.jpg)
الثلاثاء، 05 أيار، 2020
لم يكن طارق أبو طه على علم بمنع عودته إلى لبنان،
على متن الطائرة اللبنانية التي أجْلت اللبنانيين من دبي إلى بيروت نهار الأحد 3 أيار
الجاري. وذلك لموافاة زوجته وابنه في لبنان. هو فلسطيني مولود في لبنان، ويحمل إقامة
لبنانية، وسافر إلى دبي بحثاً عن عمل، كسائر خلق الله. لكنه لم يكن على علم بقرار صدر
حديثاً عن الأمن العام اللبناني، أثناء أزمة كورونا، يقضي بعدم السماح للفلسطينيين
من العودة إلى لبنان، على الرغم من حمله وثيقة سفر لبنانية، هي التي سمحت له أصلاً
بالسفر من بيروت إلى دبي. والأسوأ أن موظفي الأمن العام على متن الطائرة تعاملوا معه،
في مطار دبي، بعنصرية واضحة، كعادتهم في التعامل مع الفلسطينيين والسوريين.
هذه وثيقة للزعران
وروى أبو صالح ما حدث معه على صفحته الفيسبوكية،
فكتب: "حبيت خبّر شي صار معي اليوم. و يا ريت توصل الفكرة للكل: أنا شاب فلسطيني
اسمي طارق رفيق أبو طه من مواليد لبنان، وبيي خلق بلبنان، وجدي إجا ع لبنان عمرو
14 سنة، وتجوز لبنانية".
درست وتعلمت، الحمد لله، أهلي دفعو عليي دم قلبن
وحرمو حالن من كل شي، كرمال إتعلم. خلصت هندسة واشتغلت. وبعمري ما فتت بسياسة أو حزب.
كافي خيري شري. ضاقت الأمور بلبنان، وطلعت ع دبي فتش ع شغل، متل أي شخص. وعلقت هونيك
بسبب كورونا. قدمت طلب أنو أرجع ع لبنان (بلدي). وإجا اسمي على الطيارة اليوم الأحد.
حجزت وجهزت حالي، ووصلت ع المطار. قطعت الأمن
والجوازات ووصلت على الطيارة. ع الطيارة في شخصين من الأمن العام اللبناني، أخدو مني
الباسبور (الوثيقة اللبنانية - الفلسطينية الصادرة من الجمهورية اللبنانية). واحد منن
يقول لي: شو هيدا؟! قلتلو أنا فلسطيني لبناني. قال يعني بيك وأمك فلسطينيي؟ قلتلو إي.
قال لي وقاف ع جنب. وقفت ساعة، وبخلال هالساعة
كل شوي حدا ياخد الباسبور ويرجعو. موظفة على الطيارة قالت للأمن العام اللبناني:
"شو المشكلة معو وثيقة لبنانية يعني من لبنان". رد العنصر بالأمن العام اللبناني:
"هيدي للزعران". حسيت بإهانة. بعمري ما تعرضت لهيك موقف. كل عمري محبوب ومحترم
وما غلطت بحق حدا.
وقال رجل الأمن العام: أنا ما بتحمل مسؤولية يطلع
معنا عالطيارة إرهابي يمكن. رجعت المضيفة قالتلو: حرام خلي الشاب يرتاح إلو ساعة واقف.
قال روح قعود عالكرسي اللي حد الباب. دقيت لوالدي عم خبرو القصة وشو بدي إعمل يمكن
ما يسمحولي سافر. شافني شب الأمن العام وقال بكل استهزاء: ليك كمان بلش يدق تلفونات
والله الدني كلها ما بتطلعو عالطيارة. وقالولي وقاف برا. وقفت 30 دقيقة بالغبرة والرطوبة
والشمس.
على درج الطيارة قالولي: فل ممنوع تطلع. جماعة الميدل
إيست والأمن والجوازات بدبي تعاونو كتير. الحمد لله، وخلوني ارجع فوت على دبي. بس ما
فهمت إنو إذا فلسطينيي يعني أزعر!!!
