البقاع: فلسطينيو سوريا
يطالبون بوضع حد لـ «مهزلة التهميش»

الأربعاء، 13 شباط 2013
ملّت أمّ خليل من الوعود
وكثرة المراجعات في مكتب «الأونروا» في البقاع، المسؤول عن إغاثة الفلسطينيين النازحين
من سوريا، بشأن الحصول على المساعدات. واعتبرت كل ذلك مضيعة للوقت، ورأت أنه من الأفضل
لها أن تستغل ما تنفقه من مصاريف في الانتقال إلى مكتب «الأونروا» في تعلبايا، على
شراء بعض الحاجيات ومتطلبات الأطفال الضرورية. لكن المبلغ الذي تمكنت من إدخاره تبخر
في أسبوعين، «فالأسعار مرتفعة جداً في لبنان، قياساً بالسوق في سوريا، وهبوط سعر صرف
العملة السورية طيّر ما في الجيوب».
أم خليل المرأة الفلسطينية
العتيقة، التي اكتوت بنار التهجير والنزوح، عبرت عن قلقها تجاه أحفادها، الذين يعيشون
من دون تدفئة، في الصقيع، حيث لا مدفأة ولا قدرة لنا على شراء المازوت. راحت تستوقف
بعض المواطنين في ضهر الأحمر لتستدل إلى مكتب وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور،
فهو كما تسمع عنه، «أنه ابن بيت ورجال آدمي، وأملنا كبير بأن يحمل قضية النازحين الفلسطينيين،
ويحررنا من المآسي القاتلة التي نعيشها، ويضع حداً لمهزلة تعاطي بعض المؤسسات مع النازحين
الفلسطينيين، حيث الإعانات لا تصل إلى مستحقيها، وإذا تكرموا فهي بالقطارة، محذرة من
التمادي في إذلال هذه الشريحة، والتغاضي عن الاستنسابية والانتقائية والتهميش، في بعض
عمليات التوزيع، حيث التصنيف يتم على أساس أبناء الست وأبناء الجارية، وليس على أساس
الحاجة والعوز، منبهة إلى حتمية الانفجار في حال لم تصطلح الأمور».
قادت رحلة النزوح أم خليل
من مخيم اليرموك في سوريا إلى بلدة بيت لهيا قضاء راشيا، تسكن هي وأبناؤها الثلاثة
وعائلاتهم المكونة من ثمانية عشر شخصاً، في شقة سكنية واحدة مؤلفة من ثلاث غرف ومدخل.
تجزم بأنها لم تتلق أي مساعدة لا مادية ولا عينية من قبل «الأونروا» على الرغم من المراجعات
المتكررة. ولا تملك سوى بعض «المدّات» الأرضية والفرش والأغطية البالية، التي تبرع
بها بعض الجيران. تساءلت عن طبيعة الدور الذي تضطلع به «الأونروا» تجاه النازحين الفلسطينيين.
وحثت القوى الفلسطينية المسؤولة على التحرك والضغط حتى لا تفلت الأمور من عقالها، حيث
يكفي هذا الشعب عذاباً ونزوحاً وتشتتاً.
عضو اللجنة المركزية في
«الجبهة الديموقراطية»، رئيس «المركز الثقافي الفلسطيني» عبدالله كامل، الذي يتابع
قضية نزوح الفلسطينيين من سوريا منذ بدايتها، لفت إلى أن عدد العائلات الفلسطينية المسجلة
في البقاع، وفق آخر إحصاء وصل إلى حدود 2036 عائلة، منها 904 عائلات في بعلبك، والعائلات
الباقية تتوزع بين البقاعين الغربي والأوسط وراشيا. وقال: العدد يتزايد يومياً تبعاً
للتوتر الأمني المتصاعد في سوريا، مشيراً إلى أبرز المشاكل التي يعانيها النازحون وفي
مقدمها تقاسم المسكن بين عدة عائلات، حيث 65 في المئة من النازحين الفلسطينيين يبيتون
عند أقاربهم أو معارفهم، واصفاً حال المساكن بالمزرية، حيث لا تتوفر فيها الظروف الصحية
اللازمة، فضلاً عن حاجتهم إلى الأغطية والفرش، والمواد التموينية، وافتقادهم إلى التدفئة
في ظل أجواء باردة للغاية.
