3 قتلى و23 جريحاً بإشتباكات بين
«فتح» و«جند الشام» بعد محاولة إغتيال العرموشي في عين الحلوة

الإثنين، 24 آب،
2015
فتحت الاشتباكات الدامية التي شهدها مخيّم عين
الحلوة يومَيْ السبت والأحد، جملة من التساؤلات عن دوافع وظروف تجدّد هذه الاشتباكات
بين الحين والآخر، وأسباب فشل عدم سحب فتيل التفجير الذي يهدّد حياة المواطنين في كل
لحظة؟
فقد حصدت الاشتباكات التي وقعت بين حركة «فتح»
و«جند الشام» و«الشباب المسلم» 3 ضحايا و23 جريحاً، فضلاً عن أضرار مادية جسيمة في
المنازل والمحال التجارية والسيارات وتقطع خطوط الكهرباء، واندلاع حرائق، إضافة إلى
نزوح كثيف للأهالي إلى خارج المخيّم بحثاً عن مكان آمن.
واللافت أنّ الاشتباكات تنقّلت بين منطقة وأخرى
لتشمل كافة أرجاء المخيّم، ما ينذر باحتمال تكرار ذلك إذا لم تتم معالجة جذرية بالتزام
الجميع بـ«ميثاق شرف» يحرّم الاقتتال والدم الفلسطيني – اللبناني.
وفي تفاصيل ما جرى، فقد تعرّض قائد «قوّات الأمن
الوطني الفلسطيني» المُعيّن حديثاً لمنطقة صيدا ومسؤول «كتيبة أبو حسن سلامة» في الحركة
العميد سعيد العرموشي «أبو أشرف» إلى محاولة اغتيال ظهر السبت خلال مشاركته في تشييع
جثمان العنصر في «فتح» يوسف جابر الذي قُتِلَ في إشكال فردي منذ يومين في المخيّم.
وأُصيب خلال إطلاق النار باتجاه العرموشي، مرافقاه:
أيمن العجل ووليد الباشا، وأحد المارين في المكان نزار عثمان.
وعلى أثر هذا الكمين الذي وقع في حي حطين من قِبل
عناصر «جند الشام»، اندلعت بشكل مباشر اشتباكات بين عناصر من حركة «فتح» و«جند الشام»،
التي آزرها «الشباب المسلم» وامتدت من محور حطين – الشارع التحتاني إلى منطقة الطوارئ
– تعمير عين الحلوة والحاجز العسكري في الشارع التحتاني، الذي يتولّى العرموشي مسؤوليته
بالقرب من مقر الاتحادات.
وسريعاً جرت اتصالات بهدف لجم التوتّر ومنع امتداده،
لكن إطلاق النار الكثيف وعمليات القنص أزّمت الوضع، حيث امتدت الاشتباكات لتشمل أيضاً
منطقة الطوارئ - البركسات، بعدما استهدفت عناصر مدسوسة مواقع لـ «عصبة الأنصار الإسلامية»
في منطقة الطوارئ التي ردّت على مصادر النيران بالمثل.
كما شهدت منطقة سنترال البراق - بستان القدس وحي
الصفصاف في الشارع الفوقاني، حيث استهدف «مسجد الشهداء» التابع لـ «عصبة الأنصار» بإطلاق
النار، كما وصلت الاشتباكات إلى طيطبا والطيري وسوق الخضار، وقد استخدمت فيها مختلف
أنواع الأسلحة الرشاشة، فضلاً عن القذائف الصاروخية، وإلقاء قنابل يدوية في أماكن حسّاسة.
وتكثّفت الاتصالات ليتم التوافق على وقف لإطلاق
النار عند السابعة والنصف مساءً، لكن عاد وخرق بفعل تجدّد إطلاق النار والقذائف الصاروخية
التي تجاوزت محيط المخيّم، وانفجرت في أجواء مدينة صيدا، وكان لافتاً القنص المنظّم
الذي أدّى إلى تقطيع معظم أرجاء الطرق في المخيّم والجوار، ولتصل إلى الجهة الغربية
ما هدّد حركة السير من صيدا باتجاه الجنوب والعكس، حيث عملت القوى الأمنية على تحويل
السير إلى المسلك البحري الغربي للمدينة.