إهانة وبكاء
كل الشكر للأمن والجوازات بدبي أنو تساهلو وحسو
بالظروف اللي أنا فيها بس لو ما وافقو أنو أرجع فوت ع دبي (مع العلم حقهن كرمال أنا
ختمت الباسبور خروج) شو كان صار؟ بقعد بالمطار ليفتح مطار لبنان؟ ما فهمت العنصرية
اللي عند الموظف من الأمن العام اللبناني. إبني عمرو 3 سنوات ونص ناطرني وعم يقول بابا
جاي. هلأ شو بقلو؟ بعرف أنو يمكن 99 بالمية تقريبا من اللبنانية منن هيك. بس أنا كرامتي
انهانت وبكيت حرقة، مش لانو ما رجعت (عسى ان تكرهو شيئاً وهو خير لكم) بس ليه بدي حس
حالي هلقد زغير بعيون بعض البشر او يحكم عليي من جنسيتي".
قرار الأمن العام
وكانت المُديرية العامة للأمن العام اللبناني أصدرت
تعميماً إلى طيران الشرق الأوسط (الرقم 5932/م) بتاريخ 30 نيسان يقضي بعدم السماح للأشخاص
من التابعية الفلسطينية اللاجئين في لبنان (أي إن كان اللاجئ يحمل وثيقة سفر فلسطينية
أو جواز سلطة) بالعودة إلى لبنان على متن طائرات إجلاء اللبنانيين من الخارج. ونصّ
التعميم على تعديل المقصود باللبنانيين العائدين إلى عائلة اللبناني (زوج، زوجة، أولاد)
من دون السماح بمرافقة الخدم والأشخاص من التابعية الفلسطينية اللاجئة في لبنان.
الأمن العام يوضح
وعلى اثر انتشار وقائع الحادثة، نشرت مديرية الأمن
العام تغريدات على صفحتها عبر تويتر قاذلة: "تداولت بعض مواقع التواصل الاجتماعي
معلومات عن عدم سماح ضابط من المديرية العامة للأمن العام لشخص فلسطيني لاجئ في لبنان
بالعودة على متن الطائرة التي أعادت اللبنانيين يوم أمس من مطار دبي.
يهم المديرية العامة للأمن العام أن توضح أنها تعمل
وفقاً لقرار مجلس الوزراء القاضي بعودة اللبنانيين حصراً في هذه المرحلة، على أن يصار
إلى عودة غير اللبنانيين الذين يحق لهم الدخول إلى لبنان في مراحل لاحقة.
وتؤكد المديرية أنها باشرت التحقيق مع الضابط حول
ما ورد من معلومات عن تعاطيه بطريقة غير لائقة مع الشخص صاحب العلاقة، ليصار إلى اتخاذ
الإجراءات على ضوء نتيجة التحقيق".
لجنة الحوار: قرار تمييزي
وجاء سريعاً رد فعل "لجنة الحوار اللبناني
الفلسطيني" معلنة في بيان، "انها تقوم باجراء الاتصالات اللازمة على أعلى
المستويات، لتعديل القرار الصادر عن اللجنة الوطنية لإدارة الكوارث والأزمات، بمنع
المقيمين الفلسطينيين المغتربين من العودة إلى لبنان ممن يحملون وثائق سفر صادرة عن
السلطات اللبنانية المختصة".
ورأت "أن هذا الإجراء التمييزي الذي برز خلال
الدفعة الثانية من طائرات العودة، يتناقض مع ما سبق في عملية الإجلاء الأولى، كذلك
مع كل مسار العلاقات اللبنانية الفلسطينية التي نجهد دوما لوضعها في اطارها السياسي
والاجتماعي والصحي السليم. كما أنه يتناقض مع أبسط القوانين والمواثيق الدولية والعربية
المعمول بها في التعامل مع اللاجئين الفلسطينيين وقضيتهم".
وتابعت:"وعليه، فإن اللجنة التي تعمل منذ قيامها
في العام 2005 على رعاية العلاقات اللبنانية الفلسطينية عبر الأطر السياسية والمؤسساتية
للشعبين، ومعالجة ما يطرأ بالحوار، وتجهد لصيانتها من العثرات، تسعى لضمان معاملة انسانية
لائقة مع اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان، لجهة توفر الشروط المطلوبة لعودتهم،
يقينا أن مثل هذا التوجه يصب في مصلحة الشعبين الشقيقين، ويضمن عدم انحدار لبنان نحو
ممارسات عنصرية خارجة عن شيمه وقيمه".
المصدر: المدن