
الأربعاء، 08 تموز، 2020
ارتفعت في الآونة الأخيرة، أسعار السلع
الغذائية في لبنان بشكل كبير، وطالت ربطة الخبز (المدعومة من قبل الدولة) من 1500 ليرة
لبنانية إلى 2000 ليرة، ويعود هذا الأمر إلى انخفاض سعر صرف الليرة اللبنانية أمام
الدولار الأميركي، ليتخطى عتبة الـ 10 آلاف ليرة، مقابل الدولار الأميركي في السوق
السوداء.
أوضاع سيئة في لبنان
يقابل ارتفاع الأسعار، إغلاق عدة مؤسسات
تجارية عالمية ومحلية لأبوابها، وصرف أخرى لعدد كبير من موظفيها، مع تقنين حاد في التيار
الكهربائي وصل إلى حدّ 20 ساعة يوميًا، مع نقص في مادة المازوت، وارتفاع جنوني في أسعار
السلع الاستهلاكية وفقدان بعض الأدوية من الصيدليات، الأمر الذي يزيد من حدة التحركات
في الشارع، والتي أضحت تسجل يوميًا "قطعًا" لعدد من الطرقات في بيروت والشمال
والجنوب والبقاع.
وأمام ارتفاع الأسعار الجنوني، يشهد لبنان
حالة من التضامن الاجتماعي بين سكانه، ومبادرات تسعى إلى مؤازرة الفقراء وأصحاب العسر
الشديد، كان اللاجئون الفلسطينيون سباقون إليها.
مبادرة "الفرن الذهبي"
وتحت عنوان "يسمح للإخوة اللبنانيين
الدخول وشراء الخبز مثله مثل الفلسطيني لا فرق بينهما"، انطلقت حملة "فرن
الذهبي" في مخيم الرشيدية للترويج لمخبوزاته، في ظل الأزمة التي تعصف لبنان، خاصة
بعد الهجمة العنصرية التي تعرضت لها المخيمات الفلسطينية في الآونة الأخيرة، من قبل
بعض المسؤولين اللبنانيين.
المسؤولة الإدارية والمالية في "فرن
الذهبي"، مريم السعيد، وخلال حديثها مع "قدس برس"، أشارت إلى أن
"سعر ربطة الخبز ذات وزن 800 غرام، يتم بيعها بألف ليرة لبنانية، فيما ربطة الخبز
المتعارف عليها في لبنان، والتي تبيعها أفران أخرى ووزنها 900 غرام، ارتفع مبيعها من
1500 ليرة إلى 2000 ليرة لبنانية".
وتابعت السعيد، "عند حصول أي أزمة،
نحاول جاهدين تلبية طلبات زبائننا، فنزيد من قدرتنا الإنتاجية إلى حدها الأقصى، حيث
ننتج شهريًا ما يقارب من 65 ألف ربطة، ما معدله ألفي ربطة خبز في اليوم، ليزيد هذا
المعدل عند حصول أي أزمة كالأزمة التي يمرّ بها لبنان اليوم، إلى حوالي 5 آلاف ربطة
خبز يوميًا".
ولقي "فرن الذهبي" شعبية كبيرة
في الآونة الأخيرة عند اللبنانيين خاصة، إذ يقصده مواطنون لبنانيون من بلدات مجاورة
كراس العين، وبلدة برج الشمالي والسماعية،بهدف شراء ربطة الخبز الرخيصة السعر عنده.
وأضافت السعيد، "الفرن يقدم منتوجاته
من خبز، على أنواعه العربي والافرنجي، والكعك بالإضافة إلى بعض بعض الحلويات وفقًا
لموسمها، وذلك لأهلنا في مخيمات الجنوب وبيروت والشمال، بالإضافة إلى عدد من المناطق
والقرى والبلدات اللبنانية الجنوبية".
ويقع "فرن الذهبي"، والذي تأسس
عام 2003، في شارع المدارس قرب مشفى "بلسم" وسط مخيم الرشيدية، بين ما يسمى
المخيم القديم والمخيم الجديد.
يذكر أن مبنى "فرن الذهبي" قد
تعرض في العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006، لقصف إسرائيلي، كونه الوحيد الذي فتح
أبوابه في الجنوب اللبناني، وقدم منتوجاته للمقاومة اللبنانية والفلسطينية والجيش اللبناني،
في سبيل مؤازتهم ودعمهم في نضالهم ضد العدو الصهيوني.
"الآظان" يتحول إلى فرن!
ربما هي عودة إلى العصر القديم، ولكنه وفي
ظل التخوف من انقطاع مادة الخبز، لجأ جمال دحابرة، وهو صاحب محل الكترونيات، إلى مبادرة
يساعد فيها أبناء مخيمه، عبر تحويل سخان المياه والمتعارف عليه بالـ "آظان"
إلى فرن منزلي لانتاج المخبوزات والمعجنات.
وخلال حديثه مع "قدس برس"، قال
دحابرة، إنه "نظرًا لغلاء المعيشة وانقطاع التيار الكهربائي والتخوفات من نقص
مادة الطحين، لجأت إلى تحويل الأظان إلى فرنية من طبقتين".
وأردف، "أقوم بقص الآظان وتحويله إلى
فرن صغير، يعمل على الحطب أو الكهرباء، لتوضع داخله العجينة لتخبز فتتحول إلى خبز أو
منقوشة، يمكن انتاجها داخل المنزل".
وتابع دحابرة، وهو ابن مخيم عين الحلوة،
"صنعت 8 أفران منزلية منذ بداية الأزمة حتى الآن، وذلك بهدف مساعدة الناس على
انتاج حاجاتها الغذائية من خبز وعجين بنفسها، مقابل مردود مالي بسيط، إذ لا تتجاوز
تكلفته 200 ألف ليرة بين تصليح وربح مادي، فيما سعر الفرن العادي 500 ألف ليرة لبنانية".
المبادرات مستمرة
كذلك تقوم عدة جمعيات مدعومة من أصحاب الخير،
بتوزيع الوجبات اليومية على الفقراء والمحتاجين في عدد من المخيمات، من بينها نهر البارد
والبداوي وبرج البراجنة وشاتيلا.
كما سدد أحد أصحاب الأيادي الخيرة، ديون
أهالي مخيم الجليل في البقاع اللبناني، المسجلة لدى أصحاب الدكاكين، فيما قام نادي
الأمل الرياضي بإعداد برنامج دعم غذائي لطلابه وتوزيع الأغذية الضرورية عليهم، بينما
عمدت جمعيات تعنى بالزراعة إلى تشجيع أصحاب المنازل لزراعة أسطح منازلهم، خاصة في مخيمات
عين الحلوة والبرج الشمالي والرشيدية.
هذا ويعاني اللاجئون الفلسطينيون في لبنان،
من أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة، حيث قدرت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الانسان
"شاهد" معدلات الفقر المدقع داخل المجتمع الفلسطيني في لبنان بحوالي 73%،
وفقًا لإحصائيتها لعام 2020، فيما صرف الآلاف من أعمالهم بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية
أو لأسباب تتعلق بقانون العمل أو جراء تداعيات أزمة كورونا.
المصدر: محمد شهابي - قدس برس