التوتير الامني في عين الحلوة: أبعد من
ثأر... رسائل في كل الاتجاهات

الجمعة، 23 كانون الأول، 2016
فيما كانت الحكومة اللبنانية برئاسة سعد
الحريري تستعد لالتقاط "الصورة التذكارية" في القصر الرئاسي في بعبدا بعد
ثلاثة ايام على ولادتها، وتعقد جلستها الاولى برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، كان
الوضع الامني في عين الحلوة يؤرق المسؤولين اللبنانيين والفلسطينيين على حد سواء، بعدما
انفجر في اعقاب اغتيال الناشط الاسلامي في "عصبة الانصار الاسلامية" سامر
حميد الملقب "نجمة" والذي أسفر ايضا عن سقوط قتيلين هما "محمود عبد
الكريم صالح، وأحمد ابو اليمن" وستة جرحى.
ووصفت مصادر فلسطينية عبر "النشرة"،
جريمة الاغتيال بأنها غير برئية، اذ حملت رسائل عدة الى الداخل الفلسطيني والخارج اللبناني،
وان جاء عنوانها "الثأر الفردي" على خلفية اتهام "نجمة" بقتل أحد
"الفتحاويين" سابقا، الا ان توقيتها طرح اكثر من علامة سؤال، بعد سلسلة من
الاحداث المتنقلة في ارجاء المخيّم تنوعت بين القاء قنابل يدوية واطلاق نار عشوائي،
ما يضع القوى الفلسطينية امام المحك لجهة ضبطه والنجاح في تطبيق الخطة الأمنية الجديدة
التي تحاكي الهواجس اللبنانية.
اضعاف "فتح"
في القراءة الاولية لعملية الاغتيال هذه،
ترى مصادر فلسطينية عبر "النشرة"، انها جاءت اولا لتقطع الطريق على الانعكاسات
الايجابية لنتائج المؤتمر السابع لحركة "فتح" الذي عقد في رام الله"
منذ اسابيع، حيث عاد المسؤولون الفلسطينيون بتصميم اقوى على تفعيل دور حركة "فتح"
وتثبيت قوة حضورها في مختلف المخيمات وخاصة عين الحلوة على اعتباره مركز القرار والثقل
السياسي، وقد بدأت تترجم ذلك بالاستعدادات لاحياء الذكرى السنوية لانطلاقتها والتي
تستمر عادة اكثر من عشرة ايام من نهاية العام حتى الاسبوع الاول من العام الجديد، حيث
ان التوتير الامني سيمنعها من اقامة هذه الاحتفالات باطمئنان ويدفعها الى تقليصها تجنبا
لأي استهداف او توتير.
التيار الاصلاحي
وتؤكد المصادر، ان جريمة الاغتيال جاءت
ثانيا، لتقطع الطريق على اي حراك جديد لـ "التيار الاصلاحي الديمقراطي" في
حركة "فتح" الذي يقوده في لبنان العميد محمود عبد الحميد عيسى "اللينو"
الموالي للعميد المفصول من حركة فتح محمد دحلان، بعد قرار ضمني بتصعيد التحركات الاحتجاجية
ضد الحركة ورئيسها محمود عباس "ابو مازن" على خلفية انعقاد المؤتمر السابع
واستبعاد انصاره من المشاركة فيه، والتأثير في قراراته، وتاليا التحضير لعقد مؤتمرات
"مشابهة" في مصر والاردن في الاشهر الاولى من العام 2017، وقد ترجم
"التيار الاصلاحي الديمقراطي" تحركاته منذ ايام بسلسلة اعتصامات في بعض المخيمات،
احتجاجا على الاعتداء على نواب من المجلس التشريعي وسط وعيد بعدم السكوت مجددا.
"أنصار الله"
وترى المصادر نفسها، انها تأتي ثالثا لقطع
الطريق على عزم الامين العام لحركة "انصار الله" جمال سليمان من العودة الى
مخيم عين الحلوة والاقامة داخله، ما يضعف نفوذ بعض القوى الموجودة فيه اسلامية منها
او وطنية امام تمدد الحركة، وذلك بعد زيارة قام بها منذ ايام على خلفية محاولة ضبط
الوضع الامني في اعقاب تعرض احد مقرات الحركة عدة مرات الى القاء قنابل ليلية، وبعد
الحادث الامني في مخيم المية ومية والذي أودى بحياة الاخوين نبيل ومعين عبد الرحمن،
ومحاولة اتهام "انصار الله" بالوقوف وراءه وهو ما نفته اللجنة الامنية الفلسطينية
العليا التي اعتبرت ان حادثة المية ومية هي إشكالية فردية استدعت تدخل القوة الأمنية
مما أدى إلى مقتل الأخوين عبد الرحمن وليس لـ"أنصار الله" علاقة مباشرة بهذه
القضية.
الخطة الامنية
ووفق المصادر، فان رابع هذه القراءات، انها
جاءت لافشال جهود القوى الفلسطينية في وضع خطة أمنية لتحصين الأمن والاستقرار داخل
المخيم، ومع الجوار اللبناني، اذ ثمة اطراف متضررة من ضبط الامن ويهمها ان تظهر القوى
الفلسطينية انها عاجزة عن القيام بمسؤولياتها والتزاماتها ومحاولة خلط اوراق المخيم
السياسية والمحافظة على معادلته الامنية السائدة "الامن بالتراضي" كحفاظ
على وجودها وبقائها وقطع الطريق على مزيد من توثيق التعاون والتنسيق مع الجيش ووقف
ملفّ تسليم المطلوبين لأنفسهم.
احراج فلسطيني
واكثر من ذلك، فان القوى الفلسطينية وجدت
نفسها على المحك وامام تحدٍّ جديد، امام جمهورها الفلسطيني ومحرجة امام القوى السياسية
اللبنانية التي اخذت عليها عدم تحمل مسؤولياتها كاملة او حزمها في التصدي للتحديات
الامنية، واعتبار هذا العبث يؤثر سلبا على صورة المخيم، التي تعمل على إخراجها من دائرة
التصويب الأمني، وعلى المساعي التي تبذل لتنظيم العلاقة وتفعيل الحوار بين مرجعيات
المخيم والسلطات الأمنية اللبنانية، ويفتح المجال أمام المصطادين في الماء العكر والعنصريين
للتصويب على المخيم وكل الحلول المطروحة.
المصدر: النشرة