إغتيال "زورو"... المخيّمات في
دائرة الفتنة؟

الأربعاء 13 نيسان 2016
في مؤشّر خطير إلى ما وصَلت إليه النزاعات
الفلسطينية - الفلسطينية، وفي استهداف للأمن الوطني نتيجة تداعيات الاقتتال الفلسطيني
على الجوار اللبناني، اهتزّ الأمن في مخيّم عين الحلوة مجدّداً لكن بطريقة مغايرة هذه
المرّة.دوّى انفجار في صيدا أمس، استهدفَ مسؤول حركة «فتح» في مخيّم الميّة وميّة فتحي
زيدان الملقّب بالـ«زورو»، عند مستديرة الأميركان التي تؤدّي إلى مخيّم عين الحلوة
ومنه إلى مخيّم الميّة وميّة، والتي تقع على مقربة من ثكنة «محمد زغيب» في صيدا، وليست
بعيدة من السراي الحكومي، وملاصقة لمدرسة الفنون الجميلة.
وقد أدّى الانفجار إلى اندلاع حريق في السيارة،
ومقتل زيدان ومرافقِه وجَرح أربعة آخرين، حيث تناثرَت الأشلاء في المكان، في وقتٍ حضرَت
عناصر من الجيش وقوى الأمن الداخلي وطوّقوا المكان مانعين أحداً من الاقتراب، كما حضَر
الخبير العسكري الذي حدّد زنة العبوة بنحو كيلوغرام من المواد المتفجّرة. وقد بوشر
التحقيق في الحادث لكشف ملابساته، فيما جمعت الأدلّة الجنائية الأشلاء من المكان ومحيطه.
وعلمت «الجمهورية»، أنّ «زيدان كان قد حضَر
اجتماعاً أمنياً فلسطينياً في مخيّم المية ومية، طلباً للإجراءات الأمنية في المخيّم
وزيادة عديد القوّة الأمنية الفلسطينية فيه، ثمّ توجّه إلى مخيّم عين الحلوة لحضور
اجتماع مع الأمن الوطني الفلسطيني والقوّة الأمنية المشتركة، ولكن لدى وصوله إلى دوّار
الأميركان في صيدا فجّرت العبوة بالسيارة».
وأشارت المعلومات الى أنّ «العبوة زُرعت
في السيارة في مخيّم المية ومية وكان مقدّراً تفجيرها على مدخل عين الحلوة، إمّا بحاجز
الجيش اللبناني أو بحاجز الامن الوطني الفلسطيني، وكلاهما على مدخل المخيّم الجنوبي».
وفي السياق، قالت مصادر أمنية لبنانية لـ»الجمهورية»
إنّ «العبوة الناسفة وضِعت في السيارة في مخيّم المية ومية، ولدى وصول زيدان إلى دوّار
الاميركان، فُجّرت لاسلكياً»، نافيةً انفجار سيارة مفخّخة أو أن تكون العبوة قد زرِعت
إلى جانب الطريق.
من جهته، قال قائد القوّة الأمنية المشتركة
في لبنان اللواء منير المقدح لـ«الجمهورية» إنّ «الحملة كبيرة على مخيّم عين الحلوة،
واليوم (أمس) كان هناك اجتماع في مخيّم المية ومية ومطالبة بتشديد الأمن في المخيمات»،
مشدّداً على أنّ «استهداف زيدان، هو استهداف للمخيّمات الفلسطينية».
وأكّد المقدح أنّه «من غير المسموح أن يأخذ
أيّ فريق المخيّمات رهينة»، موضحاً أنّ «التنسيق مع الجهة اللبنانية قائم على أعلى
المستويات، لا سيّما مع الجيش اللبناني».
بدوره رأى القيادي في حركة «فتح»- التيار
الإصلاحي محمود عبد الحميد عيسى «اللينو»، أنّ «هذا الاغتيال سَبقته استهدافات عدة
داخل المخيّمات، ما يؤكد أنّ هناك استهدافاً للمخيّم»، داعياً «جميع إخواننا في الفصائل
الفلسطينية وخصوصاً حركة «فتح» لتحمّل المسؤولية».
وشدّد اللينو على أنّ «الجميع يعرف الجهات
المسؤولة عن هذه الاغتيالات ووراءَها غرفة عمليات تديرها».
بدوره، استنكرَ مسؤول حركة «حماس» في لبنان
علي بركة الجريمة، واضعاً إيّاها في دائرة استهداف المخيّمات الفلسطينية في لبنان وإحداث
فتنة داخلية.
وتخوّفَ «من أن تكون الجريمة جزءاً من مسلسل
قد يدخِلنا في عمليات اغتيال من أجل إشعال فتنة داخل المخيّمات، لا سيّما أنّ الموقف
الفلسطيني في لبنان من مختلف القضايا موحّد». ودعا كلَّ الفصائل الفلسطينية إلى ضبط
النفس، طالباً من السلطات اللبنانية متابعة القضيّة، خصوصاً أنّ الجريمة وَقعت خارج
المخيّمات، بالإضافة إلى كشفِ المجرمين وإنزال أقصى العقوبات بهم.
وقد بقيَ الوضع الأمني في مخيّمي عين الحلوة
والميّة ومية هادئاً فيما سُجِّل استنفارٌ لعناصر حركة «فتح» في الميّة ومية، وقد انهمكَ
المسؤولون الفلسطينيون في متابعة تفاصيل الجريمة وجرَت اتصالات واسعة لتجنيب المخيّمات
أيّ انعكاسات، فيما نعى الأمن الوطني الفلسطيني زيدان وهو ضابط مهمّ وكبير في «فتح»
ومن المعتدلين فيها، وقد شكّلت قيادة «فتح» لجنة تحقيق وصَلت إلى مخيّم المية ومية
تزامناً مع التحقيقات التي تجريها الدولة اللبنانية.
وعلمت «الجمهورية» أنّ لجنة التحقيق الفلسطينية
التقت أوّلاً القريبين من زيدان لمعرفة ما قال لهم، واطلعت على الكاميرات التي كانت
موجودة لحظة توجّهِه من المخيّم لجلاء حقيقة من وضع العبوة ويعتقد أنّهم قريبون منه.
قضائياً، كلّف مفوّض الحكومة لدى المحكمة
العسكرية القاضي صقر صقر مفوّض الحكومة المعاون هاني الحجّار متابعة التحقيقات.
المصدر: علي داود - الجمهورية