اغتيال السعدي يُدخل "عين الحلوة" غرفة
العناية الأمنية
الثلاثاء، 03 كانون الأول، 2013
أدخلت جريمة اغتيال العنصر في حركة فتح محمد السعدي
وتفاعلاتها مخيم عين الحلوة مجددا في غرفة العناية السياسية والأمنية وسط تصاعد
وتيرة المخاوف في الأوساط الفلسطينية من ان يكون ما يجري في المخيم مدبر ومقصود
منه اشعال فتيل تفجير في اكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في لبنان وليكون جزءا من
خارطة تفجير اوسع ترتسم اولى معالمها انطلاقا مما يجري في طرابلس ولا تنتهي بعين
الحلوة بهدف ادخال لبنان في حال دائمة من الفوضى واللااستقرار.
الا ان ما يمكن ان يشكل عامل طمأنة بالنسبة للوضع في
المخيم هو ان تفاعلات جريمة اغتيال السعدي بقيت محصورة برد فعل عائلته وسط استنكار
وادانة عارمة لهذه الجريمة من قبل مختلف الأفرقاء في المخيم، وشبه اجماع فلسطيني
على انها تأتي ضمن سياق مشبوه يهدف لاثارة فتنة داخل المخيم.
وفي هذا السياق بدا واضحا حجم الوعي الذي تحلت به مختلف
القوى الفلسطينية في مواجهة هذه الجريمة، وكذلك المسؤولية العالية التي ابدتها
عائلة السعدي سواء في رد الفعل على الجريمة او في التبرؤ من بيان نسب الى العائلة
يحمل توقيع الجناح العسكري لآل السعدي ويتوعد بالاقتصاص ممن قتله، وبالتالي التزام
العائلة بلجنة المتابعة الفلسطينية والقيادة السياسية الموجودة وضرورة ان تتحمل
مسؤولياتها في كشف ومحاسبة من ارتكب هذه الجريمة. في وقت قررت العائلة تشييع
السعدي بعد صلاة اليوم الثلاثاء.
القيادة السياسية
فكيف عاش مخيم عين الحلوة يومه الأول بعد اغتيال السعدي،
وما آخر ما توافر من معطيات حول هذه الجريمة؟
بعد ليل متوتر جراء استمرار عمليات اطلاق النار والقذائف
الصاروخية والقنابل اليدوية من قبل شبان غاضبين لمقتل السعدي، لم ينم خلاله ابناء
المخيم، حملت ساعات الصباح الى شوارعه هدوءا حذرا مصحوبا بأجواء من الترقب التي
خرقتها بين الحين الآخر اصوات رشقات نارية قبل الظهر، وسط اقفال عام شل الحركة في
شوارع المخيم تخوفا من انفجار الوضع الأمني على خلفية اغتيال السعدي، فأقفلت
المؤسسات والمحال التجارية وعلقت الدراسة في مدارس الأونروا والعمل في مكاتبها
وعياداتها، وعمد عدد من اقارب السعدي الى اغلاق الطريق لبعض الوقت في المكان الذي
وقعت فيه الجريمة.
ومتابعة لتحركها الذي بدأته ليلا من خلال لجنة المتابعة
الفلسطينية لتدارس الوضع الأمني المستجد في المخيم، عقدت القيادة السياسية الموحدة
للقوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية اجتماعا طارئا لها في مقر اللجنة في المخيم
للتداول في المستجدات المتصلة بمقتل السعدي وما توافر من معطيات حول ملابسات هذه
الجريمة. حيث دان المجتمعون هذه الجريمة معتبرين ان هناك افرادا مرتبطين بجهات
خارجية يعملون على ضرب امن المخيم واستقراره.
وقرر المجتمعون تشكيل لجنة تحقيق تتمثل فيها مختلف القوى
الفلسطينية لجمع كافة المعلومات حول هذه الجريمة والاستماع لإفادات بعض الشهود
ولجمع كافة كاميرات المراقبة المحيطة بمكان الجريمة والاستعانة بها للتحقق من هوية
الجاني وبالتالي كشف كافة الملابسات المتصلة بها.
