والد زوجة
الضيف: لم أره سوى مرة واحدة في حياتي عندما تزوج ابنتي
لا يعرف بعد ما
إذا تمكن محمد الضيف (أبو خالد) القائد العام لكتائب القسام التابعة لحماس من
توديع زوجته وابنه الصغير علي أم لا. ولكن أغلب الظن أن الاحتياطات الأمنية
المشددة والعالية التي يفرضها الرجل على تحركاته منعته من ذلك. وهذه الاحتياطات
الأمنية هي التي منعته كذلك من توديع والدته في يناير (كانون الثاني) 2011. عندما
شوهدت كل قيادات حماس في الجنازة، إلا أبو خالد، الوحيد الذي لم يعرف آنذاك هل حضر
أم لا؟
ومنذ نحو
عقدين، لم يظهر الضيف في أماكن عامة، وحتى الإسرائيليون الذين يسعون وراءه لا
يملكون صورة له.
ويضرب الضيف
جدارا من السرية حول تحركاته وشخصيته وحتى صورته. ويأتي ذلك على حساب علاقاته
بأهله، وحتى أقرب الناس إليه لا يعرفون أين يقيم الضيف أو عائلته.
وقال مصطفى
عصفورة، والد وداد، زوجة الضيف التي قضت أمس، ويبلغ من العمر 65 عاما: "ابنتي
كانت تعرف أنها مشروع شهيدة عندما تزوجت محمد الضيف في عام 2007. كنت أتوقع خبر
استشهادها في أي لحظة". وأوضح مصطفى عصفورة أنه شاهد الضيف مرة واحدة في
حياته، وهي عندما تزوج ابنته.
وبعدها، لم يكن
على دراية حتى بمكان سكن ابنته بسبب الترتيبات الأمنية البالغة السرية التي تحيط
بالضيف وتحركاته لتجنب استهدافه من قبل إسرائيل.
واتضح أن هذه
الإجراءات كانت لها أسبابها بعدما قتلت إسرائيل زوجته وابنه الصغير.
وتعد هذه
الإجراءات الأعلى على الإطلاق، إذ أن مسؤولي القسام الآخرين يسكنون وعوائلهم منازل
معروفة للناس في الأوقات العادية، لكنهم يغادرون وقت الحروب إلى أماكن مجهولة،
ويشاركهم في هذا بعض المسؤولين السياسيين في حماس. وفيما يخلي المسؤولون العسكريون
منازلهم وعائلاتهم، يتصرف السياسيون وفق تقديراتهم الشخصية.
وفي هذه الحرب
مثلا أخلى إسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي لحماس منزله مع جميع أفراد
عائلته، ولا يعرف إلى أين ذهبوا، فيما غادر عضو المكتب السياسي خليل الحية المنزل
وحده وأبقى عائلته.
وقصفت إسرائيل
لاحقا المنزلين، فلم يصب أحد في منزل هنية المخلى وقتل ابن الحية وأحفاده وزوجة
ابنه وأصيبت زوجته.
ومنذ قتل أبناء
الحية أخلى جميع السياسيين عائلاتهم من منازلهم. كما قصفت منازل محمود الزهار
وفتحي حماد وآخرين معروفين في حماس ومنزل قادة في القسام مثل رائد العطار وأبو
عبيدة وآخرين.
وقالت مصادر
أمنية فلسطينية لـ"الشرق الأوسط" إنه في الحرب تخلى منازل القياديين
السياسيين الذين تعرضوا سابقا لمحاولات اغتيال أو يعتقد أن إسرائيل قد تلجأ
لاغتيالهم أو على الأقل تدمير منازلهم.
وأضافت:
"يذهبون إلى منازل أخرى آمنة". وتابعت: "أما عناصر القسام فإنهم
يتخذون إجراءات مختلفة وسرية ولا أحد يعرف عنها شيئا".
ولم يشاهد
مسؤولو حماس السياسيون والعسكريون في الشوارع منذ بدأت الحرب، ولكن لجميع هؤلاء في
النهاية منازل معروفة يعودون إليها وعائلاتهم بعد الحرب، بخلاف الضيف.
ولا تتوانى
إسرائيل عن قصف المنازل حتى إذا كان فيها عدد كبير من المدنيين، إذا كان الثمن
اغتيال مسؤول كبير.
وفي 2002 أسقطت
طائرة إسرائيلية مقاتلة من نوع إف 16 صاروخا على بناية رصد فيها قائد القسام
الأسبق صلاح شحادة فقتلته مع 18 آخرين من المدنيين بينهم 8 أطفال.
وفي يناير 2009
قتلت إسرائيل نزار ريان القيادي في حماس المقرب من القسام مع 3 من زوجاته و9 من
أبنائه في منزله.
ونجحت مسألة
إخلاء المنازل والتخفي في منع إسرائيل من استسهال اغتيال مسؤولين في حماس.
وقبل سنوات
قليلة كان هذا أسهل بكثير على إسرائيل التي اغتالت أحمد الجعبري، رئيس أركان كتائب
القسام في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 بصاروخ موجه أطلق نحو سيارته، وسعيد صيام
الذي تولى وزارة الداخلية والأمن في حكومة حماس في غزة في 15 يناير 2009 بصاروخ
على منزله، وقائد حماس عبد العزيز الرنتيسي في 17 أبريل (نيسان) 2004 بصاروخ على
سيارته.
كما اغتالت
أحمد ياسين، زعيم حماس ومؤسسها في مارس (آذار) 2004 وهو خارج من مسجد، وصلاح
شحادة، رئيس الذراع العسكرية لحماس في قطاع غزة، في 22 يوليو (تموز) 2002، بصاروخ
على منزله.
وقبل ذلك
اغتالت يحيى عياش مؤسس القسام والرجل الأخطر آنذاك في 1996 بواسطة هاتف جوال مفخخ.
الشرق الأوسط،
لندن