القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

الفلسطينيون وتحديات عام 2020

الفلسطينيون وتحديات عام 2020


نبيل السهلي *

تبرز أسئلة عديدة حول التحديات التي سيواجهها الفلسطينيون خلال العام الحالي 2020، وفي المقدمة منها صفقة ترامب التي توضحت ملامحها خلال عامي 2018و2019 ، بعد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ووقف المساعدات الأمريكية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) ، وصولاً إلى اعتبار إدارة ترامب المستوطنات الصهيونية شرعية وغير منافية للقرارات الدولية . لهذا بات من الضروري العمل من أجل ترسيخ الوحدة الوطنية الفلسطينية بأسرع وقت ممكن ، وضم القوى الفلسطينية الصامتة التي تتمثل بشخصيات فلسطينية اقتصادية وسياسية، وفعاليات وهيئات المجتمع المدني إلى الصيغ الجديدة التي سيتم التوافق عليها، حتى تكتمل دوائر القوة، خصوصاً وأن نظام المحاصصة بين فصائل محددة أثبت فشله خلال الفترة السابقة.

تسارع الاستيطان

واللافت أن فرص تعزيز المصالحة وتوسيع مشاركة القوى الصامتة في اتخاذ القرار الوطني الفلسطيني الصائب، سيكون أمراً سهل المنال، في ظل انكشاف صورة دولة الاحتلال العنصرية أكثر من أي وقت مضى، حيث تحولت فكرة ترسيخ الدولة اليهودية بصورة غير مسبوقة ولا معهودة إلى القاسم المشترك بين مختلف التيارات، والكتل، والأحزاب، والاتجاهات السياسية والاجتماعية والثقافية في دولة الاحتلال.

مواجهة التحديات

وبطبيعة الحال هناك أهداف متشعبة، تسعى دولة الاحتلال لتحقيقها من وراء جعل يهودية الدولة حقيقة على الأرض، في مقدمتها إنهاء حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم (أكثر من ستة ملايين لاجئ فلسطيني خلال العام الحالي 2020)، وتصفية وإزاحة الأساس القانوني لهذا الحق والحلم والأمل من أجندة الأمم المتحدة بدايةً، لشطب وتصفية الحق الفلسطيني الأهم في إطار الحقوق الفلسطينية المختلفة. ونقصد هنا العمل على شطب القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 11/12/1948، والداعي إلى عودة اللاجئين الفلسطينيين في أقرب فرصة ممكنة، والتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم جراء اللجوء القسري في العام المذكور، هذا فضلاً عن محاولة تهميش الأقلية العربية في داخل الخط الأخضر في كافة مجالات الحياة.

ومن التحديات الأخرى التي ستواجه الفلسطينيين خلال العام الحالي 2020، النشاط الاستيطاني الصهيوني ، الذي ازدادت وتيرته خلال العقد الأخير ، حيث تشير المعطيات إلى ارتفاع عدد المستوطنين في الأراضي الفلسطينية إلى نحو (670 ) ألف مستوطن إسرائيلي في بداية العام الحالي 2020، في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ويقيمون في 196 مستوطنة و120 بؤرة استيطانية، ولم تخف دولة الاحتلال المخططات الاستراتيجية حول القدس، والتي تهدف إلى مصادرة القسم الأكبر من مساحتها، وعقاراتها، ومحالها التجارية، وجعل العرب أقلية في مدينتهم، بحيث لا تتجاوز نسبتهم 12% من سكانها، حتى نهاية العام الحالي.

ثمة تحديات اقتصادية تواجه الفلسطينيين خلال العام الحالي ، حيث بات الاقتصاد الفلسطيني عرضة لابتزاز أمريكي وصهيوني واضح المعالم في ظل عدم استقلالية الاقتصاد الفلسطيني، وسيطرة إسرائيل على دينامية واتجاهات التجارة الخارجية وقوة العمل الفلسطينية. وما يزيد الضغوط الخارجية ، وفي مقدمتها الأمريكية، حاجة السلطة الفلسطينية لمساعدات مالية شهرية تقدر بنحو مائة وخمسين مليون دولار، جلها يتم صرفه كرواتب لعاملين في الوظائف المختلفة.

وهناك تحديات لا تقل أهمية عن سابقاتها، تتمثل في معدلات البطالة التي وصلت إلى أكثر من 30 في المائة في الضفة الغربية، ونحو 70 في المائة في قطاع غزة بفعل الحصار الصهيوني المستمر وتراجع رواتب الموظفين الى النصف ، فضلاً عن معدلات الفقر المرتفعة، التي وصلت إلى 80 في المائة من السكان في قطاع غزة.

ترسيخ الوحدة الوطنية

ثمة إجماع بين المحللين السياسيين على أن انهاء حالة الانقسام وترسيخ الوحدة الوطنية بالأفعال وليس بالأقوال ستكون مقدمة رئيسية لرفع الحصار عن الشعب الفلسطيني ومواجهة الضغوط الأمريكية والصهيونية ، من خلال مطالبة المجتمع الدولي بوقف النشاط الاستيطاني الصهيوني في الأراضي الفلسطينية، وبشكل خاص في مدينة القدس، جنبا الى جنب مع البدء في إعادة إعمار ما دمرته آلة الحرب الصهيونية أثناء الاعتداءات المتكررة على قطاع غزة، والتي تسببت في تدمير آلاف الأبنية السكنية وسقوط آلاف الشهداء والجرحى.

ويجب أن تكون عملية ترسيخ الوحدة الوطنية في كافة الميادين أولوية الفلسطينيين خلال العام الحالي 2020 ، بغية تجميع القوى لمواجهة التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية. ولذلك تحتم الضرورة الاتفاق على برنامج سياسي مشترك وجامع لكافة القوى الفلسطينية، يأخذ بعين الاعتبار الحفاظ على الثوابت الفلسطينية، وعدم الاعتراف بمحتويات صفقة ترامب . ويمكن التأكيد أن مواجهة التحديات المشار إليها تتطلب إرادة فلسطينية سياسية صادقة، تتخطى الحساسيات والحسابات الفصائلية الضيقة، للوصول إلى الأهداف المرجوة، لكن عقد المصالحة الفلسطينية الحقيقية يبقى الرهان الأكبر لمواجهة التحديات، التي تعصف بالمشروع الوطني الفلسطيني، حيث باتت مطلباً جوهرياً للشعب الفلسطيني وقواه الحية في الداخل الفلسطيني وفي الشتات، بغية حماية المشروع الوطني الفلسطيني وتحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية الأسمى .

* كاتب فلسطيني مقيم في هولندا