«السلاح» يهدّد بتعطيل «حوار الإثنين»
السبت، 23 حزيران، 2012
سجلت الساعات الماضية اتساعا ملحوظا في دائرة الانفراج الأمني في المخيمات الفلسطينية بعدما نجحت القيادتان اللبنانية والفلسطينية في إخراجها من دائرة التوتر، وفي الاتفاق على الانتقال الى مستوى آخر من العلاقة، عنوانه تخفيف الإجراءات المتخذة من قبل الجيش، ولا سيما في محيط مخيم نهر البارد.
وفيما التقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون في البرازيل، على هامش مؤتمر الامم المتحدة للتنمية المستدامة في مدينة ريو دي جانيرو، شهدت الساحة الداخلية انفراجا مسيحيا بين البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي وموارنة «قوى الرابع عشر من آذار»، بعد مرحلة شاب فيها العلاقة بين الطرفين كثير من التوتر والالتباس، وبخاصة بعد المواقف التي اتخذها البطريرك الماروني من الوضع في سوريا وسلاح المقاومة. في حين بدأ رئيس «تكتل الاصلاح والتغيير» النائب ميشال عون زيارة لزحلة تستمر ثلاثة ايام، وأطلق من هناك «صرخة للتوحد حول المبادئ والقيم المشتركة لنكون سدا منيعا في وجه ما هو غير طبيعي في القرن الحادي والعشرين».
وعبرت مصادر بكركي عن ارتياحها للأجواء التي سادت اللقاء مع وفد «14 آذار»، مؤكدة ان بابها مفتوح لكل رعيتها، وطاولتها مفتوحة للنقاش حول الامور كافة وبكل حرية، «فاللقاء كان جيدا، ومناسبة للتشديد مجددا على ان البطريرك الماروني ليس لطرف، كما حاول ان يصوره البعض بل هو للجميع، يتفاعل مع الآراء وينفتح على كل الطروحات التي تصب في خدمة المصلحة اللبنانية، وكذلك مصلحة الكنيسة. وقد شدد البطريرك الراعي على عنوان الشركة والمحبة، وعدم تظهير الخلافات، إن حصلت، من الداخل الى الخارج، والأهم هو الغاء لغة التخاطب عبر الاعلام».
وقالت مصادر مشاركة في لقاء البطريرك الراعي ووفد موارنة «14 آذار» لـ«السفير»، إن اللقاء «شكل نهاية لحقبة شابها نوع من الغموض وسوء التفاهم، وهذا ما تم تبديده وتوضيحه في اللقاء بشيء من العتاب على الماضي، وبداية لحقبة جديدة من العلاقة الإيجابية والثابتة التي ستتمظهر في الآتي من الايام، بمزيد من تأكيد الثوابت الوطنية».
وأشارت مصادر وفد موارنة «14 آذار» الى انه ركز في طرحه على المرحلة المقبلة، والتطورات المحتملة فيها، «بخاصة اننا امام استحقاقين قريبين، الاول هو انهيار النظام السوري، وهذا
يفرض علينا كمسيحيين الا نعطي أي انطباع يظهرنا وكأننا نقف مع الظالم ضد المظلوم، والثاني زيارة البابا بنيدكت الى لبنان في ايلول المقبل، التي توجب تصحيح الوضع المسيحي وتحصينه، وللبطريرك الماروني الدور الاساس في هذا المجال حيث يستطيع ان يشكل شبكة امان في البلد، للبنانيين عامة، وللمسيحيين والموارنة خاصة. بخاصة ان القلق ليس آنيا فحسب بل هو قلق مستقبلي ايضا».
اضافت المصادر ان المجتمعين استعرضوا الوضع في سوريا، وتداعياته على لبنان، وكذلك الواقع السياسي العام، والاعباء الداخلية على كل المستويات، لافتة الى ان البطريرك اكد رؤيته بالنسبة الى الوضع السياسي، مشددا في هذا المجال على ان الدستور اللبناني هو المرجعية للجميع، وليس أي شيء آخر.
ولفتت المصادر الى ان النائبة ستريدا جعجع طرحت في اللقاء فكرة إدراج كل الافكار والطروحات التي عرضت في اللقاء مع البطريرك الراعي ضمن مذكرة تقدم له قريبا، فتم الاتفاق على ذلك، على ان يتم تقديم المذكرة في اجتماع مماثل يعقد في بكركي خلال ايام.
ويأتي لقاء بكركي على مسافة ثلاثة ايام من الجولة الثانية من الحوار الوطني المقرر انعقادها في القصر الجمهوري في بعبدا الاثنين المقبل.
وفيما بات مؤكدا ان الجولة الثانية ستعقد بالوجوه ذاتها التي شاركت في الجولة الأولى، في غياب رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع، الذي ما يزال يعتبر ان لا جدوى من الحوار، فإن الاجواء الرئاسية تعكس توجها لدى رئيس الجمهورية ميشال سليمان للانتقال بالحوار الى مرحلة اكثر انتاجية وهو ما ابلغه الى العديد من اطراف طاولة الحوار في الايام القليلة الماضية، ومعنى ذلك الدخول مباشرة في جدول الاعمال، كما حدده رئيس الجمهورية، بمناقشة موضوع الاستراتيجية الدفاعية، وكذلك موضوع سلاح المقاومة وكيفية الإفادة منه إيجابا للدفاع عن لبنان، والبحث في كيفية استعماله ومتى وأين؟ وكذلك السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وكيفية إنهائه، والسلاح الفلسطيني داخل المخيمات وكيفية معالجته، ونزع السلاح المنتشر داخل المدن وخارجها.
ويبدو ان «قوى الرابع عشر من آذار» قررت الذهاب الى حوار الاثنين، تحت عنوان وحيد هو البحث في موضوع السلاح، وتحديدا سلاح المقاومة. وقالت اوساط كتلة تيار المستقبل لـ«السفير»: «نحن ذاهبون لطرح موضوع السلاح حصرا، وأي خروج عن بند السلاح وعدم مقاربته في جولة الاثنين يعطي تأكيدا واضحا ان لا جدوى من الجلوس على طاولة الحوار، وبالتالي سيكون هناك موقف لقوى الرابع عشر من آذار». ولم تحدد الاوساط ماهية الموقف الاعتراضي، الا ان مصادر الامانة العامة لـ«قوى 14 آذار» لم تستبعد الذهاب الى خطوات كبيرة، في حال لم يطرح بند السلاح، ولا سيما قرار المقاطعة.
في المقابل قال رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد لـ«السفير»: «نحن مقبلون على الحوار بكل إيجابية، من اجل معالجة ما نختلف حوله، وتطبيق ما اتفقنا عليه. وإذا كانت هناك اولويات يفرضها التوتر القائم في بعض المناطق، فبحث الاولويات لا يتعارض مع انفتاحنا الكامل لبحث الاستراتيجية الدفاعية، ونأمل ان يكون، لدى الاطراف الاخرى، ايجابية مقابلة تسمح للحوار بأن يخرج بنتائج تصب في مصلحة البلاد».
المصدر: السفير