الجيش يفرج عن معظم موقوفي مخيم نهر البارد
الإثنين، 25 حزيران، 2012
تتجه أزمة مخيم نهر البارد نحو مزيد من الانفراجات، في ظل الاتصالات السياسية القائمة على أعلى المستويات، والبوادر الإيجابية من الجيش اللبناني، التي ترجمت أمس بالإفراج عن معظم الموقوفين بالأحداث الأخيرة، استكمالاً لخطوات مشابهة قام بها الجيش في إطار المساعي المبذولة للتخفيف من حدة الاحتقان الناتجة عن الحالة العسكرية المفروضة منذ العام 2007، والتي تأزمت بعد المواجهات الأخيرة التي أدت إلى سقوط قتلى وجرحى. وكشفت مصادر الفصائل الفلسطينية لـ «السفير» أن ملف البارد «بات اليوم بين يدي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي من المفترض أن يعرضه على مجلس الوزراء، لإصدار مرسوم بإلغاء الحالة العسكرية، يكون بمثابة غطاء سياسي لخطوات الجيش». وأوضحت المصادر أن «هناك رهانا على الدور الذي سيلعبه ميقاتي في معالجة ملف البارد، بدءا بإلغاء الحالة العسكرية، وصولاً إلى تعيين مسؤول جديد للملف بعد استقالة السفير عبد المجيد قصير، مروراً بملف إعادة الإعمار وعودة النازحين».
وكانت المحكمة العسكرية أفرجت عن معظم الأشخاص الذين تم توقيفهم بداية الإشكال الأمني في البارد، باستثناء شخصين يجري العمل للإفراج عنهما، الأمر الذي لقي ترحيباً من قيادة الفصائل وارتياحا في أوساط أبناء مخيمي البداوي والبارد الذين واصلوا تحركاتهم الحضارية للمطالبة بالمزيد من الخطوات الإيجابية. وشهد مخيم البارد تراجعا ملحوظا في طبيعة الإجراءات الأمنية التي يقوم بها الجيش عند مداخله. وغابت عن شوارعه الرئيسية والداخلية الدوريات العسكرية، في وقت تتواصل فيه النشاطات السياسية والفنية داخل خيمة الاعتصام التي كان أبناء البارد وضعوها قبل نحو عشرة أيام، للمطالبة بإلغاء الحالة العسكرية وإطلاق سراح الموقوفين وإلغاء نظام التصاريح.
وكان المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، التقى وفداً من مشايخ وفاعليات ومسؤولي الروابط الإسلامية في مخيم نهر البارد. وكانت مناسبة لاستعراض الوضع العام في المخيم بعد الأحداث الأخيرة، وفي ضوء الاتصالات والمعالجات الجارية لإيجاد الحلول اللازمة لمنع تكرار ما حصل. وأبدى الوفد تقديره الكبير للجهود التي يقوم بها إبراهيم في ذلك الإطار وعلى كل المستويات.
وساهمت خطوات الجيش في تخفيف حدة الاحتقان على نحو كبير، ولم يسجل خلال الأيام الماضية حصول أي احتكاكات أو أعمال اعتراض داخل مخيم البارد، الذي واصل أبناؤه حياتهم المعتادة والأمل يحدوهم بعودة الأمور إلى طبيعتها بعد فتح المخيم على جواره اللبناني. وأكد مسؤول «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة» رامز مصطفى أن هناك «رهانا على ميقاتي لإنهاء أزمة البارد أقله في جانبها الأمني، باعتباره متابعا ومتفهما لهذه القضية»، مشيراً إلى اجتماع للفصائل «مفترض أن يعقد مع ميقاتي قريبا، وأن دور ميقاتي في هذا الظرف مهم جدا، لكونه قادرا على نقل الملف إلى طاولة مجلس الوزراء وتأمين قرار سياسي بإنهاء الحالة العسكرية»، ولفت الى «أننا لا نريد إلغاء الحالة العسكرية غدا، فذلك يحتاج إلى ترتيبات، لكن فلنضع خارطة طريق ونعمل على تنفيذها».
ذلك الارتياح في البارد انسحب على مخيم البداوي، الذي أعلن تضامنه مع مخيم البارد عبر إقامة خيمة اعتصام مشابهة، وتنفيذ سلسلة نشاطات تضامنية، كان آخرها المسيرة التي نظمتها قيادة فصائل المقاومة الفلسطينية واللجان الشعبية، وجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني في الشمال. وتميزت بالانضباط ورفعت خلالها أعلام فلسطين، ولافتات كتب عليها «لاجئون لحين العودة الى فلسطين»، «نعم لاجئون لكن من حقنا أن نعيش بكرامة». وانتهت بتشكيل سلاسل بشرية عند مدخل مخيم البداوي الشمالي، تحدث خلالها عضو قيادة «حركة فتح» في الشمال خالد غنيم، مؤكداً دعم مطالب أبناء البارد، معتبراً أن «الحراك السلمي هو أفضل تعبير عن حضارة ورقي الشعب الفلسطيني، والمدخل الأساس لتحقيق المطالب المحقة لأهالي البارد وعموم شعبنا الفلسطيني في لبنان». كما تحدث مسؤول «الجبهة الشعبية» في لبنان مروان عبد العال فرأى «أن الحراك خطوة إيجابية ومدخل صحيح لتحقيق ما يريده أهالي مخيم نهر البارد، وإن تأخرت هذه المطالب ولكن أن تأتي متأخرة خير من ألا تأتي أبداً». وأضاف: «المطلوب قرار سياسي من الحكومة اللبنانية، بينما نحن نلمس غياباً على أكثر من مستوى، والمفترض متابعة الأمر كملف سياسي متعلّق بالوجود الفلسطيني، ونحن بحاجة إلى موقف رسمي سياسي لبناني هو الذي يشكل المدخل اللائق والعقلاني لاستيعاب الأمر، فلا يمكن ان تتحدث عن ساحات الحرية وكرامات الناس وكرامة الشعوب العربية ولديك شعب فلسطيني في ظروف صعبة».
وزار خيمة الاعتصام في مخيم البارد وفد قيادي من «حركة فتح ـ الانفتاضة». وأثنى مسؤول الحركة في الشمال خليل ديب، على خطوات الجيش اللبناني وعلى تفهم أبناء البارد خطورة الوضع، مؤكداً أن «ما قام به الجيش من خطوات ساهم إلى حد كبير في نزع الفتيل وقطع الطريق أمام من كانوا يحاولون استغلال الأحداث»، موضحاً أن «هناك تجاوبا من أبناء البارد مع الفصائل، وهذا ما كان ليحصل لولا التعاون والتنسيق بين الفصائل والجيش، الذي نعتبره إلى جانبنا في خندق واحد».
وعلى صعيد متصل، وتحت شعار «إلغاء سياسة القهر والحرمان .. تحصين للعلاقات الفلسطينية اللبنانية وضمان لأمن المخيمات»، عقدت «الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين» مؤتمراً وطنياً تضامناً مع مخيم نهر البارد، ودعماً لإقرار الحقوق الانسانية في «قاعة الشهيدة نبيلة برير في مخيم مار الياس»، بحضور حشد من ممثلي الأحزاب والفصائل واللجان الشعبية، وأبناء واتحادات نقابية لبنانية وفلسطينية، ووفد من مخيم نهر البارد، وأبناء مخيمات بيروت.
المصدر: السفير