الأونروا:
إجراءات للحدّ من تسجيل النازحين «الوهميين»

الأربعاء،
24 تموز، 2013
عندما
رسمت وكالة «الأونروا» حدود توقعاتها لأعداد النازحين الفلسطينيين الهاربين من سوريا،
كان الظن أن العدد سيصل إلى حدود ثمانين ألفاً أواخر العام الجاري. يومها، أثار حجم
التوقعات الخوف، وبدأت الأروقة تضج بسؤالٍ يتيم: ما العمل عندما يصل العدد إلى حدود
هذا الرقم؟ كيف ستغطي الأونروا حاجات هؤلاء؟ في حينها، كان الظن أن الأرق متأخر بعض
الشيء.
أقله
حتى أواخر هذا العام. أما وقد وصل العدد الآن إلى خمسة وثمانين ألفاً، بزيادة خمسة
آلاف على التوقعات، فربما صار الجواب عن سؤال «ما العمل؟» ملحاً. فكيف للأونروا التي
تواجه الغضبين: غضب الفلسطيني المقيم والآخر الهارب، كيف ستتعامل مع الموازنة التي
تحاول في كل مرة التذكير بأنها «مكسورة»؟
مرّ
وقت من الضياع، غيّرت بعدها الأونروا منحى سؤالها، فلم يعد مهماً الحديث عن كيفية تلبية
الاحتياجات بقدر البحث عن جواب للسؤال الطارئ: كيف خابت التوقعات؟
كان
السؤال مؤرقاً وصعباً في بداية الأمر. فالأونروا وجدت نفسها عالقة بين القانون الذي
يحتم عليها مساعدة اللاجئين بلا سؤال، وبين الشك بالزيادة غير المفهومة التي تترافق
مع عملية التوزيع.
لم
يكن أمامها الكثير من الخيارات، وخصوصاً بعدما لاحظت إدارتها أن ثمة أمراً «غير مفهوم»
يترافق مع أيام التوزيع، يقول مصدر في الوكالة. وتعريف «غير المفهوم» يأتي استنتاجه
من مكانين: «من دوائر الأمن العام التي باتت تستغرب تدفق النازحين وحركة الذهاب والإياب
ما قبل دفعة التوزيعات وما بعدها ومن تضاعف أعداد النازحين للتسجيل حصراً في الأيام
الأربعة الأخيرة التي تسبق موعد تسليم المساعدات»، يتابع. ويستشهد المصدر بـ«باصات
ما قبل التوزيعة التي تقصد مراكز المناطق في الأونروا للتسجيل قبل أيام فقط». بين الدفعة
والأخرى، صار الشك يزداد أكثر، وخصوصاً مع الاطلاع على معدل الزيادات ما قبل التوزيع
وخلاله. والزيادات بالنسبة المئوية «تتعدى حدود الـ25% خلال الموسم، فبين الدفعة الأخيرة
وما قبلها زاد عدد النازحين من 51 ألفاً إلى 62 ألفاً، أي بحدود 20%، وهو أمر يدعو
إلى الاستغراب»، يقول. وبما أن الأمر لم يعد يحتمل كثيراً من الانتظار، يلفت مصدر آخر
في الأونروا إلى أن الأخيرة بصدد إصدار تعميم على مكاتب التسجيل يمنع بموجبه تسجيل
النازحين الفلسطينيين من سوريا قبل مضي أسبوعين على وجودهم في لبنان. وتعوّل الأونروا
كثيراً على هذا التعميم الذي من المفترض أن يصدر قبل أواخر الأسبوع الجاري. فبرأي العاملين
من شأن هذا الإجراء أن «يضبط الوضع».
وكان
سبق التعميم إعلان الأونروا نيتها تزويد النازحين الفلسطينيين من سوريا ببطاقة بنكية
«ATM card» تحصر من خلالها المساعدات بمن يحملها. وقد ذكرت الأونروا أن العمل عليها
جارٍ كي تصدر قريباً.
حل
آخر إذاً، تأمل من خلاله الأونروا الوصول إلى النتيجة التي كانت قد وصلت إليها سابقاً
منظمة التحرير الفلسطينية، حيث أسهمت البطاقة في تخفيف عدد المقاتلين «من خمسة آلاف
إلى ثلاثة آلاف!».
وكان
قد سبق هذين القرارين تداول العاملين في الأونروا ومديري المناطق لبعض الصيغ التي يمكن
من خلالها ضبط أعداد النازحين، ومنها مثلاً إجبار النازح على إحضار ورقة إيجار أو ورقة
من اللجان الشعبية في المخيم الذي يقطن فيه تفيد بأنه مقيم هناك. وقد أتى ذلك النقاش
بعد تسرب الهمس المخيماتي إلى أروقة الأونروا عن أشخاص يحلون على حين غفلة في أزقتهم
في توقيت محدد، وسرعان ما يختفون. ومع الوقت، صار الهمس حكايات عن مساعدات لم تسعفها
كشوفات الأعداد في سجلات اللجان الشعبية والأونروا أيضاً.
لكن،
مع ذلك برغم كل الإجراءات التي تحاول الأونروا أخذها، فأية حلول قد تؤخذ ستبقى ناقصة
في ظل غياب التنسيق ما بين فرعي الأونروا في لبنان وسوريا، التي ردتها آن ديسمور، المديرة
العامة للأونروا في وقت سابق، إلى «ضغوط العمل» والحرب التي تعوق أعمال الوكالة هناك.
ومن شأن هذا الغياب إعطاء «النازح الوهمي فرصة الحصول على مساعدة في سوريا ولبنان».
وهذا ما يحصل تماماً، يقول المصدر. لكن، فات هؤلاء الحرصاء على أموال الدول المانحة
السؤال عن أحوال هؤلاء الهاربين من الموت وعما يدفعهم إلى عبور تلك المسافات من أجل
صندوق فيه لقمة عيش قد تكفيهم شهرهم وقد لا تكفيهم. هل سألت الأونروا نفسها عمّا يعانيه
هؤلاء المنتظرون لخبرٍ عن كرتونة إعاشة هنا أو بدل إيواء هناك؟ هل يعي هؤلاء مدى الفقر
الذي يعانيه النازحون الفلسطينيون الذين يتكبدون مخاطر جمة على المعابر والحواجز كي
يأتوا إلى لبنان؟ وكم واحداً مات في طريقه إلى هنا أو عودته إلى دياره؟ لا أحد سيعي
ما يفعله هؤلاء، إلا الهاربون أمثالهم.
المصدر:
راجانا حمية - الأخبار