القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

أيام لبنانية لـ«الجمعية الروسية الفلسطينية»

أيام لبنانية لـ«الجمعية الروسية الفلسطينية»


الخميس، 24 تشرين الأول، 2013

لوهلة يُخيل اليك ان الرجل الضخم صاحب السحنة الشقراء والعينين الزرقاوين ينطق بلغة الضاد في المركز الثقافي الروسي. لكنها ليست إلا الروسية المطعمة ببعض «العربي المكسّر». تطلق روسيا خصوصا في زمن الغزل الروسي الأميركي و«الفرج» الإيراني الوشيك، خطابا يكاد يكون عربيا قوميا، وبالتأكيد مشرقيا. يذهب بعضهم الى حد القول بمغالاة «سوف يعود التفاح اللبناني ليغزو أسواق موسكو». ثمل الأعضاء الروس في «الجمعية الامبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية» من عرق أميون الكورة وطبيعتها وناسها خلال الأيام التي أمضوها في لبنان والتي رافقهم فيها أعضاء «اللقاء الأرثوذكسي» وعلى رأسهم نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي.

ليس «مجرد كلام» ان يصدر على لسان مسؤول روسي أيا كان منصبه، ان «أميركا تقفل أبواب الثقافة، كما هي حال مراكزنا الثقافية في دمشق وبغداد، ولكننا سنواصل فتح أبواب الثقافة في كل العالم». منذ الحرب العالمية الأولى، ومن ثم الثورة البولشفية، وصولا الى انهيار الاتحاد السوفياتي، عاشت روسيا في غيبوبة عن المنطقة وشجونها. تعود اليوم كالحبيب المتيم الذي لا يحمل في خطابه إلا عبارات السلام والحوار ونبذ العنف. بدوره، الجانب اللبناني «لا يقصّر». زار الرئيس ميشال سليمان موسكو مرتين في أقل من سنتين. ووزير الطاقة المستقيل جبران باسيل وقع أيضا في العاصمة الروسية تفاهما مع 4 شركات نفط روسية لكي تشارك في عمليات التنقيب عن النفط في لبنان. التعاون الاقتصادي كان في السابق ضعيفاً واليوم «يوضع على السكة الصحيحة»، على ما يقول الرئيس السابق للجمعية أوليغ باراسبيكين. ويضيف: «نعوّل على ان يكون لبنان الكويت الجديدة في المنطقة، فهو غني بالنفط والغاز والزراعة فيه جيدة أيضا». ويتابع ضاحكا: «يقول بعض الخبراء إنه غني بالألماس في البقاع». وفي السياسة الخطاب واضح: «نحن لسنا محامي بشار الأسد، فالنظام السوري لديه أخطاء في الداخل والخارج، وهذا يحصل في كل الدول، ولذلك نبذل جهدا لعقد جنيف 2 تعزيزا للحوار كحل وحيد للأزمة السورية».

131 عاما هو عمر «الجمعية الأمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية»، والمقصود بالأخيرة ليس دولة فلسطين، وانما عموم منطقة القوقاز والشرق الأوسط. تأسست عام 1882 بهدف «مساعدة الأرثوذكس في الأراضي المقدسة، ولبنان جزء منها». «المدارس الموسكوبية» تعد من أهم إنجازاتها. بنت 110 مدارس في دول المنطقة و40 أخرى في لبنان وتتلمذ على مقاعدها نحو 15 ألف طالب. وتفتخر موسكو بأن «كل العائلات، الى أي مستوى انتمت، كان بإمكانها الانتساب الى هذه المدارس التي تعطلت عقب قدوم الاستعمار الفرنسي واندلاع الثورة البولشفية». في الحقبة التي تقاسم فيها الكبار فتات المنطقة في القرن التاسع عشر، وضعت روسيا عينها على قضاء الكورة، وتحديدا أميون، حيث احتضنت رعاياها عبر تأسيس الكنائس والمدارس وشق الطرق وتقديم المنح والمساعدات. في المركز الثقافي الروسي أعلن عن «توأمة» بين الجمعية الأم في موسكو وفرعها اللبناني في أميون بحضور رئيس البلدية جرجي بركات. كل هذا التحرك الروسي في لبنان يحظى بدعم البطريرك كيريل ومباركته، على ما يؤكد ألي بانين مدير العلاقات الخارجية في الجمعية. هي جمعية مدنية وان كانت أرثوذكسية، والبطريرك كيريل يشغل منصب رئيس مكتب أعضاء الشرف. تدعو الى السلام وحسن الجوار بين المسيحيين والمسلمين في سوريا ولبنان وكل المنطقة. وللمفارقة أن من أبرز أعضائها شخصاً مغترباً في روسيا منذ سنوات طويلة اسمه حسن نصر الله والرئيس الفلسطيني محمود عباس. وهي زيارتها الأولى الى لبنان منذ مئة عام.

القيصر يثبت في كل موقف أنه يجري «نفضة» في كل مفاصل دوره الخارجي لإعادة «أمجاد الماضي»، فينتعش الجسم الروسي من جديد في كل لبنان. السفير الروسي ألكسندر زاسبكين لا يترك جميعة أرثوذكسية «تعتب عليه». والحركة في المركز الثقافي الروسي لا تهدأ. منذ أيام نظم معرضاً يؤرخ «روسيا في لبنان» فيمر في مخطوطات «عتيقة» وبعضها من أرشيف مطرانية بيروت للروم الأرثوذكس، على «المدارس الموسكوبية في لبنان بين 1887-1917» ورحلات الحجاج الفقراء الأرثوذكس مثل غريغوري راسبوتين الى لبنان بين 1869 1917 الذي كتب ذات مرة أن «جبال لبنان تلهم الإيمان» والمتحف الحربي البحري الروسي الحكومي. علما ان نقطة البداية كانت في مخطوطة تؤرخ أول إشارة لوجود لبنان بالنسبة الى روسيا والتي كانت في الفترة بين عامي 1701 و1704 عبر صيدا وصور وجبيل وبيروت وطرابلس وصولا الى «المؤتمر الأول للمواطنين الروس المقيمين في لبنان» العام الماضي و«المؤتمر الإقليمي السادس للروس المقيمين في بلدان الشرق الأوسط وأفريقيا» والذي نظمه المركز هذا العام. بالإضافة الى تأريخ للنشاطات الروسية الثقافية على مختلف الصعد.

المصدر: غراسيا بيطار - السفير