القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

الـ 20 ألف دولار التي فجّرت الميّة وميّة!

الـ 20 ألف دولار التي فجّرت الميّة وميّة!


الخميس، 08 تشرين الثاني، 2018

في المفاضلة بين المحافظة على "المكتسبات الإستراتيجية" و "حماية السلم الأهلي" إقتضت المصلحة أن يسكنُ المعنيون إلى الثانية، وينهون أسابيع عجاف مرّت على سكانِ مخيم المية والمية ومحيطه.

الإشتباكات التي إندلعت قبل أسابيع قليلة بين حركتي "فتح" و "أنصار الله"، والتي علقت ذيولها في وكر المصالح المتضاربة بين الفريقين، وجدت طريقها إلى الحل أخيراً، بفعل التّشابك بين عدة عوامل خطيرة ومؤثرة، وتولد قناعة لدى أهل الحل والربط من أن الأزمة آخذة بالتحول إلى مشكلةٍ لبنانية - فلسطينية وفي درجةٍ ما، إسلامية - مسيحية، وهو ما أهاب بالمسؤولين التّرفع عن المصالح والعمل على فتحِ السّبل.

ما عجلَ من إبتكار الحلول، هو إرتفاع أصوات تنادي بعزل الفلسطينيين وتحويلهم إلى سببٍ رئيسي للمشكلة، سيّما من قبل أهالي القرى المحيطة بالمخيم مستشعرين تحليق الغربان السّود فوق رؤوسهم. وما زادَ أكثر من يقظةِ المعنيين، هو دخول أطراف حزبية لبنانية من خلالِ شخصيات اشتهرت زمن الحرب بالعدائية.

وعلى سبيلِ الإشارة، فإن حجّ هؤلاء المسؤولين أرخى عن أجواء سلبية تولّدت عند سكان البلدات المسيحية المُتاخمة بفعل الخطاب الذي أستخدم في الأسابيعِ الماضية، وهو ما كان بمثابة قرع جرس إنذار لدى المعنيين في الملف، خاصةً من الجانبِ اللبناني، الذي عملَ على إستدراكِ الموقف، بعد أن تبين لديه وعلى نحوٍ قاطع، أن بعض شبيهات الـ ٧٥ لاحت في الأفق بعد إستقدام جانب من الخطابِ الذي استخدم زمن الحرب، وأعيد نبشه مجدداً في زمنِ السلم، ما قد يرخي عن مسائل البلاد في الغنى عنها اليوم.

الرّئاسة الأولى والثانية لم تكن بمنأى عن رياح المشكلة التي تطورّت وتبدلت من أزمةِ فلسطينية - فلسطينية الى لبنانية - فلسطينية، وهو ما دفعهما إلى الدخولِ في صلبِ القضية بحثاً عن حل. حزب الله بصفته معني بشخص أمين عام حركة أنصار الله، جمال سليمان، ونظراً للظروف، بدأ العمل بالتعاون مع جهات فلسطينية العمل على حل قام على قاعدة رئيسية: "سحب ذيول التوتر واراحة محيط المخيم".

ما أهاب بحزب الله التّدخل عدة عوامل ميدانية توفرت. فإلى جانب الغضب السكاني في محيط المخيم، مثل سبب رئيس آخر للتدخل هو استخدام أنصار الله الصواريخ من عيارات متوسطة في الإشتباكات ، وهو ما مثل حالة إنتباه لدى الحزب الذي لا يقبلُ إستخدام أسلحة من هذا النوع في معاركٍ داخلية.

إلى جانبِ ذلك، كان حزب الله يعلمُ أن أنصار الله في إمكانها الإستحواذ على المخيم عسكرياً بفضل القدرات التسليحية لديها، وهذا سيف ذو حدين. أولاً ستوقظ سيطرة أنصار الله العسكرية تحركاتٍ مشابهة في مخيماتٍ أخرى قد تعتمدُ الأسلوب نفسه، ثانياً سيعملُ بعض المحرضين على حزب الله على تصويرِ الأمر بأنه سيطرة للحزب على المخيمِ القريب من قرى مسيحية، وهو ما سينقل المشكلة الى مكان آخر. هنا، تدخلُ وسيط بارز من حزب الله طالباً من أنصار الله وقف القتال والانسحاب إلى المربع الامني.