واتخذت وحدات الجيش اللبناني في محيط مخيّم عين
الحلوة إجراءات أمنية مشدّدة، منعاً لاتساع رقعة الاشتباكات، فيما منع دخول المواطنين
من الأماكن التي كانت تشهد اشتباكات.
وأمام ارتفاع وتيرة الاشتباكات، نزح العشرات من
عائلات المخيّم، إلى أماكن أخرى أكثر أمناً، خاصة إلى منطقة الفيلات ودوار الأميركان،
حيث قامت «جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني» بفتح «قاعة مسجد الموصلي» عند المدخل الشمالي
لمنطقة التعمير، وجرى إيواء النازحين، بعدما تم توزيع الفرش والحصائر والمياه والأغذية
عليهم، قبل أنْ يقوم «الصليب الأحمر» بتأمين مساعدات لهم.
نجاح الاتصالات
وتواصلت الاتصالات على أعلى المستويات، وكان محورها
سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور والقيادات السياسية اللبنانية ومدير فرع مخابرات
الجيش اللبناني في الجنوب العميد خضر حمود، إلى أنْ نجحت هذه الاتصالات بعقد اجتماع
صباح أمس (الأحد) في «مسجد النور» في المخيّم، بمشاركة قيادة اللجنة الأمنية العليا
والقيادة السياسية الفلسطينية، حيث أكدت على 3 خطوات، هي:
1- تثبيت وقف إطلاق النار الساعة
الثانية عشرة والنصف ظهراً (وهو ما تم).
2- حِراك اللجنة الأمنية مع الحِراك
الشعبي والشبابي على مناطق الاشتباك لتثبيت وقف إطلاق النار ميدانياً.
3- اعتبار اللجنة في حالة انعقاد
دائم لمواكبة أي تطوّر، وسحب المسلّحين ونشر القوّة الأمنية المشتركة.
وعند الثانية عشرة والنصف ظهراً، انطلقت مسيرة
جماهيرية من «مسجد النور» تتقدّمها قيادات في اللجنة الأمنية العليا والقيادة السياسية،
حيث كانت محطتها الأولى من بستان القدس، لتجوب شوارع المخيّم، حيث انضم إليها المواطنون
بشكل لافت، وعملت على تهدئة وقف إطلاق النار.
ومع توقّف إطلاق النار، خرج الأهالي لتفقّد الأضرار
التي لحقت بممتلكاتهم وسياراتهم، والتي كانت بليغة جداً، حيث عمد عدد من الأهالي إلى
قطع الشارع الفوقاني بالعوائق.
ومساءً جرى الاتفاق مع «عصبة الأنصار الإسلامية»
وقائد «القوّة الأمنية الفلسطينية المشتركة» العميد خالد الشايب على انتشار «القوّة
الأمنية الإسلامية» بغطاء من «القوّة الأمنية المشتركة» عند مفرق البستان لتثبيت الأمن
والاستقرار في المنطقة التي شهدت اشتباكات.
القتلى والجرحى
وخلال الاشتباكات استنفرت الطواقم الطبية، التي
عملت على إخلاء الجرحى إلى «مستشفى الأقصى» و«مستشفى النداء الإنساني» داخل المخيّم، وإلى «مركز لبيب
الطبي» و«مركز الراعي الطبي» و«مستشفى الهمشري» في صيدا وعدد من المستشفيات الأخرى.
وعُرِفَ من القتلى مصطفى صالح (الحتيني) وربيع
مشعور، كما توفيت الحاجة «أم علي» الريان (مواليد 1941) جراء إصابتها بنوبة قلبية.
وعُرٍفَ من الجرحى:
من حركة «فتح»: قائد «كتيبة شهداء شاتيلا» العميد
أحمد النصر (الذي عُيّن خلفاً للعميد طلال بلاونة الذي اغتيل بتاريخ 25 تموز 2015)،
بلال أصلان، أيمن العجل، وليد الباشا، وائل درويش (الصرصور)، محمد العردات، صالح العردات،
صلاح جورج، وليد منصور، نزار عثمان وخليل جمعة «الدقرم».
