مستوى الحقوق غير
القابلة للتصرف مثل حق العودة. ويجب التركيز أولاً على هذا الحق، وغيره نتائج أو
شوائب.
5- ذكرتم اعتمادكم "للمبادرة
العربية" التى تدعو إلى حل "عادل" و"متفق عليه" للقضية
الكبرى، قضية حق اللاجئين في العودة. وربما لا تعلمون رفض اللاجئين لهذه المبادرة
رفضاً كاملاً فيما يتعلق باللاجئين. والاسباب نكررها هنا مرة أخرى. (1) الحل
"العادل" قد تم الاتفاق عليه بأنه تنفيذ حق العودة، وليس موضع نقاش
لتعريفه في "مفاوضات" تستمر قرناً من الزمان. هذا هو الرأى القاطع
لخبراء القانون الدولي. (2) حل "يتفق عليه" مع إسرائيل؟ من البديهيات
التى أعلنها بن جوريون بصراحة في يونيو 1948 أنه "لن يعود لاجئ واحد".
وهذه سياسة إسرائيل الدائمة. إذن هذا الطرح فيه خداع سياسي. (3) المبادرة العربية
قد تلزم حكوماتها التى تخلت عن فلسطين منذ زمن. أما موافقة الفلسطينيين عليها فلم
تتم بل ترفض هذه المبادرة، لانه لا يوجد الآن مجلس وطنى منتخب تعرض عليه ويقرر
فيها، ومحمود عباس لم ينتخبه أى فلسطيني في الشتات، وولايته في الضفة انتهت منذ
زمن.
استطيع الإفاضة ولكنى حزين لانه رغم
حسن نيتكم وكونكم من بيت عريق ومن بلد عميق الجذور في الوطنية الصادقة وهو نابلس،
وجدتم أنه من المناسب الاشتراك في هذه المبادرة، والتى سيستعملها الطرف الآخر
لزيادة استيلائه على أرضنا وحقوقنا، دون أن نستعيد اياً من حقوقنا.
ولكنى أؤكد لك، عن خبرة مباشرة ناتجة
عن زيارات متكررة لمعظم أماكن التواجد الفلسطيني في العالم، أن أياً منهم لا يقبل
بديلاً عن وطنه فلسطين، وهى للعلم من راس الناقورة إلى أم رشرش، ومن رفح إلى نهر
الأردن.
وربما جاء الوقت أن الجيل الجديد
يتولى زمام الامور، يكوّن قيادة فلسطينية جديدة تحمل اعباء الوطن، وتمثل 12 مليون
فلسطيني، معظمهم في الشتات. وهذا لاشك قادم. وما ضاع حق وراءه مطالب.
مع أطيب تحياتى،،
سلمان أبو سته