ولفت كامل إلى أن «الاتحاد
الأوروبي وزع حتى بعض المواد التموينية والحاجات الضرورية، بمعدل 13 مرة، مقابل توزيعة
واحدة من قبل «الأونروا»، وهي عبارة عن غالون مازوت فارغ سعة 20 ليترا، وبون ثياب بقيمة
100 ألف ليرة من محال تجارية معروفة، «لكن هذه القيمة تتدنى إلى حدود العشرين أو الثلاثين
ألف ليرة في أحسن الحالات عند التنفيذ»، ولفت إلى أنه يشتم «رائحة الفساد من هذه الصفقة».
ولفت إلى أن إحدى الجمعيات في البقاع الغربي ما زالت تكدس المساعدات التي حصلت عليها
من «المجلس النرويجي» للاجئين، في أحد مستودعاتها، بعدما نظمت احتفالية إعلامية في
جب جنين بحضور المسؤول النرويجي. وقال: «لا غرابة في موقف هذه الجمعية، النازحون يصرخون
من الحاجة ومسؤول الجمعية في غربة مقصودة». وناشد كامل كل المؤسسات المانحة أن تعالج
أمر تقديم المساعدات للنازحين الفلسطينيين نظراً لأهمية الموضوع الإنسانية ، مع أننا
نعتبر أن مرجعيتنا بهذا الأمر الأونروا، لكنها لم تحرك ساكناً، مع أن الأموال تتوفر
لها من أكثر من جهة دولية. وشدد على ضرورة أن تقوم «الأونروا» بدورها وإلا فلترفع يدها
عن القضية. وأوضح: «رفعنا سلسلة من المذكرات وقمنا بالإعتصامات أثمرت عن وعد بتقديم
125 دولارا للعائلة، و20 دولارا للفرد. لكن كامل أكد على ضرورة إعطاء النازح بدل إيجار
شهري تتراوح قيمته بين 400 و600 دولار، وتوفير مادة المازوت الى جانب حصة تموينية،
لافتاً الى ضرورة أن يتقاضى الفلسطيني المسجل في «الأونروا» في سوريا الميزانية المخصصة
له، محذراً من عدم الاستجابة لحاجات النازحين، مهدداً بالإعتصام أمام مكاتب «الأونروا»
لتحقيق مطالبهم.
وأكد كامل أن مصادر المساعدات
التي نقوم بتوزيعها، تنحصر بـ «الهلال الأحمر الإماراتي»، و«الصليب الأحمر الدولي»،
وبعض التقديمات القليلة من «تيار المستقبل». أما عن محتوى المساعدات فشملت الفرش، والبطانيات،
والحرامات، والمواد التموينية، ومواد التنظيف، والأواني المطبخية، والعوازل والشوادر.
لكن لم نستطع تلبية كل الحاجات نتيجة تدفق النازحين يومياً. ولفت إلى أن «منظمة التحرير»
عبر «اللجان الشعبية» قدمت مبلغا مقطوعا قيمته 50 دولارا، لنحو 650 عائلة. وما زلنا
ننتظر المبلغ المتبقي لاستكمال التوزيع على باقي العائلات، مشيراً إلى أنه رفع لائحة
بالأسماء إلى الجهات المعنية.
وحثت مسؤولة «جمعية النجدة
الإجتماعية الفلسطينية» سميرة أبو الفول «المفوضية الأوروبية على تسريع عملها، حيث
قدمت بونات مازوت بقيمة 80 ليترا لنحو 400 عائلة فلسطينية، على أن تقوم بذلك شهرياً،
إلا أنه مضى شهران على ذلك، من دون أن تحرك ساكناً بهذا الشأن». أما على مستوى الدولة
اللبنانية قالت: «لم نتلق أي مساعدات، باستثناء إعفائنا من ضريبة المكوث، إنما نناشد
بإلغاء ضريبة الدخول وهي بحدود 25 ألف ليرة على الفرد». وطالبت وزارة الشؤون الإجتماعية
بـ «الاهتمام ورعاية النازحين الفلسطينيين».
إلى ذلك، زار وفد من «الجبهة
الديموقراطية» برئاسة علي فيصل سفيرة الاتحاد الأوروبي أنجلينا إيخهورست، وعرض معها
لأوضاع الفلسطينيين النازحين من مخيمات سوريا، وتفاقم أوضاعهم الإنسانية بسبب عدم تلبية
حاجاتهم الأساسية، واقتصار تقديمات «الأونروا» على مساعدات جزئية.
المصدر: شوقي الحاج –
السفير