كما شارك في الاجتماع ممثلون عن عائلة ابراهيم عبد الغني
الذي اصيب باطلاق نار اثر اغتيال السعدي وتم توقيف مطلق النار حيث طالبت عائلته
بتسليمه الى السلطات اللبنانية وتأمين نفقة علاج ابنها في المستشفى.
خطاب
وقال امين سر القوى الاسلامية في المخيم الشيخ جمال
خطاب: "من الواضح ان هناك استهدافا لأمن المخيم واستقراره عبر جرائم الاغتيال
التي تنفذ من وقت لآخر، وهذه الأعمال التي يقوم بها البعض داخل المخيم لا بد انها
مرتبطة بمشاريع خارجية تستهدف قضية فلسطين، لتسليط الضوء على امن المخيمات وتصويرها
كبؤرة امنية لجعل هذه المخيمات في حال من الاختراق السياسي الذي يضر بقضية فلسطين
وبوجود اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وبأمن المخيمات عامة، لذلك نعتبر ان كل
جريمة تحصل في هذا المخيم هي ليست جريمة بحق عين الحلوة فقط وانما هي ايضا جريمة
بحق قضية فلسطين. ونحن سنتابع موضوع التحقيقات الامنية من خلال لجنة التحقيق
المكلفة بالكشف عن هذه الجرائم والتي اتفق الجميع على رفع الغطاء عن اي مخل او اي
شخص يتم معرفة دوره في هذه العمليات الاجرامية، ولذلك ستبقى اجتماعاتنا مفتوحة
بهذا الصدد حتى يتم حسم هذه القضية التي بات من غير المقبول ان تستمر على هذا
النحو. واعتبر خطاب ان الذي يعبث بأمن المخيم لا شك انه يرتبط بجهات خارجية ويخدم
هذه الاجندات الذي ينفذ هذه الاعمال لحسابها ". وتقدم بالتعزية من آل السعدي
كاشفا عن ان "لجنة التحقيق تتابع بعض الخيوط المتوفرة حول هذه الجريمة".
ابو عرب
من جهته، رأى قائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء صبحي
ابو عرب ان اناسا يعملون على تخريب امن المخيم مرتبطين بجهات خارجية او داخلية من
اجل اثارة الفتنة في هذا المخيم. وقال: "ان اي حدث يحدث في لبنان ينعكس على
هذا المخيم، وان لهم مصلحة ان يأتوا الى هذا المخيم كنهر بارد جديد، هؤلاء اعتبرهم
عملاء جواسيس مرتزقة، لا يهمهم لا اطفال ولا نساء ولا هذا المخيم، لا يهمهم الا
مصلحتهم الذاتية. ونحن بدأت تتكشف لنا خيوط بهذا الخصوص ونأمل ان نتوصل الى
الحقيقة وان نكشف الجاني الذي يجب ان يدفع ثمنها كائنا من كان.. نحن في هذا المخيم
نريد الأمن والاستقرار".
عثمان
وقال عضو قيادة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين فؤاد
عثمان: "من الواضح ان هناك محاولة لإستدراج المخيمات الفلسطينية في لبنان
وخصوصا مخيم عين الحلوة لما يمثل من تنوع سياسي الى الصراعات الداخلية الفلسطينية
الفلسطينية والصراعات الفلسطينية- اللبنانية.. وهناك قضيتان الاولى لها علاقة بما
يجري في فلسطين وانهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين، وما يجري في منطقة الشرق الاوسط
له تداخلات وتشعبات.. ويبدو ان هناك محاولة لتشويه وجهة السلاح الفلسطيني لتغيير
وجهة استعماله وبما ينهي هذا السلاح".
بيان عائلة السعدي
كما شكل المجتمعون وفدا منهم توجه للقاء عائلة السعدي
قدم لها التعازي، حيث طالبت العائلة اللجنة بالعمل على كشف وتسليم قاتل ابنها.
