«البارد»: فتوى شرعية تحرّم التعاطي مع مخبري الأجهزة الأمنية
الثلاثاء، 28 شباط، 2012
شكلت الفتوى الشرعية التي أصدرها رجال دين في مخيم نهر البارد بحرمة التعاطي مع المتعاملين "المخبرين" لدى الأجهزة الأمنية اللبنانية محطة مفصلية في تاريخ العلاقة بين أبناء المخيم والسلطات الأمنية التي تدير شؤونه منذ عودة سكانه إليه قبل نحو أربع سنوات. وطرحت سلسلة تساؤلات حول الدوافع التي أملت صدور الفتوى ومدى تأثيراتها الآنية والمستقبلية على وضع النسيج الاجتماعي في المخيم لما يمثله من خصوصية عن باقي مخيمات لبنان.
ففي خطوة مفاجأة، أصدر خطباء وأئمّة المساجد والمشايخ في المخيم فتوى دينية يحرمون بموجبها العمل لدى الأجهزة الأمنية اللبنانية كـ "مخبر"، مستندين بذلك على أدلة شرعية، وواضعين الأمر في إطار رد "الأذى الذي يطال الناس ظلماً جراء الأخبار والتقارير الكاذبة التي يقدمها المخبرون للأجهزة الأمنية". الفتوى التي تم الإعلان عنها من على منابر المساجد وجرى تعميمها بشكل واسع النطاق في المخيم، جاءت بعد مشاورات قام بها مطلقوها مع الفصائل الفلسطينية، و"اللجنة الشعبية"، وفاعليات المخيم، حيث جرى البحث في "كيفية مواجهة الظاهرة السلبية"، والحدّ من انتشارها، وتداعياتها على أبناء المخيم، مع التأكيد على الحفاظ على أمن واستقرار المخيم وعلى العلاقة الجيدة مع كافة الأجهزة الأمنية اللبنانية"، كما أكد الشيخ محمود ابو شقير، المنتدب من قبل المشايخ وخطباء المساجد إلى "اللجنة الشعبية".
وتضمنت الفتوى تحريماً مطلقاً في "المشاركة بعزاء أي من المخبرين أو بجنازاتهم، وبيعهم والشراء منهم والاقتراب من عائلاتهم ومصاهرتهم، والسلام عليهم وعدم عقد قران أي منهم أو أي من أولادهم وبناتهم، ومن يخالف هذا "فهو آثم". وبحسب بيان الخطباء، فإن الفتوى جاءت "بسبب العلاقة الأمنية والاستخباراتية القائمة في المخيم وزيادة الفتن بين الأهالي، على أن الفتوى لم تخرجهم من الدين، فهؤلاء المخبرون ما زالوا يُعتبرون مسلمين وليسوا كفاراً". وأوضح ابو شقير لـ"السفير"، أن "الفتوى كانت ملحة بسبب الأذى الذي يلحق بالناس، خصوصا أن غالبية "المخبرين" يقدّمون تقارير أمنية كاذبة بغالبيتها وتتسبّب بالضرر المباشر وغير المباشر للكثير من الأبرياء الذين غالباً ما يقعون ضحايا الافتراء والكيديّة والابتزاز الرخيص، من قبل هؤلاء الذين لا يتوانون عن فعل أي شيء لتحقيق مآربهم وغاياتهم".
وأضاف: "نحن اطلعنا قيادات الأجهزة الأمنية بما كنا نفكر به ونسعى لفعله، وهذه الخطوة لا تعني قطيعة مع الأجهزة الأمنية التي يوجد لها مراكز ومواقع في المخيم، فهناك تنسيق دائم بيننا، ولكن هي رفض لواقع سلبي لا يخدم المصلحة الفلسطينية ولا المصلحة اللبنانية". وتابع: "هناك حوادث عديدة حصلت منها ما هو معروف ومنها ما هو غير معروف، ونحن تعاطينا مع القضية بغض النظر عن التفاصيل، لأن استمرار الأمور على ما هي عليه ستؤدي إلى عواقب وخيمة وستزيد من الضغينة، وسيظلم ابرياء كثر، خصوصا أن هؤلاء المخبرين يعتمدون أساليب في ابتزاز الناس، وهذا أمر غير مقبول شرعاً"، لافتاً إلى وجود 45 ألف فلسطيني من أبناء البارد "فهل يعقل كلما أراد شخص منهم ان يحصل على جواز سفر أن نذهب نحن إلى دائرة الأمن العام كي نشهد له بسبب وجود تقرير أمني بحقه؟ وهل يعقل أن يصار إلى إيهام الناس بوجود تقارير أمنية بحقهم حتى يتم ابتزازهم مالياً؟".
المصدر: عمر إبراهيم - السفير