القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

فلسطين تنزف دمًا

فلسطين تنزف دمًا

بقلم: د.جمال أبو نحل

تمضي الأيام، وتُمر الأسابيع والشهور، وتتعاقب الأعوام، وتدور عجلة الزمان متسارعة في خضم بحرٍ لُجيٍ يغشاهُ موجٌ ومن تحتهِ ومن فوقهِ موجٌ! ظُلمات بعضها فوق بعض، كسواد الليل الحالك الظلمة؛؛؛

لقد مرت بلاد الشام وذروة سنامِها فلسطين عبر التاريخ بكثير من الغزاة والغاصبين، ولكنهم سرعان ما اندثروا وفشِلوا وذهب ريحهم، ومضي ذكِرهُم، وفي زماننا هذا الذي نحياه نستذكر كلمات الشاعر الكبير محمود درويش رحمه الله:" كل يومٍ وكل شيءٍ يزداد فيك سوءًا يا وطني؛ تحيا أجيالنا اليوم زمان الغربة؛ زمنٍ أصبح الحليم فيهِ حيران، وفي زمان أصبح بعض الناس من الأحياء يقفون على قبور بعضِ الأموات ويقولون يا ليتنا كنا مكانكم- وذلك من شدة الفتن والبلايا والرزايا والهموم والحزَّن، والفقر والوضع الاقتصادي والنفسي والسياسي المتأزم والصعب جدًا- لدرجة وصلت البعض للموت كافرًا مُنتحرًا، وشباب يعانون البطالة والفقر وبدون عمل وبدون زواج وبمصير مجهول وتفكير عقيم و متأزم! يتجه نحو الهجرة، والفرار من واقع أصعب من الصعب وبعد ما يزيد عن نصف قرن خلت من احتلال فلسطين أرض ومهبط الرسالات السماوية الثلاث، أرض المحشرِ والمنشر الأرض المُقدسةِ المُباركة الطيبة، أرضِ التين والزيتون- تشتدُ المحنِ والخطوب على شعبها المكافح الذي قدم طليعة شبابه وخيرة أبنائهِ شهداء وقدم ألاف الأسرى والمعتقلين والمصابين- هذا الشعب الجبار العصي على الكسر صاحب القضية لوطنية والقومية والإنسانية العادلة والحق المسلوب الضائع- الشعب المظلوم - وفي واقعِ ربيعٍ عربي في بدايتهِ! سُرعان ما تحول أو حُول عن خط سيرهِ الصحيح ليصير مغردًا خارج السرب العربي ليصير ربيعًا دمويًا مُدمرًا لكل خيرات ومقدرات الأمة العربية والإسلامية وليحرق الأخضر واليابس؛ ليعيد إلى الوجدان وإلى الذاكرة قصة الهجرة والشتات لشعب فلسطين عام 1948م، ليعود اللاجئ ليتم تشريده لمكانٍ آخر لتزداد معاناتهِ للعيش من غربة وعزلة إلى غربة وعزلة أكبر، كما حصل لأهلنا في الفلسطينيين من اللاجئين بمخيم اليرموك بسوريا مؤخًرا، لتحل بشعبنا المسكين نكبات فوق نكبتهِ- في عام الألفية الثانية وتغني العالم بحقوق الحيوان و حقوق الإنسان- يموت أبناء اللجوء من شعبنا الفلسطيني في المخيمات جوعًا وقهًرا وفقرًا وغمًا وكبدًا والعالم الحر يتفرج علينا، يا وحدنا في هذه المعركة – هل نلوم العدو الغاصب المُحتل أم نلوم أنفسنا – أفينا العيب أم في عروبتنا؟ أم في عدونا فقط؟ وصدق الشاعر حينما قال: نعيب زماننا والعيبُ فينا – وما لزماننا عيبُ سوانا- ونهجو الزمان بغيرِ ذنبٍ- ولو نطق الزمانُ لهجانا- أيها الأخوة الكرام أكتب كلماتي والقلب يعتصر دمًا وينزف على ما وصل إليه حالنا اليوم- من صراعاتٍ وخلافاتٍ قاتلة ومدمرهِ لقضيتنا الوطنية ولدماء الشهداء الزكية الطاهرة – لقد تركنا عدونا الصهيوني العدو الأول والحقيقي المغتصب لأرضنا ومقدساتنا، وأشهرنا سيوفنا وكافة الأسلحة المسموحة وحتي المُحرمة دوليًا في وجهِ بعضنا البعض، ولم يحترم الصغير فينا الكبير، ولم يتنازل أحدنا للأخر وقتلنا بعضنا البعض، وفي النهاية السلاح المستخدم للقتل صُنع في إسرائيل- ووقفت متفرجة في تياب الواعظين والناصحين؛ وكل ذلك سببه الحقيقي هو حُب الدنيا وزخرفها وملذاتها، ( وفرحوا بالحياة الدنيا) وما متاع الحياة الدنيا في الأخرة إلا قليل- نحن بحاجة لمراجعة شاملة لأنفسنا ومحاسبتها ذاتيًا، وبحاجة للإيمان الصادق بالله والعودة. إذا الإيمان ضاع فلا أمان ولا دنيًا لمن لم يُحيى دينًا ومن رضي الحياة بغير دينٍ فقد جعل الهلاك لهُ سبيلاً .