الديار: مخيم عين الحلوة يتطلع الى التخلص
من باقي «الارهابيين»

الأربعاء، 19 آب، 2015
على الرغم من الضجة الكبيرة التي ينعم بها ملف توقيف
الإرهابي أحمد الأسير على المستوى اللبناني، يبدو أن مخيم عين الحلوة هو أكثر المستفيدين
من هذه النهاية التي تم التوصل إليها، لحالة كان من الممكن أن تشكل عامل تفجير لأوضاعه
في أي لحظة، لا سيما بعد أن إرتبط به منذ إنتهاء معركة عبرا الشهيرة.
توقيف الأسير، لا يعني بالنسبة إلى الكثير من المتابعين
أن الخطر زال بشكل كامل عن المخيم، لكنه يشكل رسالة قوية إلى كل المطلوبين الذين يتخذون
منه مقراً لهم، ومن المفترض أن يساهم إلى حد بعيد في إنهاء بعض الخلايا التي كانت مرتبطة
به بشكل مباشر.
في هذا السياق، لا تخفي مصادر فلسطينية مطلعة، سعادتها
بتوقيف الأسير، بالرغم من تأكيدها بأن هذا الملف شأن لبناني داخلي بالدرجة الأولى،
وتجدد التأكيد على المواقف السابقة الجازمة بأن المخيمات لن تكون إلا عامل إستقرار
مساعد في البلاد، على عكس «الشائعات» الكثيرة التي تطاوله بين الحين والآخر، والتي
ترى أن بعضها يخرج من «غرف سوداء» هدفها الإساءة إلى الوجود الفلسطيني في لبنان، لا
سيما أن هناك مخططاً كبيراً يعمل من أجل إنهاء حق العودة عبر ضرب مخيمات الشتات في
دول المنطقة.
وتشير هذه المصادر إلى أن الأجهزة الأمنية اللبنانية
تعلم أن أغلب الفصائل الوطنية والإسلامية في المخيمات متعاونة إلى أقصى الحدود معها،
لا سيما أن الهدف مشترك هو حفظ الأمن ومنع العابثين من اللعب به، وتلفت إلى أن اليقظة
مطلوبة نظراً إلى أن الخطر كبير جداً، خصوصاً أن تجربة مخيم نهر البارد لا تزال حاضرة
في الأذهان، إلا أنها تدعو إلى عدم تحميل عين الحلوة كل مشاكل لبنان والمنطقة، وتعتبر
أنه في الفترة الأخيرة كان المخيم يستقبل الأزمات اللبنانية لا العكس، الأمر الذي ضاعف
من المسؤوليات.
وفي حين تبدو الأسئلة الكبيرة التي تطرح على بساط
البحث، في الوقت الراهن، متعلقة بالأسباب التي حالت دون توقيفه خلال فترة تواريه عن
الأنظار في المخيم، تشدد المصادر نفسها على أن السؤال الذي يجب أن يطرح هو حول كيفية
دخول وخروجه من عين الحلوة أكثر من مرة، وترى أن البداية يجب أن تكون من خلال البحث
في كيفية هروبه من بلدة عبرا خلال المعارك، وتضيف: «إذا كان المطلوب الأبرز على الساحة
اللبنانية يتمتع بالقدرة على التنقل بين صيدا وطرابلس وعرسال بكل حرية، لا يجب أن يكون
التركيز على كيفية دخوله إلى المخيم فقط، خصوصاً أن هذا الأمر فيه من الظلم الكثير،
لا سيما أن الجميع يعلم أن هناك مناطق هي خارج السيطرة يستخدمها المطلوبون إلى العدالة
بشكل دائم».
وتؤكد المصادر الفلسطينية المطلعة أن الأسير حالة
لبنانية خاصة، عمل على بناء بيئة حاضنة له داخل عين الحلوة منذ ما قبل معركة عبرا،
إلا أنه فشل في هذا المخطط، وتلفت إلى أن قرار خروجه من المخيم دليل على أنه لم يكن
يحظى بغطاء من قبل أي جهة وطنية أو إسلامية فاعلة، إلا أنها تشدد على أن هذا لا يعني
أن ليس هناك من أفراد كانوا متعاطفين معه، لا بل مجموعات أيضاً من بقايا تنظيمي فتح
الإسلام وجند الشام، لكنها توضح أن هذا لا يعني أن هناك فئات شعبية تماهت معه، وتوضح
أن تلك المجموعات نفسها لا تحظى بأي تعاطف معها، لا بل هي متهمة من قبل أبناء عين الحلوة
بالعمل على توتير الأوضاع الداخلية والإساءة إلى العلاقة مع الجوار اللبناني.
وعلى الرغم من الأجواء الإيجابية التي تطغى على الأوضاع
في مدينة صيدا، والمخيم على وجه الخصوص، في هذه الأيام، لا سيما أنها لم تشهد أي تحرك
وازن بعد عملية توقيف الإرهابي الأسير في مطار بيروت الدولي خلال عملية فراره إلى نيجيريا
عبر مصر، تشير مصادر فلسطينية أخرى، إلى أن هذا لا يعني أن الأوضاع أصبحت على خير ما
يرام، لا سيما أن قيام بعض الخلايا النائمة بردة فعل في المستقبل أمر وارد، في حين
هي عاجزة عن التحرك العادي في هذه المرحلة نظراً إلى تشديد الإجراءات الأمنية، بالإضافة
إلى ذلك تعتبر هذه المصادر أن هذا الإنجاز النوعي، الذي يسجل لجهاز الأمن العام اللبناني،
لا يعني إنتهاء أزمات المخيم المتعددة.
على هذا الصعيد، تكشف المصادر نفسها أن بعض الأفراد
حاولوا التحرك بعد عملية التوقيف مباشرة، إلا أنهم أبلغوا بشكل صارم أن توتير الأوضاع
غير مسموح به، وتشدد على أن العناصر المرتبطين به قرروا سريعاً الإلتحاق بالجماعات
المتطرفة المعروفة داخل عين الحلوة من أجل تأمين الحماية لهم، وتلفت إلى أن المسؤولية
الآن هي على عاتق الأجهزة الفلسطينية المعنية من أجل متابعة الأوضاع، خصوصاً أن الحفاظ
على أمن المخيم هو مصلحة أساسية لها.
وفي حين تشير هذه المصادر إلى العديد من الأزمات
التي يعاني منها أبناء المخيم، أبرزها على الصعد الإقتصادية والإجتماعية والصحية، تجزم
بأن الخطر الأمني لا ينبع من بقايا عناصر جماعة الأسير الإرهابية الذين لجأوا إلى عين
الحلوة بعد أحداث عبرا، بل في تلك الجماعات الموجودة أصلاً في المخيم، إلا أنها توضح
أن الأمور لن تعود إلى الوراء بأي شكل من الأشكال، لا سيما أن قضية إغتيال قائد «كتيبة
شهداء الأقصى» العقيد طلال الأردني لم تنته بعد، وبالتالي التعامل العقلاني الحريص
على المدنيين لا يعني بأي شكل من الأشكال السماح بتجاوز الخطوط الحمراء أو تعريض أمن
المخيم والجوار لأي خطر، وتضيف: «نحن أيضاً في معركة مع الإرهاب، لكن نعمل بهدوء تام
لحماية الإستقرار وحفاظاً على الأرواح قبل أي شيء آخر، ونتطلع إلى التخلص من جميع الإرهابيين
بأسرع وقت ممكن».
المصدر: الديار