كما عُرِفَ من الجرحى: حمادة دحابري (الشباب المسلم)،
أبو شريدي القيم (عصبة الأنصار الإسلامية)، الحاج ممدوح الشهابي (شقيق القيادي الإسلامي
الشيخ أسامة الشهابي)، فادي الرستم والمواطن أحمد عفو (من مخيّم المية ومية وأُصيب
برصاصة طائشة أثناء تواجده في مخيّم عين الحلوة).
وقد اندلعت حرائق في عدد من المنازل التي أُصيبت،
كما تضرّرت السيارات.
القيادة الموحّدة
وعقدت القيادة السياسية الموحّدة للفصائل والقوى
الوطنية والإسلامية الفلسطينية في لبنان اجتماعاً طارئاً في مقر سفارة فلسطين في بيروت،
بحضور السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور، وناقشت الأوضاع الأمنية في مخيّم عين الحلوة
وأصدرت البيان التالي:
- أولاً: تُدين محاولة الاغتيال
التي تعرّض لها العميد أبو أشرف العرموشي في مخيّم عين الحلوة، وترفض كل عمليات الاغتيال،
وتؤكد على معاقبة كل من يعمل على ضرب الأمن والإسقرار في المخيّم.
- ثانياً: التأكيد على تثبيت وقف
إطلاق النار الذي توصّلت إليه اللجنة الأمنية العليا الساعة الثانية عشر والنصف ظهر
اليوم والتأكيد على سحب المسلحين من الشوارع.
- ثالثاً: التأكيد على نشر القوّة
الأمنية المشتركة للمحافظة على أمن المخيّم وإسقراره ومتابعة تطبيق وقف إطلاق النار
ومحاسبة المخلين بأمن المخيّم.
- رابعاً: نحيي أهلنا الصابرين في
مخيّم عين الحلوة، ونقدّر صمودهم وثباتهم في مواجهة مشاريع الفتنة بكل أشكالها وعبر
كل المراحل، ونحذّر من الشائعات المغرضة التي تستهدف زعزعة الأمن والإستقرار في المخيّم
والجوار ونؤكد على ترسيخ الأمن والإستقرار وعودة الأمور إلى طبيعتها.
- خامساً: نؤكد حرصنا على السلم
الأهلي في لبنان والمخيّمات الفلسطينية، ونجدّد تمسّكنا بالمبادرة الفلسطينية الموحدة
لحماية الوجود الفلسطيني في لبنان ولتعزيز العلاقات الأخوية اللبنانية الفلسطينية.
- سادساً: نقدّر جهود جميع الجهات
والقوى والشخصيات اللبنانية كافة الرسمية والشعبية واهتمامهم وحرصهم على مخيّماتنا
عنوان اللجوء والعودة.
الحريري
هذا، وتابعت النائب بهية الحريري، الموجودة خارج
لبنان، تطوّرات الوضع الأمني في مخيّم عين الحلوة، فبقيت على اتصال مع عدد من القيادات
الفلسطينية الوطنية والإسلامية تحثهم على ضرورة تدارك الوضع ونزع فتيل التفجير من المخيّم
حفاظاً على سلامة المخيّم وأهله وقضيتهم المركزية، وقطعاً للطريق على كل المحاولات
الهادفة لجر المخيّم إلى فتنة داخلية أو مع الجوار ..
كما أجرت الحريري اتصالاً هاتفياً برئيس فرع مخابرات
الجيش اللبناني في الجنوب العميد خضر حمود، واطلعت منه على صورة الوضع الأمني في المخيّم.
واعتبرت الحريري في بيان صادر عن مكتبها الاعلامي
أن «ما شهده مخيّم عين الحلوة من أحداث مؤسفة يجب ان يكون حافزاً للقيادات الفلسطينية
الوطنية والإسلامية لأن تعمل متضامنة على الوقوف بوجه ما يحاك للمخيّم من مخطط يطل
برأسه بين الحين والآخر بأحداث وتوترات أمنية».
