القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

الجليل إذ يغدو يرموكاً

الجليل إذ يغدو يرموكاً
 

فرج أبو شقرا- مخيم الجليل

المطر ينهمر بغزارة في الخارج، والسماء تلقي ببعض الثلج كي تغطي ببياضه بعض السواد الذي يلف المشهد، أما في الداخل فقد جلست على سرير بسيط تحني رأسها على رجليها لكن للأسف فقد خانتها دموعها بتنهمر بغزارة تحاكي ذاك المشهد في الخارج، حاولت أن تخفي ألمها بالواقع الذي حل بهم فما استطاعت الى ذلك سبيلاً وما وجدت إلا أن احتضنت أطفالها الثلاثة بين ذراعيها كي تخفي عن أعينهم صفحة تأمل أن لا تطول. ذاك مشهد بسيط لعائلة فلسطينية نازحة من اليرموك الى الجليل، ليس لها أقارب أو أصدقاء ولا تعرف أحداً إلا أنها قصدت المخيم الأقرب لليرموك، فتلقفتها أيدي رحيمة من جمعية الإصلاح الإسلامية التي تجهز غرفاً بسيطة تحاكي الإمكانيات البسيطة لمخيم الجليل. حاولت التحدث مع العائلة فكان الجواب دموعاً غزيرة علها كانت أبلغ جواباً وأبلغ خطاباً من أي كلام.

٦٥٠ عائلة فلسطينية نزحت من سوريا عموماً ومخيم اليرموك بالتحديد منذ اندلاع الثورة السورية، قصدوا مخيم الجليل، المخيم الصغير القابع شرق لبنان، لم يعد صغيراً فالصغير يكبر، فأن يستقبل المخيم عدداً موازياً لعدد سكانه بل ويتعداه فذلك يعني أن الجليل قد تكرس بجلاله وأضاف إليه يرموك.

٦عائلات نازحة "٢٤شخص" تتكدس في غرفة واحدة لا تتجاوز ٩م٢، رجال، نساء و أطفال يعيشون في تلك الغرفة. ترددت كثيراً قبل أن أدخل فهل يا ترى أجد مكاناً لقدمي لأقف بينهم؟ بدا علي التعجب من المشهد لكن ما لبثت أن سارعت للاستفسار عن أوضاعهم، فكان الرد من رب إحدى العائلات "وضعنا كما ترى... ٢٤ شخص في غرفة لا يوجد مسكن نأوي إليه، لا مساعدات إلا ما ندر، لا تعليم، لا ولا ولا والأعظم أنه لا خصوصية لأية عائلة" رجل آخر قاطعه "لم نعش النكبة عام ١٩٤٨ لكننا اليوم نعيشها بأنفسنا" طفل كان صامتاً ومتأملاً فقلت له ماذا تريد؟ بدي أرجع على المخيم وألعب بالحارة بدي أشوف جدي وستي وخالتي" ببرائته الطفولية رد مجاوباً.

لجنة المتابعة التي تشكلت من اللجان الشعبية في مخيمات لبنان لم تقدم أي شئ، بل طلبت من اللجان أن تسعى لتحصيل احتياجاتها بأنفسها علماً أن امكانيات اللجان الشعبية في المخيم هي معدومة بالكامل، لم يكن أمام هذه اللجان الا ان تطرق باب المنظمات الدولية كالصليب الأحمر والجمعيات الخيرية والإغاثية لتأمين بعض مواد الإغاثة، الأمر الذي دفع أمين سر اللجان ليقول "تحولنا كلجان شعبية الى متسولين إلا أننا سنستمر في ظل تقصير الأونروا"

تحديات كبيرة ومستقبل قريب مجهول يواجه النازحين واللاجئين في الجليل على حد سواء، فالسماء قد ألقت بخيرها مطراً وثلجاً في ظل طقس قارس البرد، مما مزج الاحتياجات فلم يعد بالمكان ترتيبها أولوياً، فمن المأوى إلى المأكل إلي التدفئة إلى الملبس إلى الفراش إلى التعليم وإلى وإلى وإلى ... الأمر الذي يجعل أي معونة إن لم تكن ضمن عملية إغاثة طارئة ومنظمة ترعاها الأونروا بشكل أساس كونها المسؤول الأول عن إغاثة اللاجئين الفلسطينيين فإنها لن تأتي أوكلها.