مثل هذا الدخول التّحول الأول الذي وضع المشكلة تحت غطاء حزب الله، كما بدوره رزمة خطوط حمر امام المعنيين في الاشتباكات، ادت اولاً الى سحب ذيول الاقتتال، وثانياً توفير جو ايجابي لدخول الحل مدار البحث ثم التنفيذ.

وفي المعلومات، أن حزب الله تحرك متمتعاً بغطاء شبه رسمي - محلي فوضته إيجاد حل بما يخدمُ إراحة المنطقة، بعد جولات "الشكوى" التي قامت بها وفود إلى المعنيين الرسميين.

مصادر المعلومات توضحُ الحل الذي جرى التوصّل اليه، قضى بترتيب خروج سلمي لجمال سليمان وعائلته وعدد من معاونيه من المربع الأمني من دون التعرّض له، على أن يتولى حزب الله نقله إلى سوريا بناءً على طلبِ سليمان نفسه، في حينِ شكلت حركة حماس الضمانة لتنفيذ الإتفاق.

وبالنسبة للمربع الأمني جرى التفاهم على الشروعِ بنقاش حلول تتولى جانب من تطبيقها حركة حماس ويحفظُ حق أنصار الله بحماية نفسه، إلى جانبِ إلتزام حركة فتح عدم التعرض إلى هذه النقطة أو الإقتراب منها، علماً ان الاخيرة كان في صلب تفكيرها "انتزاع المربع عسكرياً"، لكن قرار حزب الله المعلن حول حماية جمال سليمان بوصفه "خط احمر" وابلاغ المعنيين بالأمر حال دون ذلك.

في الشّقِ الثاني يفوض سليمان "من يراهِ مناسباً" تولي أمور أنصار الله في المية ومية، من ضمنِ إتفاق تتولى متابعته حركة حماس مع حركة فتح، ويقضي بسحب المظاهر المسلحة من المخيم، ثم تشكيل "قوة أمنية مشتركة" عمادها حماس، تلتزم أمرين، حفظ الأمن في المية ومية، وترأس لجنة تضم ممثلين عن فتح وأنصار الله تتولى حل أي امور عالقة مستقبلاً.

وعُلم أن الشخص المُكلّف من قبل سليمان تولي قيادة أنصار الله في هذهِ المرحلة، هو مسؤولها في مخيم عين الحلوة ماهر عويدي.

ومع حلّ الجانب الأوسع من القضية، فتح المعنيون نافذة كبيرة حول الأسباب التي نقلت الصراع بين جمال سليمان وتنظيمه القديم، فتح، من خانةِ الهدنة المضبوطة، إلى الإنفجار ذات السقوف المتهورة، علماً أن سليمان الذي ثبت مشروعية حركته في الساحةِ الفلسطينية، كان دائم الحضور إلى السفارة الفلسطينية وصاحب علاقات مستقرة مع منظمة التحرير.

هناك من يرددُ أن تدهور العلاقة بشكل مفاجئ مع فتح ومن خلفها السفارة الفلسطينية وخلف خلفها منظمة التحرير، يعودُ إلى تجميد أصول مالية كان يتقاضاها سليمان بصفته مسؤول "حركة مقاومة فلسطينية" مصدرها منظمة التّحرير كانت تبلغُ حدود الـ ٢٠ ألف دولار أميركي، وذلك بناءاً على قرارٍ رفيع أتخذ في السّلطةِ الفلسطينية، ما إعتبره سليمان إنقلاباً يهدفُ إلى الإطاحةِ بحركته.

ما عزّز من روايته التي أبلغها إلى المعنيين به، إستطلاع عناصره حركات ذات طابع عسكري تقومُ بها "فتح" في المية ومية، ما قبله سليمان بإصدار أوامر لعناصره بـ "تعزيز مواقعهم والتأهب الدائم". ولأنه شخص ذو خلفيه أمنية، قرّر أن يتغدّى فتح قبل أن تتعشّى به!

ومع أن رواية تجميد الأصول المالية لم تجد جهة رسمية تتبع للمنظمة كي تثبتها..

المصدر: "ليبانون ديبايت"