ولاحقا صدر عن عائلة السعدي بيان جاء فيه: "فجعنا
بالأمس باغتيال احد ابنائنا المرحوم محمد السعدي، بدم بارد وبأيادي القتلة
المحترفين، هذه الجريمة لم تكن الأولى بحق ابناء عائلة السعدي ولا بحق اهلنا في
المخيم، فالمسلسل يتواصل ويستمر والجهات المنفذة معروفة مجهولة. وان الاستمرار
بمعالجة مسلسل الاغتيال المتواصل والتفجير والخروقات الأمنية بالطريقة السابقة
التي تعتمدها القوى السياسية والهيئات الوطنية التمثيلية الموحدة " لجان
تحقيق روتينية وتجهيل الفاعل وتحميل المسؤوليات دوما لجهات خارجية " ما هي
الا محاولة مكشوفة ومفضوحة لتبرئة القاتل المعلوم المجهول في آن والاستمرار
بالتغطية الواقعية لمسلسل الاجرام والقتل. وان هذه الطريقة اثبتت بالواقع الملموس
والحقائق الحسية ان الحرص على امن اهالي المخيم لا يمكن الا بمعالجة جدية تقضي
بتسليم القتلة المحترفين الى الأجهزة الأمنية والقضائية لينالوا عقابهم، وليس
بتغطية افعالهم والتعامي عن الحقائق الدامغة تحت شعارات وهمية مضللة ظاهرها الحرص
على الأمن والأهالي بينما جوهرها تغطية القتلة واعطائهم الحماية والمشروعية".
وتوجه البيان الى اهالي مخيم عين الحلوة بالقول:
"ان حرصنا على امن اهالينا يدعونا اليوم الى رفع الصوت وعدم القبول مجددا
بالحلول الوهمية، مطلبنا واحد والمفترض ان يكون مطلب كل الحريصين على هذا المخيم
وامن اهله وسكانه، تسليم القاتل الى اجهزة الدولة اللبنانية لأنه بهذا المطلب وحده
يمكننا قطع دابر الفتنة وسد الطريق على القتلة ومنعهم من تنفيذ مشروعهم الهادف الى
ادخال الفتنة والارباك الأمني الى المخيم. واننا لن ندخر جهدا او عملا لنحقق غاياتنا،
ونأمل من جميع اهلنا في المخيم مشاركتنا، وندعو كافة القيادات والهيئات السياسية
والمجتمعية لتحمل مسؤولياتها على قاعدة الحرص الحقيقي على المخيم وامن اهله".
وفي السياق نفسه نفت عائلة السعدي ان يكون قد صدر عنها
اي بيان لا سيما البيان الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي ويتعلق بتشكيل
جناح عسكري للعائلة للاقتصاص من قتلة ابنهم محمد السعدي واكدت العائلة ان مرجعيتها
في هذا الامر هي لجنة المتابعة الفلسطينية.. وقال ابو ربيع السعدي احد اقارب
المغدور: "ليس لنا اي علاقة بهذا البيان، ونحن لدينا لجنة متابعة وقيادة سياسية
موجودة ويجب ان تتحمل مسؤولياتها على اكمل وجه.. هذه مسألة تخص المخيم وتخص اهلنا
وهذا مشروع كبير ونحن لن نرضى الدخول في هذا المشروع ونحمل المسؤولية للقيادة
السياسية، ولا نرضى اي جهة مأجورة ان تأخذنا الى اماكن لا نريد الذهاب
اليها".
خيوط
اما في المعلومات المتوافرة حول اغتيال السعدي، فإن
التحقيقات تتركز حول تحليل الشريط المصور الذي التقطته احدى كاميرات المراقبة
لمنفذ الجريمة والتي تظهر فيها ملامحه بوضوح، وفي ما يمكن ان تكون قد التقطته
كاميرات أخرى قريبة من المكان تم سحب اقراصها المدمجة، علما ان لدى لجنة التحقيق
خيوطا قد تقود الى كشف الجاني او من يقف وراءه، وان احد هذه الخيوط هي اختفاء
الدراجة النارية التي تركها الجاني وراءه بعد ارتكابه الجريمة، وان اللجنة توصلت
الى معرفة الشخص او الجهة التي اخفت الدراجة.
وفي تفاعلات جريمة اغتيال السعدي، اصيب الفلسطيني علي ابو
الكل عن طريق الخطأ جراء اطلاق النار احتجاجا على مقتل السعدي في الشارع الفوقاني
للمخيم.
المصدر: المستقبل