«البارد» يطوي المرحلة الأمنية.. بعد إلغاء نظام التصاريح
السبت، 14 تموز، 2012
طوى مخيم نهر البارد أمس، مرحلة كاملة من المعاناة الأمنية بترجمة الوعود التي قطعها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي للفصائل الفلسطينية بإلغاء نظام التصاريح المعمول به منذ انتهاء معركة «فتح الإسلام» في العام 2007.
بالأمس تنفس فلسطينيو نهر البارد ومعهم أقرانهم في مخيم البداوي وجيرانهم اللبنانيون الصعداء، وغدا بعضهم يدخل ويخرج من المخيم لمرات عدة للتأكد من أن هذا الكابوس الذي أرخى بثقلة عليهم قد زال، وقد باتت للجميع القدرة على الدخول والخروج لمجرد إبراز هويته الشخصية. هكذا بدا الحال على حواجز الجيش في المخيم التي شرعت بعد عصر أمس، أمام الراغبين بالدخول، وتحولت التصاريح بايدي الفلسطينيين إلى مجرد ذكرى مؤلمة من حرب البارد، ومنهم من يسعى إلى الاحتفاظ بها للدلالة في المستقبل إلى ظروف اللجوء المرة.
لم يعد الفلسطيني بحاجة إلى تصريح ولا اللبناني أيضاً. وبات المخيم مفتوحا أمام الجميع، في مطلب دفع أبناء البارد أثماناً غالية لتحقيقه واستدعى جهودا مضنية بذلها ميقاتي، وفريق عمله بالتعاون مع قيادة الجيش اللبناني ومديرية المخابرات، فكانت الوعود التي أطلقها ميقاتي ومن بعده رئيس «لجنة الحوار اللبناني ـ الفلسطيني» الدكتور خلدون الشريف، تجد طريقها الفوري للتنفيذ ما عزز من ثقة أبناء المخيم بالجهات الرسمية اللبنانية، بعد تجارب مخيبة مع الحكومات السابقة التي لم تتخط وعودها الحبر على الورق.
وبدأ الجيش اللبناني أمس على الحواجز التابعة له عند مداخل المخيم بالسماح للداخلين إلى البارد بدون إبراز التصاريح التي كانت معطاة لهم، الأمر الذي شكل مفاجأة سارة للكثيرين منهم وتحديدا للذين خرجوا في الصباح ولم يكونوا على علم ببدء تنفيذ الجيش للقرار السياسي.
ذلك القرار الذي كان أعطى الجيش مهلة للبدء بتنفيذه في الـ 15 من الشهر الحالي، بناء لما اتفق عليه، كان ميقاتي بدوره أكد أن تنفيذه سيبدأ قبل المهلة المعلنة. وهو ما حصل فعلا، بحسب ما أكد الشريف، الذي قال: «هذا دليل على جدية تعاطي الحكومة مع ملف البارد على وجه الخصوص، وهو مؤشر على كيفية التعاطي مع كل القضايا التي تخصّ اللاجئين في لبنان، وهو ما كنا أعلنا عنه خلال المؤتمر الصحافي في القصر الحكومي، وأكدنا أن مرحلة جديدة قد بدأت وسوف يلمس الفلسطينيون على الأرض كل ما صرحنا به، خصوصا أن هناك أمورا إيجابية اخرى حصلت لجهة إطلاق سراح كامل الموقوفين». وكان مسؤول مخابرات الجيش اللبناني في الشمال العميد عامر الحسن أبلغ قيادات الفصائل الفلسطينية بالتعميم الصادر إلى حواجز الجيش والقاضي بإلغاء نظام التصاريح ابتداء من اليوم (أمس). وبحسب المعلومات فان الجيش بدأ تدريجاً أمس، بتنفيذ قرار إلغاء نظام التصاريح، على أن يصار إلى وضع أجهزة الكمبيوتر، لاحقاً لتسجــيل أسمــاء الداخلين والخارجين.
وشدد مسؤول «حركة فتح الانتفاضة» في الشمال خليل ديب على ضرورة استكمال الجهود لطي ملف البارد، والبدء بإجراءات عملانية لرفع الظلم والغبن عن أهله، مؤكداً أن إلغاء التصاريح سيترك أثراً إيجابياً في نفوس الفلسطينيين عموماً وسيعزز الثقة بالدولة اللبنانية وأجهزتها.
من جهته، أكد أمين السر الدوري للفصائل الفلسطينية في الشمال، ومسؤول «الجبهة الديموقراطية» في الشمال أركان بدر: ان إلغاء التصاريح خطوة هامة في طريق تحقيق مطالب ابناء البارد، ونحن ننظر الى هذه الخطوة بإيجابية، ونتمنى أن تكون بداية لعلاقة جديدة ومتينة مع كل الجهات الرسمية اللبنانية وفي مقدمتها الحكومة ولجنة الحوار». بدوره، أثنى أمين السر لـ«حركة فتح» في الشمال أبو جهاد فياض على ما تحقق من انفراجات في ملف البارد، داعياً الحكومة اللبنانية إلى استكمال ما بداته، «لأن الفلسطيني لن يكون يوماً سبباً في انعدام الاستقرار في لبنان، وهو تواق إلى مد جسور التعاون مع الجهات الرسمية اللبنانية بما يحقق الغاية المنشودة».
المصدر: عمر إبراهيم - السفير