وأضاف البيان: «إن ما جرى في عين الحلوة آلم صيدا
وأهلها لأن ما يصيب المخيّم يصيب المدينة حاضنة القضية الفلسطينية، وأننا ندعم حق أبناء
المخيّم بالأمن والاستقرار والعيش الكريم والمستقبل الأفضل لهم ولأبنائهم، ونعتبرها
إرادة مشتركة مع أهلنا في صيدا والجوار.. ونثمن كل الجهود والمساعي المخلصة والصادقة
التي تسعى لإنهاء الوضع الأمني المستجد في المخيّم وصولاً إلى اعادة الهدوء إليه والعودة
إلى الأطر الأمنية الفلسطينية المشتركة المولجة تثبيت الاستقرار فيه».
سعد
وتابع أمين عام «التنظيم الشعبي الناصري» الدكتور
أسامة سعد اتصالاته بالقيادات اللبنانية والفلسطينية لوضع حد للاشتباكات في المخيّم.
وأعتبر أنّ «محاولة الاغتيال التي تعرض لها العميد
سعيد العرموشي هي آثمة، وتشكل حلقة في مسلسل عمليات الاغتيال والتخريب التي يشهدها
مخيّم عين الحلوة، وتهدف إلى تفجير الأوضاع في المخيّم وصولاً إلى تخريبه وتدميره».
ودعا سعد «القوّة الأمنية والفصائل والفاعليات
الفلسطينية للتصدي بحزم للجماعات الإرهابية التخريبية التي تعبث بأوضاع المخيّم، وتسعى
إلى تفجير اقتتال دموي داخله ومع الجوار بهدف افتعال صراع فلسطيني - فلسطيني وصراع
لبناني –فلسطيني».
وشدّد سعد على «أهمية التوصل إلى وقف دائم لإطلاق
النار والتهدئة الشاملة في المخيّم ، وإلى وضع حد نهائي لمسلسل الاغتيالات والاشتباكات».
البزري
ودان الدكتور عبد الرحمن البزري التفجيرات الأمنية
وعمليات الاغتيالات المتكررة التي تحدث في مخيّم عين الحلوة من وقت لآخر، وكان آخرها
محاولة اغتيال العميد العرموشي، مناشداً كافة الفصائل والقوى الفلسطينية في المخيّم،
العمل للتهدئة والتصدي بحزم للعابثين بأمنه وسلامته حفاظاً على أرواح الأهالي داخل
المخيّم وجواره.
ودعا البزري الجميع للتروي وعدم الانجرار وراء
الفتنة حرصاً على استمرار دور المخيّم النضالي وعدم تغييب حق العودة للشعب الفلسطيني،
وذلك خدمة لمخططات العدو الصهيوني وعملائه.
«الجماعة الإسلامية»
ودانت «الجماعة الإسلامية» في صيدا الاشتباكات
المسلحة، حيث أجرت الجماعة سلسلة اتصالات مع القيادة الفلسطينية من أجل التهدئة والعمل
على وقف إطلاق النار، كخطوة أولى في طريق إنهاء هذا الاستهتار بأرواح وأرزاق الناس.
ودعت «الجماعة الإسلامية» «القوى السياسية في
صيدا ومخيّماتها لتحمل مسؤولياتهم الوطنية، وعقد اجتماع عاجل للوقوف أمام ما يحصل في
المخيّم والعمل على تحصينه، ورفض العودة إلى أسلوب استخدام السلاح في حل الخلافات لما
يشكله مخيّم عين الحلوة من عنوان للقضية الفلسطينية وحق العودة».
بركة
وفي إطار الاتصالات، أكد ممثل حركة «حماس» في
لبنان علي بركة أن «أطرافاً تسعى إلى تفجير الأوضاع في مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين،
بعدما فشلت في توريط المخيّمات الفلسطينية في صراعات لبنان السياسية والمذهبية»، محذّراً
من «خطورة الاحتكام إلى السلاح في حل المشاكل الداخلية بين الفصائل، حيث يجب تغليب
لغة الحوار والعقل، لأن الاحتكام إلى السلاح سيؤدي إلى تدمير المخيّمات على غرار ما
جرى في مخيّم نهر البارد، وفق قوله».
المصدر: اللواء